قوى "التغيير" مأزومة شعبيًا.. أيّ خطاب كفيل باستنهاض جمهورها؟
أظهرت نتائج الانتخابات البلدية في كل المحافظات اللبنانية دون استثناء ان قوى "التغيير" والمجتمع المدني تعيش أزمة حقيقية تكاد تكون وجودية. فبعدما شكّلت الانتخابات البلدية عام 2016 وبالتحديد في العاصمة بيروت أول خروج للجو التغييري الى العلن فصبّ نحو 30 الف صوت للائحة "بيروت مدينتي"، أتت الارقام التي أفرزتها الصناديق هذا العام اكثر من مخيبة بحيث لم يتجاوز عدد الاصوات الذي صبّ للائحتها ال8 آلاف.
ولم يقتصر هذا التقهقر على بيروت بحيث شمل ايضا كل المدن والبلدات التي خاضت فيها هذه القوى معارك انتخابية بوجه الاحزاب، ما يطرح اكثر من علامة استفهام عن اسباب وصول الحالة التغييرية التي أمل فيها كثيرون الى الحالة التي وصلت اليها.
ويقر احد نواب التغيير بالخسارات التي تلقوها بهذا الاستحقاق، ويعتبر ان الخسارة الكبرى كانت في بيروت، لافتا في حديث لـ "الديار" الى ان "التشتت والانقسام الذي ساد صفوف نواب "التغيير" كان له اثر سلبي جدا في البيئة المؤيدة لهذا الخيار، لكن لا يجب ان نتجاوز العناوين الطائفية التي عادت احزاب السلطة لترفعها سواء في العاصمة محتجة بالدفاع عن المناصفة او في باقي المناطق حيث نسج الاخصام تحالفات مصلحية للاطاحة بأي لوائح وشخصيات لا تدور بفلكها".
ويرى الناشط السياسي المحامي انطوان نصرالله ان "مشاركة قوى "التغيير" في الانتخابات البلدية في بيروت أتت متأخرة جدا ومن دون استعدادات جدية وفي ظل انقسام كبير بينها، بالمقابل كان هناك شد عصب طائفي في بيروت من قبل الاحزاب وغياب لشد العصب الانمائي الذي كان يفترض ان تلجأ اليه قوى التغيير التي اعتمدت خطابا سطحيا غير مدروس لم يقنع الناخبين".
ويعتبر نصرالله في حديث لـ "الديار" ان "هذه القوى لم تنجح في تكوين حالة شعبية لان هناك اشخاصا سيطروا عليها وعلى صورتها ولم يكونوا مثالا يُحتذى"، مضيفا:"هم باتوا حقيقة اليوم امام مأزق حقيقي، ما يفرض عليهم بلورة خطاب واضح المعالم يلحظ اهدافا محددة وبخاصة ان حزب لله يؤدي راهنا دورا خطرا بالفرز الطائفي والمذهبي الذي يؤثر سلبا لا شك في الحالة التغييرية".
ولن يكون من السهل على هذه القوى تبني رؤية وخطاب جديد بخاصة ان عنوان التغيير الذي رفعته طوال السنوات الماضية لم يعد جذابا بعدما تحول امرا واقعا مع انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للبلاد ونواف سلام رئيسا للحكومة وهو الذي اعتبر القسم الاكبر من نواب "التغيير" انه كانت لهم اليد الطولى في ايصاله الى السراي الحكومي. ولعل الاجدى اليوم لهذه القوى تقديم نفسها كحالة داعمة للعهد الجديد فتكون هي نواة كتلة "العهد" النيابية التي ستكبر في الانتخابات المقبلة، علما انه حتى الساعة لم يتضح ما اذا كان الرئيس عون يطمح ويريد تكوين كتلة مماثلة.
لكن هذا السيناريو يبدو طموحا جدا في ظل الانقسام المتواصل في صفوف التغييريين، وتدقيق عدد منهم في جدوى ترشحه من جديد مع تراجع حظوظ عودته الى الندوة البرلمانية.
اذا عِبَر وخلاصات كثيرة انتهت اليها الانتخابات البلدية سيحاول "التغييريون" التدقيق فيها قبل حسم توجهاتهم المقبلة... مع علمهم بأن معركتهم في ايار المقبل ستكون وجودية فاما يرسخون حالتهم ووجودهم او يتلاشون.
بولا مراد- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|