بعد غارات الضاحية.. الجيش يسجّل نقطة في مرمى العدو؟!
على هامش الغارات الإسرائيلية الاخيرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، عشيّة عيد الأضحى المبارك، تسلطت الاضواء على الجيش بالخطوة التي أقدم عليها، والتي وُصِفت بالجريئة، وذلك حين توجّهت دورياته إلى عدد من المواقع التي حدّدتها إسرائيل في "إنذار الإخلاء" من أجل الكشف عليها، في محاولة لردع العدوان ومنع الاستهداف، وفضح "النوايا الحقيقية" للعدوّ، بدليل عدم تجاوبه مع تحرّك الجيش، وإصراره على القصف.
في اليوم التالي، فُتِح النقاش السياسي في الداخل حول الخطوة، التي تزامنت أيضًا مع خطاب "حازم" من رئيسي الجمهورية والحكومة جوزاف عون ونواف سلام، فيما أصدرت قيادة الجيش بيانًا اعتُبِر عالي السقف، تضمّن تلويحًا بإمكانية تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، بسبب إمعان العدو الإسرائيلي في خرق اتفاقية وقف الأعمال العدائية ورفضه التجاوب مع اللجنة المذكورة، وهو ما اعتبر البيان أنّه إضعاف لدور اللجنة والجيش.
ولعلّ خطوة الجيش أعادت الاعتبار إلى لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية التي نصّ عليها اتفاق وقف إطلاق النار المبرم نهاية العام الماضي، والتي تضمّ لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وقوة الأمم المتحدة الموقتة في
جنوب لبنان (يونيفيل)، علمًا أنّ "الترجمة" جاءت الأحد مع الكشف الميداني من قبل الجيش على مبنى مدمّر في منطقة المريجة في الضاحية، بناءً على طلب اللجنة، بعد مزاعم إسرائيلية بوجود أسلحة ومعدات عسكرية فيه.
أهمية خطوة الجيش
في المبدأ، لا شكّ أنّ الخطوة التي أقدمت عليها قيادة الجيش يوم الخميس، تزامنًا مع التهديدات وأوامر الإخلاء الإسرائيلية، كانت استثنائية ومهمّة، بل لعلّها شكّلت "نقطة تحوّل" في مسار الحرب خلال مرحلة ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار، باعتبار أنّ الجيش أعاد من خلالها الاعتبار لما يُعرَف اصطلاحًا بالميكانيزم، أو آلية وقف إطلاق النار واللجنة المشرفة على تطبيقه، والتي تصبح بلا جدوى، طالما أنّ إسرائيل تخرق الاتفاق من دون حسيب أو رقيب.
من هنا، فإنّ التصرف الذي أقدم عليه الجيش جاء في صالح تأكيد التزام لبنان بما يتوجّب عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، ليس فقط لأنّ كلّ الخروقات شبه اليومية تأتي من الجانب الإسرائيلي، وسط صمت عالمي مريب، ولكن أيضًا لأنّ لبنان هو الذي يلتزم بالعودة إلى لجنة وقف الأعمال العدائية، في حين أنّ إسرائيل تهدّد وتقصف بناءً على مزاعم، ومن دون الرجوع إلى اللجنة المعنيّة، ما يتيح للجيش بالكشف على أيّ مواقع مشتبه بها.
أكثر من ذلك، فإنّ أهمية خطوة الجيش برأي كثيرين تكمن في أنّها فضحت "بروباغندا" العدو، الذي لم يتجاوب مع مبادرة المؤسسة العسكرية إلى الكشف على المواقع التي أنذرها بالإخلاء، بل إنّه سارع إلى شنّ الغارات التحذيرية مع دخول الجيش إلى جزءٍ منها، وهو ما أكّد المؤكّد، لجهة أنّ "وظيفة" الغارات على الضاحية لم تكن عمليًا التصدّي لأيّ خطر "وجودي" كما تدّعي إسرائيل، بل كانت سياسية، في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت.
ماذا بعد تلويح الجيش؟
في البيان الذي أصدره بعد الغارات على الضاحية، قال الجيش إنّه "يستمر في أداء مهماته المعقدة لبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها، وضمان أمن لبنان واللبنانيين، انطلاقًا من واجبه الوطني المقدس الذي يبقى أولوية مطلقة مهما اشتدت الصعوبات"، كما لوّح بإمكانية تجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، بنتيجة تجربة الغارات غير المشجّعة، فما الذي يعنيه ذلك عمليًا؟
حتى الآن، يقول العارفون إنّ لا تغيير فعليًا سيطرأ، باعتبار أنّ الخطوة التي أقدم عليها الجيش يوم الخميس، كما البيان الذي أصدره يوم الجمعة، حقّقا الغاية المرجوّة منهما، بعيدًا عن بعض الانتقادات، أو بالحدّ الأدنى التحفّظات التي صدرت في الداخل على فحوى البيان، باعتبار أنّ القرار بتجميد التعاون مع لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار هو قرار سياسي، لا يمكن أن يتّخذه الجيش، بل إنّ الحكومة هي المعنيّة به في المقام الأول.
وقد يكون الكشف على موقع في المريجة يوم الأحد، بعد مزاعم إسرائيلية بوجود منشآت عسكرية فيه، يأتي ليكمّل هذا السياق، ولو أنّه ليس الأول من نوعه، باعتبار أنّ الجيش ينفّذ المداهمات منذ أشهر، تنفيدًا لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنّه لا يعني أنّ إسرائيل ستوقف اعتداءاتها وخروقاتها تلقائيًا، حيث يرى كثيرون أنّ استهداف الضاحية وغيرها سيتجدّد كلما أرادت تل أبيب توجيه رسالة سياسية ما، أو تحقيق هدف في حربها النفسية ضد "حزب الله".
في اللحظة التي تمّ فيها توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، حاولت إسرائيل منح نفسها "امتيازات"، فمنحت نفسها ما سمّته "حرية حركة" للردّ على ما تعتبره "مصادر تهديد" مع كلّ ما يمكن أن تحويه هذه الكلمة من "استنسابية". هكذا، ضربت إسرائيل بعرض الحائط الاتفاق وآلية تنفيذه واللجنة المشرفة على تطبيقه، فهل تعيد خطوة الجيش الأخيرة شيئًا من الاعتبار لهذه اللجنة الحاضرة الغائبة؟!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|