محليات

جعجع يحارب طواحين الهواء بسيف من ورق

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يختلف اثنان في لبنان من وجهة نظر أوساط نيابية شاركت في الجلسة التشريعية الأخيرة، التي دعا إليه الرئيس نبيه بري، على أن ما يقوم به رئيس حزب "

القوات اللبنانية" سمير جعجع لم يعد موقفًا سياسيًا يمكن إدراجه في خانة الاختلاف المشروع، بل بات نموذجًا صارخًا في الشعبوية السياسية المغلّفة بشعارات سيادية فارغة من أي التزام عملي. فالرجل يرفع الصوت عاليًا حين لا تناسبه الوقائع، ويصمت أو يبدّل موقفه فور تغيّر الحسابات.

جعجع الذي يتّهم اليوم رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة بـ"التواطؤ" مع رئيس مجلس النواب لتمرير الجلسة التشريعية، هو نفسه الذي شارك وشرّع واستفاد من جلسات مشابهة في مراحل سابقة من دون أن يرى فيها لا خرقًا دستوريًا ولا انقلابًا على الدولة. التناقض هنا ليس في التفاصيل، بل في الجوهر. فالمبدأ يتبدّل بتبدّل المصلحة، والدستور يُستحضر كشعار لا كالتزام، والغاية تبرّر الوسيلة، على أن تبقى سياسة مقارعة طواحين الهواء هي السمة، التي تطبع مواقفه هذه الأيام.

الأدهى، أن جعجع يذهب بعيدًا في تصعيده إلى حدّ كسر الخطوط الحمر مع بعبدا، مطلقًا اتهامات مباشرة لرئيس الجمهورية، ثم يترك لنوابه مهمة التراجع المقنّع عبر التأكيد أن العلاقة "ممتازة". هذا السلوك، كما تقرأه أوساط سياسية تقف إلى جانب الشرعية في السراء وفي الضراء، لا يعكس جرأة سياسية، بل هو نتيجة ازدواجية في القرار ومحاولة مكشوفة لضرب الهيبة الرئاسية من دون تحمّل كلفة المواجهة.

وإذا كان جعجع يعلن الدفاع عن الدولة، فإن ممارساته تقول العكس تمامًا. فمن يعطّل المؤسسات حين لا تخدمه، ويحرّض على مقاطعتها، ويحرص في الوقت نفسه على تسجيل حضور إعلامي صاخب، لا يمكنه الادّعاء بأنه يحمل مشروع دولة. هذا سلوك معارضة انتقائية، لا أكثر ولا أقلّ.

الأدهى، أن جعجع يوجّه اتهامًا مباشرًا إلى رئيس الجمهورية، فيما يحرص نوابه على التخفيف عبر التأكيد أن العلاقة «ممتازة». هذا الانفصام بين الكلام والممارسة يضعه في خانة من يصرّ على التصعيد الإعلامي على حساب الاستقرار، ويثبت أن شعاراته السيادية ما هي إلا واجهة لتسجيل نقاط سياسية سريعة، بدل أن يكون له موقف واضح ومسؤول تجاه الدولة والمؤسسات.

وتؤكد الأوساط ذاتها أن جعجع، بدلًا من أن يكون مدافعًا عن الدستور والمؤسسات، وقع في فخ التناقضات. فهو يتّهم الرئاستين الأولى والثالثة بـ "التواطؤ" مع نبيه بري، فيما سبق له أن شارك واستفاد من جلسات مماثلة عندما خدمت مصالحه السياسية. المبدأ هنا لا يهم، والمصلحة تتحكّم بالخطاب، ما يحوّل الدفاع عن الدولة إلى لعبة انتقائية.

وتنهي هذه الأوساط بالإشارة إلى أن جعجع لا يقود معركة سيادية، بل يخوض مقامرة سياسية قصيرة النفس، وتصعيدا مجانيا بدلًا من تقديم البدائل. وبهذا النهج، لا يواجه خصومه بقدر ما يفضح عدم قدرته عن تقديم خيار سياسي متماسك، مكتفيًا بدور من يهاجم الجميع حين تضيق به الساحة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا