القوّات تستثمر في انقسام "القومي"... وتنقض الاتفاق في أنفه

على بُعد أيام من الانتخابات البلدية في قضاء الكورة، لا تزال الصورة النهائية للتحالفات واللوائح غير واضحة بالكامل في بعض البلدات. المشهد العام يُنذر بأكثر من معركة تختلط فيها التحالفات، بعد فشل محاولات البعض في التوصّل إلى توافق. وقد حُسمت النتائج في عشر بلدات من قضاء الكورة بالتزكية، ما يعكس تفاهمات محلية وعائلية، وهي: بكفتين، بشمزين، بصرما، بتعبورة، دارشمزين، عفصديق، بترومين، كوسبا، كفرصارون، ورشدبين.

أميون وتحالفاتها

يتجلّى بوضوح انقسام الحزب السوري القومي الاجتماعي في انتخابات بلدية أميون، حيث تخوض المعركة لائحتان: "لائحة معاً لأميون" برئاسة رئيس البلدية الحالي مالك فارس، والمدعومة من الفريق القومي المقرّب من النائب السابق سليم سعادة، و"لائحة مدينة أميون" برئاسة الدكتور بسام عبيد، والمدعومة من الفريق القومي المقرّب من المهندس غسان رزق.

بحسب مصدر مطّلع على أجواء المفاوضات فإنّ "محاولات التّوافق التي تمّت من خلال وسطاء بين الفريقين فشلت ليس بسبب خلاف على توزيع الحصص، وإنّما النقطة الخلافية الأساسية تكمن في إصرار الرئيس الحالي مالك فارس على التجديد لنفسه لست سنوات أخرى رافضاً رفضاً قاطعاً مبدأ المداورة مع الدكتور بسام عبيد". ما أسفر عن تشكيل لائحتين كاملتين وترشّح 36 شخصاً بينهم ستة مرشحين منفردين في أميون لشغل المقاعد لـ15 مقعداً في المجلس البلدي.

أفادت معلومات حصلت عليها «المدن» من المنطقة بأن النائب فادي كرم، الذي تحسّنت علاقته بشكل إيجابي مع رئيس البلدية الحالي، وهو يقف إلى جانب لائحة "معاً لأميون" من دون إعلان رسمي. وتضم اللائحة قوميين وممثلين عن عائلات، إلى جانب شخصيات تدور في الفلك القوّاتي. وبحسب المعلومات، لن يجيش النائب كرم القاعدة القوّاتية بالكامل لصالحها، وإنّما قد يعطي نصف الأصوات لها ويترك الخيار مفتوحاً أمام بقية الناخبين.

أما لائحة "مدينة أميون"، فتضمّ شخصيات منتمية إلى الجو القومي بطابع مستقل، إلى جانب مرشحين مستقلين وآخرين عن التيار الوطني الحر والحزب الشيوعي. وتحظى هذه اللائحة أيضاً بدعم قوى سياسية محلية، أبرزها النائب أديب عبد المسيح.

نسف التوافق في أنفة
بعد نومه على حرير، ومساعٍ حثيثة للتوافق، استفاق الشارع في أنفة على وقع منشور حادّ اللهجة نشره نبيل الياس مكاري، ابن عم نبيل فريد المكاري، عبر منصة "إكس"، وجّه فيه اتهامات مباشرة إلى حزب القوات اللبنانية بـ"الغدر والخيانة". وفصّل في منشوره مراحل تشكيل اللائحة التوافقية وكيفية انهيارها، قائلاً: "من دون تحذير أو حتى مكالمة هاتفية، نقضت القوات اللبنانية الاتفاق، وسحبت دعمها من ميشال نخول، واصطفت فجأة خلف مرشّح آخر وتشكيلة جديدة'. وأضاف: "لم تنقضِ القوات اللبنانية اتفاقاً فحسب، بل شرفاً سياسياً".

على وقع أصداء هذا البيان تبيّن أن التّوافق نسف هناك، وأعيد خلط الأوراق بشكل كبير في أنفة التي تشهد زحمة مرشحين لـ15 مقعداً بلدياً. القوات لم ترد على هذا المنشور على اعتبار أن الشاب لا يمثل آل مكاري بالمعنى السياسي. ففي عائلة مكاري كان الراحل فريد الوجه السياسي. ووريثه سياسياً نجله فريد، الذي وقف على الحياد. فلم يكن من داعي لرد القوات عليه. وقد تواصل "المدن" مع منسق القوات في المنطقة للاستيضاح عن ملابسات القضية لكنها لم تتلق أي جواب.

المتضرّر الأكبر كان نبيل فريد مكاري الذي انسحب من المعركة،لأن نقض الاتفاق جعله في موقف حرج من عدم الجهوزية لخوض الانتخابات. لكن عزوف نبيل لا يعني أن عائلة مكاري كلها انكفأت. بل تشير مصادر "المدن" إلى أن طرف آخر من آل مكاري، المتمثل بمكارم مكاري، الذي شغل منصب رئيس البلدية، سيستمر في السباق. فأبناء عمّ نبيل فريد مكاري (أولاد مكارم) يطمحون بدورهم للعمل السياسي، وسيعملون على دعم اللائحة الأخرى، في مواجهة القوات.

ويؤكد مصدر مطّلع أنّه وبفضل وفرة المرشحين (44 مرشحاً)، أصبح أمام اللائحة المنافسة للائحة القوات (ربما تكون برئاسة فؤاد واكيم) مروحة كبيرة من الأسماء. وهذا يعطي اللائحة امتياز إعادة تشكيل نفسها من خلال تطعيمها بأسماء جديدة من المستقلين والعائلات والمجتمع المدني، إلى جانب التيار الوطني الحر والمردة والقومي. ومن المرجح أن تكون برئاسة جورج دعبول، الذي كان من مناصري مكاري.

تضارب المعلومات في دده
في دده يتنافس 36 مرشحاً على 15 مقعداً في المجلس البلدي. وانقسمت العائلة الواحدة آل الزّاخم، وهي العائلة المسيحية الأكبر في البلدة، بترشّح اثنين من أبنائها على اللائحتين. لكنّ التحالفات لا تزال ضبابية.

المعلومات في دده، متضاربة ولم يحسم بعد أمر التحالفات، وقد تترك الأمور إلى نصف الساعة الأخير. ففيما تشير مصادر إلى أن "القوات اللبنانية تنسّق مع الحزب القومي السوري التابع لسليم سعادة في دده مثل أميون وبلدات أخرى"، تؤكد مصادر أخرى أن "شقّ سليم سعادة بالحزب القومي السوري لم يتّخذ أي قرار بعد بالمشاركة أو بالمقاطعة أو بتشطيب اللوائح والاقتراع للوائح خاصة". وتضيف "أن تقارباً كان حصل بين شقّيّ القومي لا سيما بعد أن أعلنت رابطة آل الزاخم عن ترشيحها لجورج الزّاخم. لكن الأمور لم تتبلور ايجابياً بعد رفض جماعة سليم سعادة التحالف معهم".

مصدر آخر في المنطقة يلفت إلى أنّ المعركة ستكون بين لائحة تضمّ تيار المستقبل، والحزب القومي السوري التابع لسليم سعادة والمردة، وهي مدعومة بشكل غير رسميّ من القوات. وترشح اللائحة رئيسين بالتناوب هما ربيع الأيوبي وهنري الزّاخم. أما اللائحة الثانية فمدعومة من الجناح الثاني للحزب القومي والنائب أديب عبد المسيح والحزب الشيوعي والتيار الوطني الحرّ ومستقلّين. وستضم جورج الزّاخم للرئاسة.

معارك بلدية وعائلية
في بلدة كفريا بغالبيتها السنّية يكون الانقسام عادة عامودي بين آل السمروط، المقربين من تيار المستقبل، وآل شلق (الفضل شلق). ويتنافس فيها 31 مرشحاً على 12 مقعداً في المجلس البلدي. وبحسب مصدر مطّلع على الأجواء الانتخابية في كفريا الفرز في البلدة ليس سياسياً "وإنما هو محاولة من جيل الشباب من العائلات والمستقلين مواجهة الأقطاب التقليدية في البلدة من أجل إعادة إحياء البلدية المعطّلة". ويضيف "شكّلوا لائحة شبابية مستقلّة متكاملة العناصر تاركين الباب مفتوحاً أمام أي محاولات توافق، وفي حال عدم التوصّل الى اتفاق سيخوضون الانتخابات بكامل الجهوزية". وحتّى الساعة تبدو حظوظ التوافق مرتفعة على الرّغم من بعض العراقيل، يقول مصدر مطّلع على مساعي التوافق.

رغم صغر حجم مجلسها البلدي، تُعَدّ بلدة راسمسقا أغنى مناطق قضاء الكورة من حيث الأملاك العامة والإدارات والمؤسسات السياحية. ويتنافس على مجلسها البلدي المؤلف من 9 مقاعد، 19 مرشحاً، موزعين على لائحتين: إحداهما مطعّمة سياسيًا ومدعومة من النائب أديب عبد المسيح، وأخرى عائلية غير سياسية يرأسها رئيس البلدية الحالي سيمون نخول.

أما في بلدة كفرعقا، فيتنافس 28 مرشحاً على 15 مقعداً في المجلس البلدي، ويتميّز المشهد الانتخابي بمحاولة كسر هيمنة القوات اللبنانية التي شكّلت لائحة كاملة. ويزعم مصدر مستقل أنه تم تشكيل "تكتل عريض من قوى سياسية وعائلات ممتعضة من نهج القوات، بهدف مواجهة هذا الاستئثار".

رنا البايع -المدن