مغامرة قد تخلط الأوراق في المنطقة... لبنان ضمن حسابات الصفقة؟
مع تقدم المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، والإعلان عن قرب التوصل إلى اتفاق، فإن انعكاس هذا الأمر على وضع المنطقة ليس بتفصيل بسيط، لا سيما مع تصعيد إسرائيل من لهجة التهديدات بتوجيه ضربة إلى إيران قد تعيد خلط الأوراق.
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن "عجلة المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني قد انطلقت بالفعل، وبوتيرة تفوق السرعة المتوسطة، غير أن تحديد موعد نهائي أو نهج حاسم يُعدّ نوعًا من المغامرة، نظرًا لحساسية المشهد وتشعّب المسارات".
ويوضح شومان أن "المعطيات الحالية تُشير إلى اتجاه تفاوضي نحو صيغة حل وسط، خصوصًا فيما يتعلق بنسبة تخصيب اليورانيوم في إيران، مع إمكانية أن يُصار إلى إخراج المواد المخصبة من إيران أو نقلها إلى دولة ثالثة". وأضاف: "أعتقد أن هناك عُقدًا، لكنها قابلة للحل، وأبرز هذه العقد تتصل بمستوى التخصيب، إذ يجري الحديث عن العودة إلى النسبة التي نصّ عليها اتفاق 2015، أي 3.67%، وهي نسبة تخضع للرقابة الدولية وضمن معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ويشير إلى أن "هذه العودة ستبتعد بشكل كبير عن النسبة التي أعلنتها طهران مؤخرًا، وهي 60%، والتي شكّلت موضع خلاف حاد، وخلقت حالة من التجاذب السياسي والإعلامي بين إيران من جهة، والولايات المتحدة والوكالة الدولية من جهة أخرى"، معتبرًا أن "العودة إلى نسبة 3.67% تشكل حلاً وسطًا متوازنًا بين الطرفين".
وعن احتمال لجوء إسرائيل إلى توجيه ضربة استباقية لمنع الوصول إلى اتفاق، لا يستبعد شومان هذا الاحتمال كليًا، رغم أن فرصه لا تزال ضعيفة، لافتًا إلى ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز من معلومات بهذا الخصوص، لكن مكتب نتنياهو نفى، وكذلك فعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي أكد أنه لا علم له بذلك".
لكنه يرى أنه "في حال قرّر نتنياهو فعليًا تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران، فإن ذلك قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة جدًا، إذ قد يُفهم الأمر على أنه خروج عن القرار الأميركي بشأن صياغة استراتيجية شاملة للشرق الأوسط، وقد يُفسَّر كمحاولة لدفع الولايات المتحدة نحو حرب لا ترغب بها".
لكن رغم اعتباره أن مثل هذه الضربة تبدو أقرب إلى الجنون السياسي، فإنه يرى أنها تبقى ضمن الاحتمالات الممكنة في ظل الحسابات الشخصية والسياسية لنتنياهو، خصوصًا إذا كان هدفه خلط الأوراق الإقليمية والداخلية.
ويؤكد شومان أن "التباين بين نتنياهو والإدارات الأميركية، سواء في عهد ترامب أو بايدن، آخذ في التوسع"، موضحًا أن الخلاف حول آلية التعامل مع الملف النووي الإيراني ليس تفصيلاً، بل هو جوهري، وهناك نقاط أخرى تشي باتساع الفجوة بين الطرفين.
ويعطي أمثلة على ذلك: ففي سوريا مثلاً، هناك اختلاف كبير في المقاربة، فنتنياهو يسعى إلى فرض مقاربته الخاصة، بينما الولايات المتحدة لديها رؤية مختلفة حول الحل الإقليمي.
كذلك، يلفت إلى أن "التحرك الأميركي تجاه حماس شكّل نقطة تباين ثانية، إذ لم يكن نتنياهو على علم أو في وارد الموافقة على فتح قنوات تواصل غير مباشرة مع الحركة، في وقت قررت فيه واشنطن السير في هذا المسار، بمعزل عن الموقف الإسرائيلي".
أما ثالثة النقاط، بحسب شومان، فهي القرار الأميركي بوقف القصف على اليمن، قائلاً: "نتنياهو علم بذلك فقط من خلال البيان الرسمي الأميركي، ما يدلّ على تغييب واضح له عن بعض دوائر القرار أو على تراجع في التنسيق الاستراتيجي".
ويعتقد أنه في حال قرر نتنياهو "ركوب رأسه" وذهب منفردًا باتجاه ضربة ضد إيران، فإن ذلك لن يُعقّد المشهد فقط، بل سيعمّق الخلاف مع واشنطن، وربما يُحدث تصدّعًا في العلاقة بين تل أبيب والعاصمة الأميركية، ويجرّ المنطقة إلى فوضى جديدة لا مصلحة لأحد فيها".
ويوضح شومان أن "الولايات المتحدة حاولت، منذ عام 2015، الربط بين البرنامج النووي الإيراني والحضور الإقليمي لطهران، لكن الموقف الإيراني ظلّ ثابتًا لجهة فصل الملف النووي عن الملفات الإقليمية الأخرى، وهو ما أعاد الأمور إلى مسارها الأصلي، أي التركيز على البُعد التقني البحت للبرنامج النووي".
ويشير إلى أن "الاتفاق بين واشنطن وطهران، في حال وُقِّع، سيكون له أثر مريح على مجمل المنطقة من حيث خفض مستوى التوترات، لكنه في المقابل لا يعني بالضرورة أن المشاكل والتحديات في دول المنطقة، ومن ضمنها لبنان، ستزول تلقائيًا".
وفي هذا السياق، يشدّد شومان على أن "الملف اللبناني يتمتع بخصوصية تامة، وله ديناميكيته وعوامله الذاتية المختلفة عن السياقات الإقليمية والدولية، وبالتالي، لا يمكن افتراض أن التفاهم النووي الإيراني ـ الأميركي سيُحدث تلقائيًا تحولًا نوعيًا في الأزمة اللبنانية أو يفتح باب الحلول".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|