قانون الفجوة الماليّة من غرفة العناية الحكوميّة الى مشرحة مجلس النواب

يواجه مشروع قانون الفجوة المالية امتحانا صعبا وعسيرا في مجلس النواب، بسبب وجود معارضة واسعة له بالصيغة التي اقرتها الحكومة. وتدور اسئلة كثيرة حول مصير هذا المشروع، الذي ابدى ويبدي رئيس الحكومة نواف سلام حماس كبيرا له، بعد ان انتقل من غرفة العناية الفائقة الحكومية الى مشرحة مجلس النواب .

والمعلوم ان مشروع القانون هذا، خرج من مجلس الوزراء الى المجلس بولادة قيصرية، استندت الى تصويت مشكوك في دستوريته، كشف عن انقسام واضح داخل الحكومة بين مؤيد ومعارض ومتحفظ .

وبغض النظر عن الاشكالية الدستورية المتعلقة بطريقة التصويت، التي اعتمدت لاقراره في مجلس الوزراء، فان انتقاله الى مجلس النواب سيكون بداية لمخاض جديد عسير، يصعب التكهن بنتائجه .

امس، وصل مشروع قانون الفجوة المالية الى مجلس النواب، واكتفت مصادر مجلسية بالقول: ان الرئيس بري سيحيله الى اللجان النيابية المختصة .

وتتفاوت درجات الاعتراضات النيابية على مشروع الحكومة، لكن هناك شبه اجماع على انه سيخضع لنقاش طويل ودقيق، ولتعديلات عديدة ومهمة تتعلق بحقوق المودعين، وبتأمين ودائع الهيئات النقابية، وموضوع المتقاعدين والتقاعد، ومسائل تتعلق بالتحويلات وتوزيع الخسائر وغيرها .

وفي رصد عام لمواقف الكتل والنواب، فان هناك معارضة نيابية واسعة لصيغة الحكومة، وهي تتراوح بين من يؤكد على اجراء تعديلات جوهرية وكبيرة على المشروع، تصل الى حدود اعادة تشكيله وصياغته، وهناك من يرى ان المشروع سيخضع الى تعديلات اضافية عديدة، لان التعديلات التي اجريت عليه في جلسات مجلس الوزراء غير كافية، لا سيما بالشأن المتعلق بموضوع حقوق المودعين وبالودائع، وبتوزيع الخسائر والمسؤوليات .

وفي وصف يعكس خطورة مشروع الحكومة، يقول مصدر نيابي معارض ان قانون الفجوة المالية المطروح، يكاد يكون ادق واخطر من موضوع «حصر السلاح» ونزعه، لانه ينعكس بنتائجه السلبية على كل اللبنانيين، ويهدد الامن الاجتماعي في البلاد .

ووفقا لقراءة الكتل والنواب، فان هناك اكثرية نيابية واضحة تعارض مشروع قانون الحكومة، وهي ليست من لون سياسي واحد بل تجمع الاضداد، الثنائي امل وحزب الله مع «القوات اللبنانية» و"الكتائب» على سبيل المثال لا الحصر .

ويقول مصدر نيابي في «الثنائي الشيعي»، ان معارضتنا لمشروع القانون ليست معارضة سياسية او شعبوية، فموقفنا معروف من قضية حقوق المودعين، التي نعتبرها قضية مقدسة، كما عبر الرئيس نبيه بري مرارا وتكرارا. ويضيف المصدر اننا سنضع نصب اعيننا هذه الحقوق في مناقشة هذا القانون، الذي يتضمن شوائب عديدة ويحتاج الى تعديلات عديدة .

ويضيف المصدر نيابي في الثنائي الشيعي: سنشارك في اجتماعات اللجان المختصة بدرس ومناقشة مشروع القانون مادة مادة وتفصيلا تفصيلا، لان هناك ثُغرا فيه لا يمكن تجاهلها او القبول بها .

ويؤكد مصدر في تكتل «الجمهورية القوية» ان موقف التكتل معروف، وقد عبر عنه وزراؤنا في مجلس الوزراء بالتصويت ضد مشروع القانون، الذي يحتاج إلى تعديلات عديدة .

ويقول مصدر نيابي في «التيار الوطني الحر» اننا سندرس مشروع القانون بدقة بعيدا عن الشعبوية، لكن ايضا من دون الانحياز إلى الصيغة المطروحة، التي تتضمن ثغرًا عديدة، وتفتقد التدقيق والارقام، عدا المواد التي تمس الودائع وحقوق النقابات والهيئات النقابية، وتؤدي الى نتائج سلبية على صعيد الخدمات الصحية والاجتماعية لشريحة من المواطنين. واوضح ان مشروع القانون يحتاج حتما الى العديد من التعديلات.

وبرأي مصد نيابي في «اللقاء الديموقراطي» ان تصويت الوزراء الذين يمثلون اللقاء لمصلحة مشروع القانون، جاء بعد اجراء بعض التعديلات الضرورية عليه، كما ان نواب اللقاء سيطرحون تعديلات اضافية على المشروع، خلال درسه في اللجان النيابية المختصة.

ووفقا لاجواء المجلس، فان عددا من النواب «التغييريين» و "المستقلين» يعارضون ايضا مشروع القانون بالصيغة التي اقرت في مجلس الوزراء، وهناك من يرى ان المسألة ليست اضافة تعديلات تجميلية عليه لتمريره في الهيئة العامة، انما المطلوب اجراء تعديلات مهمة على الصيغة المطروحة، خصوصا في مسألة تحديد المسؤوليات وحماية حقوق المودعين.

وترى مصادر نيابية ان استعجال رئيس الحكومة في اقرار مشروع قانون الفجوة المالية قبل نهاية العام، قد يكون مرتبطا بحسابات تتعدى مسألة الاصلاحات، خصوصا ان مثل هذا المشروع لا يؤدي الغرض الاصلاحي الحقيقي. وتعتقد ان مشوار مناقشة مشروع قانون الفجوة المالية لن يكون قصيرا، وان مصيره ليس مضمونا.

محمد بلوط -الديار