عربي ودولي

أسرارُ انفجار الصراع بين الهجري والشرع

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كتب جواد الصايغ في صحيفة "إيلاف" مقالاً بعنوان: "أسرار انفجار الصراع بين الهجري والشرع"، تناول فيه الخلفيات السياسية والدينية والاجتماعية التي أدّت إلى تفجر التوتر بين الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع، والرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، وذلك في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد. وجاء في المقال:

كان بمقدور الرئيس الانتقالي لسوريا، أحمد الشرع نزع فتيل التفجير مع الدروز حتى قبل اشتعاله، وتحديدا في شهر كانون الأول 2024 بعد أقل من 15 يوما على سقوط نظام بشار الأسد.

يومها زاره وفد يضم وجهاء من المحافظة يمثلون الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري لتقديم واجب التهاني والتبريكات بسقوط النظام، والاستماع إلى وجهة نظر قائد ادارة العمليات العسكرية يومها، ورؤيته لسوريا الجديدة.

مع وصول احمد الشرع الى قصر الشعب، والتبديل الجوهري الذي طرأ على خطابه، وكلامه عن ضرورة عدم سفك الدم والانتقام، والتشديد على ضرورة بناء سوريا، كان من المتوقع ان تشهد العلاقة مع السويداء وقائدها الهجري إنطلاقة إيجابية، فقبل سقوط الاسد بعام ونصف، وفي غمرة الحديث عن إستعادة النظام لقوته والانفتاح العربي عليه، وتشتت معارضيه بين ريف حلب، وإدلب، والرغبة التركية بفتح قنوات اتصال معه، أطلق الشيخ حكمت الهجري ثورة السويداء مطالبا بتطبيق القرار 2254 وانتقال السلطة.

الدروز المعروف عنهم بخصوصياتهم في الدول التي يتواجدون فيها، والذين ذاقوا الأمرين عام 2015 في ريف إدلب من جبهة النصرة قبل تحولها إلى هيئة تحرير الشام، وجد وفدهم الذي زار الشرع ان الاخير لا يعطي إهتماما كبيرا لهذا الواقع، بل ذهب حد إبلاغهم علنا بأن لا خصوصية لأحد في سوريا تحت حكمه، وبالتالي بدأت موجة الحذر بالطغيان على التفاؤل الذي ساد بعد سقوط النظام.

كانت السويداء تعاني في زمن حكم بشار الاسد من معادلة الولاء مقابل الخدمات، ومع مرور الاسابيع الاولى بعد سقوط النظام أوشكت مادة الاوكسيجين على النفاذ من مستشفيات المحافظة، ورغم ان هذه المادة موجودة بكثية في سوريا بدليل إقدام الاسد على تقديمها بكميات للبنان في السنوات الاخيرة، لكن المحافظة بقيت تعاني لفترة قبل ان تصلها إمدادات السلطة الجديدة.

الشيخ الهجري من جهته طرح منذ البداية ضرورة انعقاد مؤتمر وطني وانشاء نظام حكم لامركزي اداري ومالي، واعلان دستور مدني يحفظ حقوق السوريين، ومع بدء ظاهرة انتشار اخبار تعيين محافظين عبر مواقع التواصل كتويتر وتلغرام، طالب اهل السويداء بتعيين محافظ من الشخصيات التي ثارت على النظام في المحافظة، وتعيين قائد للشرطة لضرورة حفظ الامن، لكن الشرع قابل طلبهم بتعيين محافظ آخر ، وقائد شرطة من خارج المحافظة.

المواجهة الاولى بين الطرفين وقعت ليلة رأس السنة، عندما ارادت هيئة تحرير الشام كسر اتفاق ضمني ينص على تولي ابناء المحافظة مسؤولية الحفاظ على الامن مع بعد قيامها بارسال رتل عسكري للدخول الى المدينة والسيطرة على الادارات والمؤسسات تحت جنح الظلم. إصطدم الرتل بمقاتلي المحافظة الذين اجبروه على الانسحاب، فكانت هذه أولى حلقات الصدام وأيضا اول انتكاسة للادارة الجديدة بقيادة الشرع بعيد عجزها عن تنفيذ ما أرادته رغم كل الزخم المكتسب بعد 8 كانون الأول.

في الشهرين الاولين من العام الحالي، بقي الستاتيكو القائم على حاله، أحمد الشرع في دمشق، والشيخ الهجري يمسك بزمام الأمور في السويداء، وكان الأول يرد على سائليه عند سؤالهم عن رؤيته للتعامل مع الهجري بالقول، إن ملف السويداء مجرد تفصيل وانه قادر على صناعة ودعم شخصيات وحيثيات محلية بمقدورها تقويض نفوذ الرئيس الروحي لطائفة الموحدين خلال فترة قصيرة.

بقي الامر على حاله حتى وقعت مجازر الساحل السوري، فبظل إنشغال الجميع بما كان يحدث في الساحل يوم السادس من آذار كان للدروز حصة من الاخبار التي نشرتها السلطة السورية بشكل مباشر او عبر الاذرع غير الرسمية، فسلطة دمشق ومع بدء نداءات الجهاد في الجوامع للحشد العسكري نحو الساحل، نشرت خبرا يتعلق بتمكن اجهزتها الأمنية من القاء القبض على ابراهيم حويجة وقدمت الخبر على ان قواتها تمكنت من القاء القبض على قاتل الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، وللمفارقة وبعد مرور شهرين تقريبا من الاعلان لم تنشر حكومة الشرع حتى اللحظة اي صورة لحويجي موقوفا كما تفعل عادة مع كل عملية اعتقال لعنصر أمني كان تابعا للنظام الساقط، وأيضا في الوقت نفسه بادرت اجهزتها غير الرسمية لنشر اخبار ومزاعم تتعلق بخطط قدمها الدروز لتنفيذ إنقلاب على حكم الشرع.

الدماء التي سالت في الساحل، دفعت بالهجري إلى التصعيد بوجه حكم الشرع، ومع توالي الأحداث خصوصا الاعلان الدستوري، والحكومة الجديدة، رفع رئيس الدروز من منسوب تصريحاته وصولا الى حد عدم الاعتراف بسلطة غير منتخبة ديمقراطيا، ولم تنجح الاخبار الاعلامية المتداولة والتي ثبت عدم صحتها خلال اذار عن اتفاق بين دمشق والسويداء في إسقاط المحافظة من الداخل خصوصا في الايام التي اعقبت الاعلان عن اتفاق قسد والشرع.

وتفجر الصراع هذا الاسبوع بشكل اكبر متخذا بعدا دمويا بعد التسجيل الصوتي المزعوم، والهجمات التي استهدفت الدروز في صحنايا، وجرمانا، ثم السويداء، ولعل يوم الخميس الفائت كان ليشكل منعطفا حاسما بعد الضغط الهائل الذي مارسته السلطة لتطويع الدروز خصوصا في معقلهم بالسويداء، فالسلاح الثقيل في المحافظة كاد أن يُسلّم لولا تدخل الهجري في اللحظات الاخيرة ورفضه القطعي هذا الامر مدعوما بالفصائل العسكرية المسلحة على الارض، ومذكرا بما حدث في الساحل وصحنايا.

ومع توالي الانباء في الساعات الاخيرة عن الوصول الى حل مع السويداء، ورغم ان ما نشر من بنود يتضمنه الاتفاق اثار غضب مؤيدي السلطة في دمشق بإعتبار انه يعطي الهجري إنتصارا واضحا واقرارا غير معلن بالادارة الذاتية، غير ان المعلومات تشير إلى ان الامور لا زالت على حالها فسلطة دمشق في دمشق وسلطة السويداء في السويداء.

المصدر : إيلاف

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا