محليات

سلام: نعمل لاستراتيجية وطنية موحدة لتعزيز التحكيم الدولي في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

انطلقت النسخة الاولى من مؤتمر "ايام بيروت للتحكيم"، في "بيت المحامي"، بدعوة من مركز التحكيم اللبناني والدولي في نقابة المحامين في بيروت liac - bba ، وبالتعاون مع وزارة العدل، ويستمر يومي 21و22 أيار، بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، الرئيس ميشال سليمان، ممثل الرئيس أمين الجميل جوزف نهرا، وزيري العدل المحامي عادل نصار والاعلام المحامي بول مرقص، النواب: ملحم خلف، جورج عقيص، نديم الجميل، جورج اسطفان، رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، نقيبي المحامين في بيروت فادي مصري وفي طرابلس سامي الحسن، شخصيات ديبلوماسية وقضائية ومحامين ومحكمين ومراكز تحكيم من الأردن وتركيا ومصر والإمارات والسعودية وقطر والكويت.

شاهين

استهل الافتتاح بالنشيد الوطني، فكلمة رئيس مركز التحكيم اللبناني والدولي في نقابة المحامين في بيروت المحامي البروفسور نجيب الحاج شاهين، الذي رأى ان هذا الحدث "ليس مؤتمرا قانونيا جديدا انما هو خطوة حاسمة لاعادة تثبيت بيروت كمركز اقليمي في مجال التحكيم وتسوية النزاعات". وقال: "من خلال فعاليات بيروت للتحكيم نحن نؤكد على ان بيروت تستعيد مكانتها بوصفها منصة إقليميّة رائدة في التحكيم وتوسعية النزاعات">

اضاف: "هذه النسخة تطرح ثلاثة أسئلة: السؤال الأول ما هي أيام بيروت للتحكيم، يجمع هذه الفعاليات تواصل مشتركة واضحة، توقيت محدد برنامج مكثف وغاية واحدة وهي ترسيخ المدينة المضيفة كنقطة ارتكاز في رزنامة التحكيم العالمية. ان فعاليات بيروت للتحكيم تندرج ضمن فعاليات هذه الحركة العالمية إلا أنها تتميز بثلاث خصوصيات، الخصوصية الأولى هي أن فعاليات أيام بيروت التحكيم منظمة من مركز التحكيم اللبناني والدولي في نقابة المحامين في بيروت، الخصوصية الثانية انه تعقد فعاليات بثلاث لغات حية عربية فرنسية وإنكليزية بما يعكس خصوصية النظام القانوني اللبناني، الخصوصية الثالثة ان هذه الفعاليات تشكل ردا مباشرا على اعمق أزمة اقتصادية واجتماعية عرفتها بيروت وعرفها لبنان".

وتابع: "إن رسالتنا هي إعادة الثقة ببيروت عبر سيادة القانون. إن التحكيم يشهد توسعا عالميا سريعا، وأصبح اليوم شريكا تكميليا للقضاء ويلعب دورين أساسيين، أولا التحكيم يخفف الضغط عن المحاكم ويسرع إنفاذ العدالة من دون الإضرار بدورها الأساسي. ثانيا كان التحكيم رائدا في تبني ممارسات حديثة مثل الجلسات بعد، وإدارة الأدلة إلكترونيا. اضاف:" اما لماذا بيروت؟ فلانها تضم شبكة من افضل المحكمين المحترفين والقضاة المتخصصين في التحكيم الذين ساهموا بفعالية في بناء قاعدة فقهية حديثة وتسعى أيام بيروت للتحكيم إلى انشاء منصة تتيح له تبادل الأفكار ومناقشة الخبرات والرؤيه القانونية".

وأوضح ان هذا الحدث "يهدف إلى اشراك جيل جديد من المحامين والقضاة اللبنانيين عبر ورش عمل وجلسات تعريفة لتعريفهم بأساسيات التحكيم وتدريبهم".

وأشار الى أنه "من المتوقع استقبال اكثر من 1000 مشترك من أربعين دولة، اكثر من 60 متحدثا من خبراء تحكيم ودعم أكثر من 40 منظمة، وذلك إلى جانب دعم أكاديمي من جامعات لبنانية".

نصار

بدوره، شكر شكر وزير العدل الرئيس سلام على مشاركته في هذه الندوة التي "تهدف عمليا الى وضع لبنان في قلب النشاط التحكيمي الذي يتطور في العالم حيث أن لبنان يمتلك جميع المقومات اللازمة للعب دور اساسي في هذا المجال، إن كان على الصعيد الوطني أو على صعيد المنطقة وحتى عالميا".

وقال: "إن المركز اللبناني والدولي للتحكيم ونقابة المحامين يلعبان دورا جوهريا في سياسة تطوير التحكيم وعلينا كوزارة عدل أن نساهم في تفعيل التحكيم والتعاون معهما، لكن لن أطيل عليكم الكلام حيث يتضمن برنامجكم مداولات عديدة وبصورة خاصة كلمة رئيسية يلقيها دولة الرئيس الدكتور نواف سلام والتي بحد ذاتها تشكل دعما لنقابة المحامين وللمركز بصورة خاصة وكذلك للتحكيم كوسيلة بديلة لحل النزاعات".

أضاف: "إن عدم الإطالة لا يعني الإحجام عن التعبير عن بعض الافكار أو الملاحظات التي لا بد لي كوزير للعدل متمسك بأهمية التحكيم ان أعرضها على المشاركين، طالما أننا نؤمن بمبدأ التشارك في العمل الذي جرى اعتماده في مشروع قانون استقلالية القضاء.

1- الملاحظة الأولى:

حتى ولو كان التحكيم وسيلة بديلة عن القضاء لحل النزاعات، فما من تنافس بين القضاء والتحكيم بل تعاون بينهما وخدمة مشتركة لهدف مشترك وهو إحقاق الحق. فلا تنافس مثلا بين الطائرة والسيارة وكلاهما وسيلتا نقل.

التحكيم يبقى بحاجة للقضاء طالما أنه يعود للقضاء مؤازرة التحكيم في تشكيل هيئة التحكيم أو حل مسائل اعتراضية خلال الإجراءات التحكيمية أو للرقابة على القرارات التحكيمية. فإذا كان المطلوب التعاون بين القاضي والمحكم، لا بد من خلق بيئة حاضنة للتحكيم لدى القضاة، وإنني على يقين أن هذه المسألة وكيفية تحقيقها ستكون مدار بحث في المؤتمر.

2- الملاحظة الثانية:

نجاح لبنان في لعب دور محوري في مجال التحكيم يتطلب تفانيا وخروجا عن العمل الفردي لاعتماد العمل التشاركي. لبنان لا يفتقر على الإطلاق للطاقات البشرية والعلم في مجال التحكيم بل هو يتمتع بعدد كبير من الطاقات داخليا وخارجيا ولديه مراكز للتحكيم، وإنني أحيي المركز الذي يجمعنا اليوم، وأعلن أن الوزارة على استعداد لبذل الجهود اللازمة لجمع هذه الطاقات وخلق مساحة مشتركة بهدف تثبيت دور لبنان على خريطة التحكيم الدولي، فتوحيد الجهود يفتح أبواب النجاح.

3- الملاحظة الثالثة:

لن أبدي في هذه الكلمة وجهة نظر بخصوص إمكانية تعديل القوانين المنظمة للتحكيم وسأترك مناقشة هذه المسألة للجلسات التي ستعقد خلال هذا المؤتمر، إلاّ أنني أطرح بعض الأسئلة متمنيا على المشتركين مناقشتها:

ا- هل من المستحبّ إعطاء المتعاقدين الحق في التنازل بصورة مسبقة، كما هو الحال في جنيف، عن مراجعة الإبطال أو أنه من الأفضل إبقاء الحال كما هو عليه أو حتى إعطاء الأطراف إمكانية التنازل عن بعض أسباب مراجعة الإبطال وإبقاء البعض الآخر. فهنالك أهداف متضاربة بين تشجيع المتعاقدين على اعتماد لبنان كمركز للتحكيم وبين المحافظة على ضمانات أساسية تفرض على المحكمين تحت طائلة إبطال قراراتهم.

ب- هل من المستحب اعتماد معايير محددة لمهمة المحكّم المطلق amiable composition حيث أننا نعلم جميعاً أن حدود مهمة المحكّم المطلق تتسم بالغموض فهل من المفيد أن يتدخل المشترع لتنظيمها أو من الأفضل الإبقاء على حلول مبنية على تطور الاجتهاد؟

ت- هل من المستحبّ وضع ضوابط قانونية تحدد أصولا صارمة للإجراءات التحكيمية سعيا لخلق فعالية أكبر في إصدار القرارات التحكيمية ولكن على حساب البعد التعاقدي للتحكيم أم الإبقاء على الحالة كما هي اليوم؟".

ثم تابع نصار باللغة الفرنسية، وقال: "بقدومكم من الخارج إلى لبنان، في وقت لم يمضِ فيه سوى ستة أشهر على القصف الذي شهده لبنان، فإنكم لا تُعبّرون فقط عن صداقة نبيلة، بل تساهمون أيضا في تعزيز تلك الطاقة التي بفضلها لا يتعلم اللبنانيون أبدا معنى الاستسلام. لذلك، أود أن أشكركم على حضوركم الدائم وتلبيتكم للدعوة، وعلى مساهمتكم القيّمة، ليس فقط في تطوير التحكيم، بل أيضا في صون الجسور التي تمكن لبنان دوما من النهوض من جديد، ومواصلة تقديم إسهامات إيجابية للعالم".

اضاف: "لطالما شُبّه لبنان، بطائر الفينيق الذي ينهض من رماده. لكنني أؤمن أن لبنان، رغم ما مر به، لم يطفأ نوره ولم يتحوّل الى رماد. إن شعلة الديمقراطية والحرية قد خفُت وهجها مرارا لكنها لم تنطفئ قطّ. فرغم كل الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، ورغم الثمن الباهظ الذي فُرض عليه مرات عديدة، بقي لبنان بلدا تعدديا، ديمقراطيا، وضامنا للحريات. واقتباسا من فيكتور هوغو، وإن كان ذلك نادرًا، يمكن للبنان أن يقول بثقة: "إذا لم يبقَ في المنطقة سوى عشرة بلدان ديمقراطية، فسأكون العاشر، وإن لم يبقَ سوى واحد، فسأكون أنا هذا البلد".

مرقص

من جهته، قال وزير الإعلام: "يسرني أن أشارككم اليوم افتتاح الدورة الأولى من مؤتمر "أيام التحكيم في بيروت"، هذا الحدث الذي يشكل منعطفا مهنيا ووطنيا هاما في مسار استعادة لبنان لدوره الريادي كمركز قانوني وفكري، وملتقى دولي للحوار القضائي والقانوني المهني".

اضاف: "إن تنظيم هذا المؤتمر في العدلية، في قلب العاصمة بيروت، وبمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين، هو أكثر من مجرد فعالية أكاديمية أو مهنية، بل هو إعلان واضح عن إيماننا العميق بقدرة لبنان، رغم كل التحدّيات، على النهوض مجددا، مستندا إلى إرث قانوني عريق، وبيئة معرفية منفتحة، وشراكة بين مؤسسات الدولة ونقابات المهن الحرة وفي طليعتها نقابة المحامين في بيروت والمجتمع الدولي".

وتابع: "من موقعنا كوزارة للإعلام، نرى أن التحكيم والإعلام يلتقيان في جوهرهما في نشر ثقافة العدل، والحوار، والحلول الرصينة للنزاعات. فالتحكيم، كوسيلة عادلة وفعالة لحل الخلافات، بحاجة إلى بيئة تثقيفية حاضنة، توضح للرأي العام مزاياه، وتكرّس الثقة به، وهذا هو دور الإعلام المسؤول، التوعوي، غير الموجه ولا المُسيس".

وقال: "نحن في وزارة الإعلام نؤمن أن تعزيز ثقافة التحكيم في لبنان والمنطقة، يمر عبر خطاب إعلامي يسلّط الضوء على هذه الوسائل البديلة، بعيدا عن المفاهيم السائدة التي تختزل العدالة في مسارات المحاكم وحدها. كما نؤكد على أهمية أن يُعتمد التحكيم، لا كأداة تقنية قانونية فحسب، بل كخيار حضاري يجمع بين السرعة، والفعالية، والعدالة التوافقية، ما يعزز ثقة المستثمرين والقطاع الخاص بالدولة ومؤسساتها".

اضاف: "من هنا، نؤيّد بوضوح ما يسعى إليه هذا المؤتمر من إعادة تموضع لبيروت، لا فقط كعاصمة ثقافية وفكرية، بل كـ"عاصمة للتحكيم في العالم العربي"، وهذا ما نتطلع إلى تحقيقه من خلال التنسيق الوثيق بين الدولة، ونقابة المحامين، والهيئات الأكاديمية، والمنظمات الدولية والمحلية".

وتابع: "نحيي جميع الشركاء الذين ساهموا في إطلاق هذا الحدث، ونخص بالشكر البروفسور نجيب الحاج شاهين والدكتور طلال جابر وجميع الزملاء في فريق العمل، ونقابة المحامين في بيروت العريقة، التي كانت وما زالت صرحا من صروح العدالة، ومدرسة في النزاهة والدفاع عن الحقوق، نتوجه إليكم بخالص الشكر والتقدير على ما تبذلونه من جهود في صون الكرامة الإنسانية، وحماية الحريات، وترسيخ مبادئ القانون. لقد أثبتم عبر الأجيال أن المحاماة ليست مجرد مهنة، بل رسالة سامية تُمارس بضمير حيّ وإيمان عميق بالعدالة".

وقال مرقص: "إلى بيروت، أم الشرائع، مدينة الفكر والقانون، وملهمة الحرف والحق، لكِ التحية على ما أنجبته من رواد العدالة والعلم، وما احتضنته من نضالات وكفاح في سبيل الوطن والإنسان. ستبقين منارة مهما عصفت بك الأزمات، لأنك عنوان الصمود ووجدان الأمة. عاشت بيروت منبرا للعدالة والتلاقي".

اضاف: "الشكر لنقيب المحامين في بيروت فادي مصري الذي يقود هذه المسيرة، ممثلا صوت المحامين وهمومهم، وساعيا لتعزيز دور النقابة في الدفاع عن الحقوق وترسيخ دولة القانون، وكل الشركاء الرسميين والداعمين لإنجاح هذا الحدث".

ودعا "الإعلاميين إلى نقل هذا الحدث كما يليق به، وأن نُشرك الجمهور في هذه اللّحظة المفصلية التي نؤسّس فيها لمستقبل قانوني جديد في لبنان، قوامه المهنية، والاستقلالية، والتحكيم العادل".

وختم قائلا: "ها هو تلفزيون لبنان حاضر يغطي هذا الحدث مباشرة على الهواء، والوكالة الوطنية للإعلام وسائر الوسائل الاعلامية الكريمة الموجودة هنا".

مصري

من جهته، قال نقيب محامي بيروت: "يسرني ويشرفني أن تنظم نقابة المحامين في بيروت هذا المؤتمر في دلالة على أن الأزمات العاتية التي عصفت بلبنان لم تنجح في كسر أم الشرائع، ولا في لي ذراع القانون الذي يحميه الثنائي العدلي: القضاء ونقابة المحامين. كما أنني أفتخر أن تقام في رحاب النقابة العريقة أكبر فعالية قانونية في السنوات العشرين الأخيرة. إن مركز التحكيم في نقابة المحامين، بإدارة البروفسور نجيب فايز الحاج شاهين، أخذ المبادرة الشجاعة عندما قرر تنظيم "أيام بيروت للتحكيم" الذي يهدف، قبل كل شيء، إلى جمع أقطاب التحكيم في لبنان والمنظمة العربية والبعض من أوروبا والعالم، كما يهدف، ثانيا، إلى إبراز دور بيروت الذي يجب ان يعود رائدا في تعزيز العدالة الفعّالة وبالتالي تشجيع عودة المستثمرين من أجل نهضة إنمائية واقتصادية وحقوقية مستدامة".

اضاف: "إن عودة بيروت تمر عبر عودة الحق والقانون ولا عودة للحق وللقانون إلا من خلال الإرادة والرؤية ووضع خريطة طريق واضحة تتضمن تخطيطا دقيقا واعتماد الوسائل والتقنيات الحديثة. وهذه المهمة تقع علينا جميعا وتحتم علينا خوض غمارها متضامنين متماسكين ومؤمنين بلبنان بدوره ورسالته وبجوهر وجوده وهو الإنسان والحق والحرية".

وتابع: "بالعودة إلى التحكيم في لبنان والعالم، فهو، لم يكن وليد صدفة، بل مواكبة للعولمة ومعالجة فاعلة لإشكاليات العقود المدنية والتجارية ونزاعاتها، خاصة مع بروز التجارة الالكترونية ونموها. فكانت الحاجة الى عدالة فاعلة تساعد فريقين: تساعد المتنازعين على حسم حقهم سلبا أم إيجابا بسرعة غير متوفرة لدى القضاء العادي، وتساعد القضاء المرهق بالدعاوى على الإنصراف للبت بالملفات العالقة أمامه".

واردف: "يقول أرسطو "إن القاضي يحكم وهو ينظر إلى القانون، والمحكّم يحكم وهو ينظر إلى الإنصاف". فخاصيّة التحكيم تبرز في كونه وسيلة لاختيار القانون العادل والأمثل للتطبيق على النزاع، وتحديد المدة الزمنية لِلَفظ القرار التحكيمي، وإلا صدوره حكما كما تنص على ذلك قوانين الدول المتقدمة على طريق التحكيم، بما يحقق العدالة والإنصاف، من هنا يلتقي القاضي والمحكمّ على استيفاء الحق حكما لا تحكما".

وقال: "في السياق عينه، وإن كان صحيحا ان التحكيم قضاء خاص، الا أنه ليس قضاء بديلا، ولا قضاء منافسا، ولا قضاء مسقطا، بل قضاء حثّ للقضاء العدلي على الضغط على السلطة السياسية لتعزيز القضاء بشريا ومعنويا وماديا، إيذانا بإصدار الأحكام بما يجمع بين الكم والنوع، ويعالج القضايا المتراكمة بسبب كثرة الملفات وقلة القضاة. فالتحكيم قضاء وفاقي يبدأ خاصا وينتهي عاما، بمعنى انه يبدأ باتفاق فريقين أو أكثر على سلوك عدالة التحكيم وينتهي برقابة المحاكم عليه من خلال وجوبية اقتران القرار التحكيمي بالصيغة التنفيذية في حال عدم التنفيذ الطوعي".

وختم بالتشديد على ان "أهمية هذا الحدث هي وطنية، لأنها مساهمة حقيقية في مسيرة النهوض، وحقوقية، لأنها تضع مدماكا إضافيا في العمارة الحقوقية اللبنانية من لبنان إلى العالم، ونقابية، لأنها تؤكد على دور نقابة المحامين في خلق الدينامية القانونية ومواكبتها وإنجاحها، وإن وجود رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام بيننا، وكمتحدث رئيسي من موقعه السامي وبقبعاته المتعددة كإبن العائلة البيروتية العريقة وكرئيس سابق لأهم هيئة قضائية دولية وكرأس السلطة التنفيذية يضفي على هذه الأيام البيروتية للتحكيم هيبة وهالة ورسالة".

الرئيس سلام

وألقى رئيس الحكومة الكلمة الرئيسية في المؤتمر باللغة الإنكليزية، وقال: "يسرني أن أخاطبكم اليوم في النسخة الافتتاحية من "أيام التحكيم في بيروت"، التي تستضيفها نقابة المحامين في بيروت. إن هذا المؤتمر الدولي يُعد دليلا إضافيا على نهوض بيروت من جديد، وتجدد لبنان كمركز حيوي تلتقي فيه أصوات متنوعة، وتتبلور فيه الأفكار، وتولد فيه الفرص. تأسست نقابة المحامين في بيروت عام 1919 – أي قبل عام من إعلان دولة لبنان الكبير – لتنظيم مهنة المحاماة، وصون أخلاقياتها في دولة ناشئة. وعلى مدى قرن من الزمن، صمدت النقابة في وجه الحروب والاضطرابات السياسية، محافظة على التزامها الثابت بالمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون. وأفخر بأن مسيرتي المهنية بدأت هنا، منذ عدة عقود".

اضاف: "لكنني اليوم أعود إلى هذا المجتمع القانوني، لا لأتحدث عن الماضي، بل لأعرض رؤية للمستقبل: خارطة طريق لتحويل بيروت إلى مركز للتحكيم الدولي – الوسيلة الأبرز عالميا لحل النزاعات التجارية والاستثمارية العابرة للحدود".

وتابع: "كما تعلمون جميعا، يشكل التحكيم ركيزة أساسية في التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي، إذ يوفر آلية محايدة وفعّالة وقابلة للتنفيذ لحل النزاعات الناشئة عن الأنشطة التجارية العابرة للحدود. وبالتالي، فإن تحويل بيروت إلى مقر موثوق للتحكيم، من شأنه أن يدمج لبنان بشكل أعمق في الأطر القانونية وشبكات تسوية النزاعات التي تدعم الاقتصاد العالمي. وبتحويل بيروت إلى مركز تحكيم دولي، سنحفّز أيضا الاقتصاد اللبناني. فمركز التحكيم ليس فقط موقعا لعقد الجلسات والمرافعات، بل هو أيضا وجهة. وجهة يقصدها المهنيون، تُعقد فيها المؤتمرات، ويكتشف فيها الزوّار – عن غير قصد ربما، ولكن ليس بلا أهمية – الثقافة النابضة للبنان وشعبه".

وقال: "في الواقع، تتجاوز هذه الرؤية مجرد التنمية الاقتصادية والازدهار. في جوهرها، تتعلق بإعادة تعريف صورة لبنان ودوره – من بلد تنشأ فيه النزاعات، إلى بلد تُحل فيه النزاعات بطرق سلمية. خلال فترة عملي في الأمم المتحدة، سعيت إلى سياسة "النأي بالنفس" عن الصراعات العربية – العربية، حفاظًا على أمن لبنان واستقراره. واليوم، أعتقد أننا قادرون على البناء على هذا النهج، بل والطموح إلى ما هو أكثر: يمكننا أن نسعى إلى جعل لبنان بلدا يسهل ويُسهم في حل النزاعات، ليس فقط في المسائل التجارية، بل مع الوقت، ضمن الإطار الأشمل لبناء السلام، والدبلوماسية، وحوار الثقافات والشعوب".

أضاف: "كما أن ترسيخ بيروت كمركز للتحكيم الدولي، من شأنه أن يعيد تأكيد هويتها كمدينة للقانون، وهو إرث يعود إلى العصور الرومانية. لقد أثبت القانونيون اللبنانيون حضورهم في أهم مراكز التحكيم العالمية، وساهموا في تطوير قواعد وممارسات التحكيم. ولأذكر مثالا واحدا: القرار التاريخي في قضية Salini v. Morocco، الذي عرّف مفهوم "الاستثمار" في التحكيم بين المستثمرين والدول، يحمل توقيع الفقيه القانوني اللبناني الراحل، الأستاذ إبراهيم فضل الله".

وتابع: "نستطيع اليوم أن نمضي أبعد، وأن نتخيل بيروت كمختبر للفكر القانوني من خلال التحكيم: مكان تُصاغ فيه المعايير القانونية العالمية، وتُختبر وتُجدد، من قبل هيئات تحكيمية تتخذ من بيروت مقرا لها. بيروت بالفعل في موقع فريد لتكون مركزا للتحكيم الدولي. معظم المحامين اللبنانيين يتقنون العربية والفرنسية والإنكليزية، ما يمكّنهم من التعامل مع قضايا التحكيم بهذه اللغات القانونية الثلاث الأساسية. كما أن العديد من القانونيين اللبنانيين تلقوا تدريبهم في مؤسسات عالمية، وعادوا بخبرات دولية غنية".

وقال: "من الناحية الجغرافية، نحن على بُعد ساعات قليلة جوا من مراكز أوروبا والخليج وأفريقيا. ومن الناحية الثقافية، يحمل مجتمعنا إرثا غنيا من التفاوض والوساطة والحوار. والأهم، أن لبنان انضم إلى اتفاقية نيويورك عام 1998، ما يضمن الاعتراف بأحكام التحكيم اللبنانية وتنفيذها في حوالي 170 دولة".

اضاف: "كل هذه عوامل قوية، لكنها تحتاج إلى مؤسسات قوية وبنية تحتية حديثة حتى نحقق إمكانياتها الكاملة. وفي هذا الإطار، أقول بفخر إن الحكومة تتحرك بسرعة لتنفيذ رؤيتنا للبنان الجديد – لبنان نُنعش فيه الاقتصاد، ونُعيد فيه الثقة بين المواطنين والدولة، ونُعزز فيه الخدمات العامة، وندعم فيه سيادة القانون. وهذه هي الأسس الضرورية لتتحول بيروت إلى مركز تحكيم دولي. وتشمل هذه الأسس:

ضمان استقلالية القضاء.
رغم أن التحكيم عملية خاصة تقودها الأطراف، إلا أنه يعتمد على النظام القضائي الذي ينتمي إليه. فالمحاكم في مقر التحكيم لها دور إشرافي، خاصةً في دعاوى الإبطال، وأيضًا في التدابير المؤقتة أو الطعن في المحكّمين.

السبب الرئيسي لاختيار التحكيم هو وعده بالعدالة والحياد والاستقلالية. وينطبق هذا الطموح على اختيار مقر التحكيم. ولهذا السبب، فإن مشروع قانون استقلال القضاء – الذي أقرّه مجلس الوزراء وهو اليوم أمام مجلس النواب – يُعد خطوة بالغة الأهمية. إنه لا يحمي فقط الحقوق والحريات، ويعزز ثقة المستثمرين، بل يضع الأساس لبيروت كمقر موثوق وجدير بالثقة في مجال التحكيم.

2. تحديث الحوكمة من خلال التحول الرقمي.

من التوقيعات والدفع الإلكتروني إلى المنصات القضائية الرقمية ورقمنة السجلات العامة، تلتزم حكومتنا بجعل التفاعل مع الدولة أكثر كفاءة وشفافية. وهذا يشمل تحسين الوصول إلى القوانين والأحكام القضائية، مما يضفي الشفافية والوضوح أمام الأطراف التي تنظر إلى بيروت كمقر محتمل لتحكيمها. كما سيستفيد أطراف النزاعات بعد صدور الأحكام من تحسين الوصول إلى المحاكم والاطلاع على الإجراءات الجارية.

3. إعادة بناء الثقة في النظام المصرفي والمالي.

من خلال إقرار قانون رفع السرية المصرفية، وإقرار مشروع قانون حلّ المصارف في مجلس الوزراء، والسعي نحو قانون عادل لتوزيع الخسائر المالية (قانون "الفجوة") – نحن نحرز تقدما حقيقيا في حل الأزمة المصرفية، وتحقيق العدالة للمودعين، وتعزيز اندماج لبنان في النظام المالي العالمي. وجود نظام مصرفي آمن وموثوق أمر أساسي لأي مركز تحكيم. بدونه، لن يثق الأطراف بقدرة مؤسسات التحكيم على تنفيذ المهام المالية الضرورية مثل تحصيل الرسوم، ودفع مستحقات الخدمات، وإدارة حسابات الضمان.

4.إعادة إحياء القطاعات الاقتصادية الأساسية وتحسين الخدمات العامة.

لقد وضعنا إجراءات شفافة ومعايير تعتمد على الكفاءة في التعيينات العامة، كما أنشأنا هيئات تنظيمية مستقلة لتنشيط القطاعات الحيوية، كالكهرباء والاتصالات. توفر الكهرباء الموثوقة والبنية التحتية القوية للاتصالات أمر لا غنى عنه في التحكيم، خاصة في العصر الرقمي حيث أصبحت الجلسات الافتراضية جزءا من الممارسات العادية.

5. تحديث مطار بيروت الدولي وطريق المطار، إضافة إلى إطلاق مطار دولي ثانٍ في القليعات خلال عام.

تحسين سهولة الوصول إلى لبنان أمر ضروري لجذب المسافرين من رجال الأعمال، وطبعا ممارسي التحكيم ليسوا استثناء.

6. وأخيرا وليس آخرا، استعادة سيادة لبنان وضمان الأمن والاستقرار في جميع أراضيه.

البيان الوزاري للحكومة واضح: يجب أن تحتكر الدولة وحدها امتلاك واستخدام السلاح في لبنان.

لقد اتخذنا – وسنواصل اتخاذ – خطوات ملموسة لضمان أن تكون الأسلحة بيد الدولة فقط. وفي الوقت نفسه، نبقى ملتزمين بجهودنا لإنهاء الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، في انتهاك للقانون الدولي.

إن لبنان المستقر والآمن والسيد، يمنح الثقة للأطراف في التحكيم وممارسة الأعمال هنا".

وتابع: "أود أن أؤكد أننا مصممون على تنفيذ المزيد من الإصلاحات البنيوية لإنعاش الاقتصاد واستعادة الثقة بالدولة. وإلى جانب هذه الجهود العامة، فإن مبادرات إصلاحية محددة في مجال التحكيم الدولي ضرورية لترسيخ بيروت كوجهة رائدة. وتشمل هذه:

تحديث القوانين المتعلقة بالتحكيم لتتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، بما في ذلك قانون الأونسيترال النموذجي،

تعزيز استقلالية الأطراف والحد من التدخل القضائي غير الضروري،

تقوية مراكز التحكيم لدينا، أو حتى العمل على افتتاح مكتب إقليمي لمحكمة التحكيم الدائمة (PCA) في بيروت،

وتوفير تدريب متخصص للقضاة حول مبادئ تسوية النزاعات الدولية".

وختم: "ترحب حكومتي بملاحظاتكم ومساهماتكم – خلال هذا المؤتمر وما بعده – بينما نعمل معا لوضع استراتيجية وطنية موحدة لتعزيز التحكيم الدولي في لبنان. أدعوكم للانضمام إلينا – ليس فقط في تطوير التحكيم في لبنان، بل في المساهمة في تجديد بيروت وبلدنا ككل. معا، يمكننا بناء مستقبل يرتكز إلى العدالة، والشراكة، والفرص".

درع

وفي ختام حفل الافتتاح، قدمت درع تكريمية لرفيق غانم، وانطلقت بعدها فعاليات المؤتمر.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا