رجّي : لا تطبيع مع إسرائيل قبل السلام .. "حصر السلاح" هو الحل
أخطأ حزب الله في بيروت
النقاش في ملف الانتخابات البلدية لا يمكن أن يكون معزولاً عمّا يحصل في كل ملفات لبنان. وبمعزل عن «صغائر» بعض القوى السياسية، فإن جهة كحزب الله لن تتصرّف مع أي استحقاق بمعزل عمّا خلّفته الحرب الإسرائيلية على لبنان، سيما أن الحرب مستمرة ولو بوتيرة وأساليب مختلفة.
ومن دون الغوص في تفاصيل كثيرة، يمكن الاستنتاج سريعاً بأن الحزب منشغل بقوة في عملية إعادة تنظيم أموره على كل المستويات. والدرس الأهم الذي يتعلّمه الجميع من الحرب أنه ليس هناك، على الإطلاق، ما يوجب الحديث عن الورشة القائمة في الحزب ومؤسّساته.
صحيح أن ورشة بهذا الحجم، ووسط الضغوط القائمة، قد تدفع الحزب إلى الابتعاد قدر المستطاع عن المشكلات الداخلية، وتجنّب كل خيار يمكن أن يقوده إلى أحد الأفخاخ المنصوبة له داخلياً، سيما أنه يعلم علم اليقين أن العدو نفسه، ومعه الولايات المتحدة ودول عربية، وجهات لبنانية، يريدون جرّ الحزب إلى مواجهة داخلية، من النوع الذي كان مطلوباً خلال الحرب.
لكنّ تصفير المشاكل يمكن أن يحصل بطرق مختلفة. والأهم أن على الحزب الذي يجري مراجعة لسياسات وأدوات عمل، أن يدرك أن التغيير لا يمكن أن يقتصر على عنوان واحد. ومثلما يشعر الحزب بالحاجة إلى تسويات جدّية وفعلية مع أهل السلطة الجديدة في لبنان، وهو غير راغب في الدخول في أي مواجهة مع السلطات الرسمية ولا مع عواصم في المنطقة، إلا أن التغيير لا يمكن أن يكون له معنى مستدام، ما لم يتصل بالعلاقة مع الجمهور.
وفي هذه النقطة، بدا واضحاً أن حزب الله لجأ إلى استراتيجية قائمة على فكرة أن التعديل الأساسي يرتبط بالحفاظ على النفوذ والتماسك في بيئته اللصيقة، أي في الدائرة الشيعية، وهو ما دفعه إلى تثبيت تحالفه مع حركة أمل وفق القواعد التي كانت قائمة قبل الحرب، ثم باللجوء إلى توسيع هامش التسويات في القرى والبلدات للوصول إلى أشكال مختلفة من التزكية، سواء تلك التي تلغي الحاجة إلى انتخابات، أو تمنع المعركة عند إجراء الانتخابات. وفي هذا السياق، يمكن القول إن نتائج الانتخابات التي خاضها الحزب في كل من جبل لبنان والشمال والبقاع وبيروت أدّت وظيفتها لناحية تحقيق هذا القدر من النتائج. لا بل ظهر واضحاً أن جمهور المقاومة في كل هذه المناطق، حافظ على حضوره وقدراته، ومنع تسلّل أصحاب الرأي المعادي للمقاومة إلى مواقع النفوذ، لا بل أظهرهم في موقع ضعيف أكثر مما كانوا عليه قبل الحرب.
خارج الصحن الشيعي، يصبح النقاش مختلفاً. فعملية تصفير المشاكل لا توجب، بالضرورة، حصرها بالقوى النافذة. بمعنى أن الحزب يعرف أن خصومه الداخليين هم في حقيقة الأمر من النوع الخبيث الذي لن يدخل في هدنة مع المقاومة تحت أي ظرف، ليس لأنه غبي سياسياً، بل لأن آلية عمله المرتبطة بالأجندة الأميركية – السعودية، تمنع عليه اختيار الوحدة والسلم الأهلي. ولذلك، لم يكن أمراً عابراً أن يحرص هؤلاء، من الذين امتنع الحزب عن مواجهتهم، أو اضطر إلى التحالف معهم، أن يعمدوا إلى التبرّؤ علناً من العلاقة معه، وإلى التصريح بعد إقفال صناديق الاقتراع بأنهم لم يتحالفوا ولم يتعاونوا مع الحزب، وهم في حقيقة الأمر، لا يحملون له جميلاً.
لا بل يتوقّع أن يكونوا أكثر شراسة في المواجهة المقبلة، خصوصاً في الانتخابات النيابية. وسيكون من المستحيل عقد تحالفات معهم في الاستحقاق المُنتظر بعد سنة من الآن.
وإذا كان صحيحاً أن الوصاية الأميركية – السعودية وجدت نفسها مضطرّة إلى السير في ائتلاف «بيروت بتجمعنا»، فالسبب يعود إلى كون «أزلام الوصاية» شعروا بخوف حقيقي من عدم الفوز بالانتخابات. عدا أن أطراف الوصاية نفسها، وضعت الشروط تلو الشروط، ليكون شكل المجلس البلدي على غير الصورة التي تعكس طبيعة الائتلاف الذي قام، ما يسمح لفريق «القوات اللبنانية» بالادّعاء بأنه الأقوى في العاصمة، أو يسمح لفؤاد مخزومي بالاحتفال لأنه بات يشرف على رئيس البلدية في العاصمة.
ببساطة، كان على حزب الله في بيروت أن يقف على الحياد، وإذا كان صعباً عليه التحالف مع لائحة محمود الجمل، فهو يعرف أنه قبل بتعويض النقص في الصوت السنّي بصوته الشيعي، وفي هذا رسالة سيئة لغالبية شعبية في بيروت، علماً أن الآخرين لم ولن يتلقّوا رسالته. عدا أن الحزب كان بمقدوره مع اللائحة الأقرب إلى الناس، تحقيق التوازن والمناصفة.
هي أخطاء قد لا يراها الحزب على هذا النحو، لكنّ تصفير المشاكل يجب أن يكون مع الجمهور أولاً، وله دوره في إعادة الاعتبار إلى فكرة أن حزب الله معنيّ فعلياً بالإصلاح والتغيير ثانياً. وإذا كان هناك من يعتقد بأن نتائج الانتخابات البلدية في بيروت، قد حالت دون إثارة موضوع تقسيم العاصمة، فإن جهة مثل حزب الله، يجب أن تكون معنية، بأن يصار إلى طرح برنامج توسيع العاصمة، لتشمل قسماً من الضواحي المرتبطة بها، كما خوض معركة جعل التصويت، أقلّه في الانتخابات البلدية، حقاً لدافعي الضريبة من الذين يعيشون في هذا الإطار الإداري.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|