إسرائيل تعيد تشكيل الواقع الميداني.. هل فقدت خطة ترامب لغزة زخمها؟
ما زالت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة تراوح مكانها، دون تحقيق إنجازات ملموسة، في ظل خروقات بالجملة للاتفاق من قبل إسرائيل، ومحاولتها فرض أمر واقع جديد لتعديل الاتفاق.
ويرى محللون أن موقف الولايات المتحدة وعلاقتها المتميزة مع إسرائيل جعلها تتغاضى عن كثير من الانتهاكات، بل وتمنحها غطاءً سياسيًا لمواصلة التحكم بمسارات المرحلة الأولى، وتأخير تنفيذ المرحلة الثانية، بما يضمن مصالحها الأمنية دون تقديم أي التزامات جدية للطرف الفلسطيني.
خطة بلا جدول زمني
وقال المحلل السياسي طلال أبو ركبة إن "خطة ترامب صُممت بالأساس لحماية إسرائيل وتحقيق مصالحها الأمنية"، موضحًا أن الإدارة الأمريكية منذ البداية تبنّت كل الاحتياجات الإسرائيلية دون توفير أدوات أو آليات تنفيذ واضحة، أو حتى جدول زمني يضمن التوازن بين الأطراف.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المرحلة الأولى من الخطة مكّنت إسرائيل من استرداد معظم الرهائن دون أن تلتزم بأي انسحاب من قطاع غزة أو حتى بضمان دخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، ومُنحت اليد الطولى للتحكم في الانتقال للمرحلة الثانية، وربطت ذلك باستكمال استعادة كل الرهائن".
وتابع: "الجانب الفلسطيني غُيّب تمامًا عن الاتفاق، فلم يُستشر لا ممثلون عن السلطة الوطنية ولا الفصائل، ما يجعل الاتفاق مفروضًا في جوهره على الفلسطينيين، في لحظة ضعف وعجز".
ولفت أبو ركبة بالقول إن "المعضلة اليوم تكمن في الانتقال إلى المرحلة الثانية التي ما زالت تفتقر لتحديد واضح لآليات نزع السلاح، وإدخال المساعدات، وفتح المعابر، ما يجعل مستقبلها غير مضمون".
اليد الطولى لإسرائيل
وقال أبو ركبة إن "اتفاق وقف إطلاق النار، بصيغته الحالية، لا يعدو كونه إطارًا يخدم المصالح الإسرائيلية مباشرة، إذ يمنح إسرائيل اليد الطولى في التحكم بمسار التنفيذ على حساب الفلسطينيين".
وأوضح أن "الاتفاق سيبقى يراوح مكانه ما لم تستجب الفصائل الفلسطينية لجميع الإملاءات الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة منحت إسرائيل زمام المبادرة الكاملة، دون فرض أي التزام عليها يضمن تحقيق إنجاز فعلي يشعر به الغزيون.
وتابع: "الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس، لم تعد تمتلك خيار الرفض أو القبول بالانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة ترامب، بعد أن فقدت أدوات الضغط اللازمة لإلزام إسرائيل أو المجتمع الدولي بتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة".
وأشار إلى أن "ما تحقّق حتى الآن لا يتعدى تحسينات إنسانية محدودة، مثل إدخال المواد الغذائية"، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى من خلالها لتصحيح صورتها أمام الرأي العام الغربي، بعد موجة الغضب التي أثارتها سياسة التجويع في غزة.
حلقة مفرغة
بدوره، قال المحلل السياسي علاء أبو زيد إن "خطة ترامب تسير في حلقة مفرغة، وإن محدودية إنجازها تعود لثلاثة أسباب رئيسة".
وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن أول هذه الأسباب أن "الحرب عادة ما تنتهي بمنتصر ومهزوم، لكن في حالة غزة، كلا الطرفين يتعامل على أنه خرج منتصرًا، ما يخلق حالة في تحديد الطرف الذي يجب أن يقدّم تنازلات". وأضاف: "إسرائيل بصفتها الطرف الذي يرى نفسه منتصرًا، تفرض شروطها على مسار الخطة وتحدد إيقاع تنفيذها".
وتابع: "السبب الثاني هو أن الولايات المتحدة تتعامل مع إسرائيل كابن مدلل، وتحرص على ألا تخسرها كحليف استراتيجي، فبنود الخطة التي صيغت برعاية أمريكية، في جوهرها، تخدم الرؤية الإسرائيلية، والموقف الأمريكي لا يتغير إلا إذا اصطدمت المصالح الإسرائيلية مع الضرورات الأمريكية".
تلاعب ببنود المرحلة الثانية
أما السبب الثالث، بحسب أبو زيد، فاعتبر أن "قضية تبادل الأسرى شكلت مدخلًا لتمرير الاتفاق، لكنها قُدّمت بطريقة تسمح بالتلاعب لاحقًا في بنود المرحلة الثانية، وبذلك، تبقى الخطة تراوح مكانها، وتحقيقها يتم فقط بما يخدم المصالح الإسرائيلية".
ونوه بأن "إسرائيل، في الأشهر الثلاثة الماضية، استغلت المرحلة الحالية لتدمير ما تبقى من شرقي غزة"، معتبرًا أن استمرار الوضع كما هو يمنحها فرصة إضافية لاستكمال مخططها العسكري.
وقال: "إسرائيل ستعمل بكل قوة لترسيخ فكرة حتمية النصر، من خلال استمرار الاغتيالات والتصعيد على الخط الأصفر، بهدف بلورة واقع جديد على الأرض، يفرض قواعد اشتباك مختلفة، ويكرّس اليد الإسرائيلية الطولى في غزة، كما هو الحال في سوريا ولبنان".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|