المنحة الهزيلة والعاصفة الهوجاء...
بقلم العميد المتقاعد دانيال الحداد
ما إن أقرّ مجلس الوزراء المنحة الهزيلة للعسكريين في الخدمة والتقاعد، حتى انهالت السهام من كلّ حدب وصوب على هذا القرار تحت ذرائع مختلفة، والغريب أن يشارك فيها أولئك الذين ما انفكوا يتغنون بالجيش وتضحيات جنوده، حتى أصبح الموضوع مادة تسويقية، اعلامية، شعبوية وسياسية، وذات أهداف رخيصة وضيقة لا تخفى على أحد.
لذا بات من الضروري توضيح الحقائق الآتية:
أولاً: أن المنحة الاجتماعية التي أقرّها مجلس الوزراء ليست زيادة جديدة مخصصة للعسكريين حصراً، بل هي تعويض بسيط لهم، تتراوح قيمته بين ١٠ ٪ و٣٠٪، من بدلي الانتاجية والمثابرة اللذين اعطيا من الحكومة السابقة لجميع موظفي القطاع العام في الخدمة باستثناء عسكريي الخدمة، وبالتالي اصبحت رواتب هؤلاء العسكريين هي الأدنى على الإطلاق، كما أصبحت الفجوة بين رواتب موظفي الخدمة ومعاشات المتقاعدين على اختلاف قطاعاتهم كبيرة جداً وتصل الى ٦٠ ٪، بشكل مخالف لقانون الدفاع الوطني ونظام التقاعد والصرف من الخدمة اللذين حددا الفجوة بـ ١٥ ٪.
ثانياً: إنّ من حقّ الموظفين المدنيين المتقاعدين الحصول على المنحة أسوة بالعسكريين المتقاعدين لردم جزء من الفجوة المذكورة أعلاه، لكن لا علاقة لتجمع العسكريين المتقاعدين إطلاقاً بهذا الموضوع، لأنه يقع ضمن مسؤوليات الحكومة، مع لفت النظر الى أن هذا التجمع طالب في جميع لقاءاته مع المسؤولين بشمول هذه المنحة جميع المتقاعدين على قدم المساواة، وكان حري بروابط الموظفين المدنيين أن يدافعوا عن حقوق من يمثلون، لا التهجم على التجمّع وخصوصاً العمداء الذين ساووا أنفسهم بالعسكريين المتقاعدين على اختلاف رتبهم، بهدف انصاف ذوي الدخل المحدود منهم.
ثالثاً: إن مسؤولية تحقيق العدالة والمساواة بين الموظفين وتأمين الأموال اللازمة لذلك، تقع على عاتق الحكومة التي لديها جميع المعطيات والمعلومات، والعسكريون بطبيعة الحال يقفون إلى جانب المواطنين من ذوي الدخل المحدود في عدم إرهاقهم بالضرائب والرسوم الإضافية بصرف النظر عن نوعها وحجمها، وضرورة تحصيل الأموال من مكامن الهدر والفساد قبل أيّ شيء آخر.
في الخلاصة، ظُلم العسكريون ثلاث مرات: الأولى عندما حرموا من بدلي الانتاجية والمثابرة التي اعطيت لسواهم، والثانية، عندما جاءت المنحة هزيلة ،والثالثة، بتأليب المواطنين ضدهم على ضريبة المحروقات، والأمر نفسه ينسحب على جميع المتقاعدين ، عسكريين ومدنيين.
ختاماً، أياً تكن المبررات والذرائع، لا تستأهل منحة متواضعة، هذه العاصفة الهوجاء التي أطلقت في وجه جنود ميامين أوفياء، هم ما تبقى من بصيص أمل لهذا الوطن التائه المعذّب.....
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|