الصحافة

سنّة بعلبك الهرمل تحت الاختبار: هل يستعيدون مقاعدهم؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع اقتراب الانتخابات النيابية بعد أشهر، تتجه الأنظار إلى دائرة بعلبك – الهرمل، حيث يواجه المجتمع السني اختبارًا حقيقيًا لقدرته على استعادة حضوره النيابي ومقاعده المفقودة. هذه الانتخابات ليست مجرد سباق على الأصوات، بل مرآة لنضج السنة السياسي، وقدرتهم على مواجهة تحديات محلية وإقليمية، وهي مؤشر واضح إلى مدى استعدادهم لتقديم المصلحة الوطنية على أي مصالح شخصية أو حزبية.

شهدت الساحة السنية البقاعية تغييرات كبيرة خلال السنوات الماضية. فالأحزاب التقليدية، خصوصًا تيار “المستقبل”، بات حضوره باهتًا في المنطقة وفي تراجع مستمر بعد تعليق العمل السياسي، وعمل أزلامه في الدورة الماضية على شراء الهويات وتحفيز المقاطعة الانتخابية. في المقابل، الهوة بين النواب المنتخبين والشارع اتسعت، كونهم لم يجدوا فيهم الصوت الذي يعبر عن تطلعاتهم وآرائهم السياسية، بل كانوا منصهرين ضمن تيار سياسي مختلف. فيما لم يتمكن عدد من المرشحين الطامحين على مدى دورات متتالية من بناء قاعدة دعم حقيقية بين الناخبين تحقق لهم نسبة أصوات مرتفعة توصلهم إلى عتبة الحاصل الانتخابي.

نتائج انتخابات 2022 النيابية كشفت ضعف التأثير السياسي للسنة، حيث لم يحصل النائبان اللذان فازا بدعم “حزب الله” على أصوات تفضيلية سنية معتبرة، فكانوا صوت قلّة قليلة، ما أبرز هشاشة التمثيل، إضافة إلى ضعف القيادات التقليدية التي لا تزال تبحث عن تنفيعة مادية من هنا أو معنوية من هناك. هذا الواقع وضع سنة المنطقة في شرنقة البحث عن قيادة ومرجعية، ما يحتم عليهم استعادة المقعدين المفقودين كونهما ضرورة استراتيجية، لا تحتمل أي تهاون، إذ أي تراجع إضافي سيكرّس ضعف الصوت السني ويفتح المجال أمام الخصوم.

الفرصة الحالية مؤاتية، إذ يمكن للصف السني، إذا تحرك بشكل منسّق وجدي، استثمار كتلة أصوات تتجاوز 45 ألف ناخب، في حال توافرت نسبة المشاركة نفسها التي شهدتها الانتخابات البلدية في مختلف البلدات والقرى السنية، والتي تستطيع بذات نسبة الاقتراع التي سجلت في أيار الماضي والإقبال على الصناديق، تحصيل حاصلين انتخابيين، إذا ما توحدوا حول مرشحين أساسيين بالتنسيق مع حلفاء أقوياء من الطوائف الأخرى. “حزب الله”، ولو جدلًا، يبدو مستعدًا للاعتراف بخسارة أحد المقاعد السنية، ما يتيح للسنة فرصة استعادة مقعديهم المفقودين، شرط توحيد الصفوف وتجنب الانقسامات. أي تشرذم، سواء عبر مرشحين تابعين لـ “سرايا المقاومة” يقدمون أنفسهم مستقلين وأبناء عائلات لها وزنها، أو طامحين يسعون إلى الظهور الفردي، سيضعف جهود السنة ويمكّن خصومهم من الهيمنة على النتائج.

النجاح لا يتعلق فقط بالحملات الانتخابية، بل بالنضج السياسي للمرشحين. كثيرة هي الأسماء التي لم تصل بعد إلى مستوى الرقي الذي يجعلها تقدم المصلحة الوطنية على أي طموحات شخصية، ولا يزال البعض من المرشحين السنة السابقين الذين يحضرون أنفسهم للدورة المقبلة، أو ممن بدأوا طرح أسمائهم حديثًا، جلّ طموحهم أن يسجل اسمهم في سجلات المرشحين للندوة البرلمانية فقط لا غير. وعليه تكون معظم الجهود منصبة على تسجيل الأسماء على اللوائح بغض النظر عن الأصوات الفعلية التي يمكن الحصول عليها. واستمرار هذا النهج قد يحرم السنة من استعادة مقاعدهم ويعزز النفوذ الذي يسعى لتجزئة الصف السني.

استراتيجية استعادة المقعدين المفقودين يجب أن ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: توحيد الصف الداخلي، إعادة بناء الثقة بين الناخبين والمرشحين، وتفعيل الحضور الميداني في كل بلدة ومدينة ضمن الدائرة. الحملات الانتخابية يجب أن تكون مركزة وشاملة وواقعية، تعكس اهتمامات المجتمع السني، بعيدًا من مجرد استعراض الأسماء أو اللوائح، مع الحرص على منع أي محاولة لتهميش الصوت السني أو تقليص تأثيره في المعركة المقبلة.

الانتخابات المقبلة في بعلبك – الهرمل ستكون اختبارًا لقدرة السنة على تقديم المصلحة الوطنية على أي أهداف شخصية، ومؤشرًا إلى مدى قدرتهم على الدفاع عن مصالحهم في البرلمان، والحفاظ على توازنهم السياسي في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. استعادة مقعديهم ليست مجرد رغبة انتخابية، بل ضرورة استراتيجية لضمان استمرار الصوت السني مسموعًا، وقادرًا على التعبير عن مصالح مجتمعه وحماية حقوقه في مواجهة محاولات التشتيت المستمرة.

ولأن النجاح لن يتحقق إلا بالعمل الجدي، ووحدة الصف، ونضج المرشحين، فإن أي انقسام سيعني خسارة الفرصة، وتمكين الخصوم من فرض إرادتهم على الدائرة. الانتخابات القادمة ليست مجرد تصويت على أسماء، بل هي اختبار لقدرة السنة في بعلبك – الهرمل على حماية تمثيلهم النيابي، واستعادة مقاعدهم، وبناء مستقبل سياسي يعكس طموحات وأصوات مجتمعهم، ويضمن لهم تأثيرًا حقيقيًا في تشكيل السياسات الوطنية.

عيسى يحيى- "نداء الوطن"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا