محليات

بين سقف الداخل وضغوط الخارج… عون يتريث في ملفّ السّلاح

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يتعامل رئيس الجمهورية جوزاف عون مع ملف سلاح "حزب الله" بحذر محسوب، متجنّباً الاصطدام المباشر من دون أن يلتزم الصمت. فالتصعيد الذي يظهر في خطابه السياسي، خصوصاً لجهة التشديد على حصرية السلاح بيد الدولة، يعبّر عن سعي لالتقاط إشارات الخارج ومجاراة الضغوط الدولية، مع الحرص على عدم تفجير التوازنات الداخلية الهشّة.

في المقابل، لا يقطع "حزب الله" شعرة التواصل مع عون، بل يتعامل مع موقفه بمرونة نسبية . إذ ترى مصادر سياسية مقرّبة من "الحزب"، أن الرئيس يحاذر ضمن هامش واضح، محاولاً تجنّب الكلفة المرتفعة لأي تصعيد داخلي، خصوصاً في ظل غياب أدوات فعلية للتنفيذ.

وتؤكد المصادر أن رئيس الجمهورية، رغم اقترابه في خطابه من المواقف الغربية المطالِبة بحصر السلاح، الا أنه يدرك جيداً أن هذا الملف يتجاوز قدرة الدولة منفردة، ويحتاج إلى توافقات محلية وإقليمية غير متوفرة حالياً. وبناءً عليه، يتّخذ الخطاب الرئاسي طابعاً دفاعياً يهدف إلى الحدّ من الضغوط الخارجية، من دون إنتاج أي خطوات عملية على الأرض.

من الواضح أنّ الملف بمجمله محكوم بحسابات تتجاوز الساحة اللبنانية، وهو ما يدفع عون الى ممارسة ما يشبه إدارة الأزمة لا محاولة حلّها. ولعلّ النموذج الأقرب إلى هذه الحالة، يتمثّل في تجربة السلاح داخل المخيمات الفلسطينية؛ فعلى الرغم من وجود قرارات رسمية سابقة تدعو إلى ضبطه، إلا أنّ التنفيذ بقي معطّلاً، نتيجة واقع سياسي - أمني لا يسمح للجيش بدخول هذه المخيمات، حيث بقيت هذه المناطق خارج سلطة الدولة، محكومة بميزان الفصائل لا بسيادة القانون، فيما لم تنجح زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة في تحقيق اختراق يُذكر، نتيجة ضعف تأثيره خارج إطار "حركة فتح". مع ذلك، تمّ الاتفاق على تشكيل لجنة لبنانية - فلسطينية مشتركة لوضع خطة تنفيذية يُفترض أن تبدأ منتصف حزيران 2025، في خطوة تُطرح للمرة الأولى ضمن إطار زمني واضح، وقد تشكّل اختباراً فعلياً لنيّة الطرفين في تحريك الملف نحو التنفيذ.

غير أن هذا المسار، رغم جدّيته المعلنة، لا يزال محاطاً بكثير من الأسئلة. فنجاحه يتوقف على مدى تجاوب الفصائل داخل المخيمات، ومدى توفر الضمانات الأمنية والسياسية التي تتيح نزع السلاح دون خلق فراغ أمني أو صدام داخلي. كما أن أي فشل في التطبيق، وفق المصادر، قد يرتدّ سلباً على صورة الدولة اللبنانية ويقوّض صدقيتها أمام المجتمع الدولي.

من هذا المنطلق، لا يمكن التعامل مع زيارة عباس كحدث هامشي، خصوصاً إذا ما تمّ الالتزام بالجدول الزمني المعلن، وبدأ التنفيذ الفعلي في حزيران، عندها فقط يمكن الحديث عن تحوّل ملموس في واحد من أكثر الملفات حساسية في الداخل اللبناني.

في هذا الإطار، يتحرك عون ضمن استراتيجية تقوم على احتواء الضغوط الدولية وعدم مقايضتها بتفجير داخلي. وتفيد مصادر دبلوماسية مطّلعة بأن الرئيس يتجنّب اتخاذ خطوات تنفيذية في ظلّ غياب تفاهم داخلي واضح، معتبراً أن أي مواجهة مفتوحة مع "الحزب" قد تفتح الباب أمام انهيار أمني أو حتى تفكّك في

مؤسسات الدولة.

غير أن هذه المقاربة لم تعد تُرضي بعض العواصم الغربية والخليجية، التي باتت تطالب بترجمة الخطابات السياسية إلى خطوات ملموسة. وبحسب المصادر، فإنّ الضغوط بدأت تتزايد خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، في ظل إصرار أميركي على ألا يبقى لبنان الرسمي أسير واقع عسكري خارج سيطرته.

في هذا السياق، يبدو أن الرهان الرئاسي يذهب نحو كسب الوقت لا الحسم، وتحقيق توازن دقيق بين الضغط الخارجي والتعقيد الداخلي. فالرئيس لا يخوض معركة نزع السلاح، بل يناور ضمن حدود الممكن، مدركاً أن المواجهة لم تحِن لحظتها بعد، وأن القرار الفعلي يُصاغ خارج بيروت. من هنا، يبدو أنه يرفع السقف السياسي بقدر ما يتيحه الظرف، لا بهدف كسره، بل لإعادة ضبطه وفق شروط لبنانية تجنّب البلاد كلفة الانهيار. 


ايناس كريمة -"لبنان 24"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا