الصحافة

منظومة للدفاع الجوي اللبناني

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"ان السماء زرقاء أيها الفرنسيون"... هذه كانت صرخة الرئيس شارل ديغول لدى ولادة الجمهورية الخامسة. متى يتسنى للرئيس جوزف عون أن يطلق الصرخة اياها "ان السماء زرقاء أيها اللبنانيون"... لدى الخروج من حال اللادولة الى حال الدولة؟

ديغول، وهو يعتمر القبعة التي عليها صليب اللورين قال "لا تدعوا الجيش يتألم"... بعدما بات على شاكلة الجمهورية الرابعة بالتآكل البنيوي والتاريخي. الكلام ذاته ردده الرئيس اللبناني "لا تدعوا الجيش يتألم"... عندما يجد نفسه دون دور في الدفاع عن البلاد، لأن ثمة من أراده أن يكون صورة عنا كشتات سياسي وطائفي متهالك، هذا ما تجلى في الصراع على صناديق الاقتراع، وحيث الحرب الأهلية بالأسلحة البيضاء. من يقتلع مَن ومَن يقضي على من. ديموقراطية "يهوذا"...!

لا شك أن اختيار الرئيس عون للعماد رودولف هيكل لقيادة المؤسسة العسكرية، كان اختياراً مثالياً. عسكري محترف، بعيد عن أي لوثة سياسية أو طائفية، ويدرك أن مهمته هي الدفاع عن الدولة، لا الدفاع عن الطوائف. والمهم هو الخروج من شعار الشيخ بيار الجميّل، كشعار قاتل "قوة لبنان في ضعفه"، اذا تذكرنا قول مناحيم بيغن "العالم لا يشفق على المذبوحين، لكنه يحترم المحاربين".

صحيح أن من المستحيل ارساء التوازن الميداني بين الجيش اللبنائي بامكاناته الضئيلة، و"الجيش الاسرائيلي" بامكاناته الهائلة، وبالترسانات الأميركية المشرعة أمامه. ولكن ما دام هناك مؤتمر لدعم الجيش في شباط المقبل، نأمل أن تكون الأولوية لتزويد لبنان بمنظومة للدفاع الجوي، كي لا نبقى دولة من دون أسوار، وبوجود ضباط وجنود من أكثر الضباط والجنود كفاءة في العالم، لنستعيد ثانية قول القديس السويسري نيكولا دو فلو في القرن الخامس عشر لأبناء بلده "تريدون أن تكونوا سويسريين، ابدأوا بتشييد الأسوار حول حدائقكم"!...

لا مجال البتة ليكون لدينا سلاح جوي، يضاهي سلاح الجو الاسرائيلي. لكن الحرب الأخيرة أظهرت أن بالامكان لجم الجنون الدموي، لدى تلك الثلة من الذئاب التي تحكم الدولة العبرية، لا أن نبقى مكتوفي الأيدي، فيما يتحول أطفالنا الى اشلاء، وتهدم منازلنا على من فيها، حتى وان كنا لا نريد الحرب، وليست مهمتنا وحدنا تحرير فلسطين، ولا الزحف الى القدس، بعدما رأينا ما حال العرب، وما حال الفلسطينيين. الأهم ما حالنا، ليكون ملحاً طلب منظومة الدفاع الجوي كضرورة وجودية، للتعامل مع تلك الثغرة الخطيرة. هكذا لتبقى سماؤنا زرقاء لا صفراء ولا سوداء. وهذا منطق السلم لا منطق الحرب...

والحال هذه، المقاومة ايضاً، وفي ظل الدولة الواحدة والشعب الواحد، ضرورة وجودية أيضاً ووفق مقتضيات الواقع، لنتوقف عند كلام صحيفة عربية يفترض أن تكون ناطقة باسم البلاط، والذي ألقى بمسؤولية كل المصائب التي ضربت لبنان على "الميليشيا المسلحة"، وهي الصفة التي لا تتسق والدور الوطني للمقاومة، مع أن من أمر بكتابة المقال يدرك أن ما حصل وما يحصل، نتاج الغياب المريب للدولة، وعلى مدى عقود بغلبة منطق الدولة الطوائفية على منطق دولة ـ المواطنة.

قليلة جداً تلك المحاولات التي بذلت لبلورة مفهوم ايديولوجي أو مفهوم استراتيجي، أو حتى مفهوم فلسفي للدولة، لتنطبق عليها كل مواصفات المغارة، لنجد في القانون الانتخابي المعتمد، والذي يفترض أن يكون يكون موازياً بأهميته للدستور، تبعاً لرأي الخبير الدستوري الفرنسي بنيامين موريل، تدميراً للبنية السوسيولوجية للمجتمع اللبناني، من خلال التكريس المروع لسيطرة الطوائف على السلطة التشريعية، تالياً على كل المؤسسات الدستورية في البلاد.

اللادولة اياها، التي شرعت الأبواب أمام ياسر عرفات وأمام آرييل شارون، وصولاً الى غازي كنعان ورستم غزالي. لمن يتذكر كيف كانت تستقبل "أم جمال" زوجة عبد الحليم خدام، كما لو أنها الملكة فيكتوريا تطأ أرضنا. أرض سائبة لكل اشكال الغزاة أكانوا أشقاء أم أعداء، ثم نفاخر بتعليق اللوحات على صخرة نهر الكلب، والتي تؤرخ لخروج نوع معين من الغزاة، ولكن لاستضافة نوع آخر من الغزاة..

الآن الوصاية الأميركية على لبنان أم الغزو الأميركي للبنان؟ لا فارق بين الحالتين، ونحن راضون، ولكن ألا يبدو من تصريحات توم براك وضع رؤوسنا كما رؤوس السوريين، بتصرف "الحاخامات"، لولا أن موقف المقاومة الرافضة للاستسلام، وضع في يد الدولة الورقة التي تحتاجها لتأمين التوازن الديبلوماسي على الأقل مع "اسرائيل". هكذا التراجع عن نزع السلاح عسكرياً الى احتوائه ديبلوماسياً.

لا سبيل لخروج الدولة من دوامة الضعف، الا بامتلاك أسباب القوة للمواجهة، دون أن يكون هاجسنا الحرب، وانما الأخذ بدعوة القديس السويسري اقامة الاسوار، الأسوار العالية، حول لبنان.

المقاومة بجراحها العميقة وبمواقفها الصلبة، تبقى وان تفاهمت مع الدولة حول "احتواء السلاح"، الظاهرة التاريخية التي لا يمكن أن تفقد دورها، ما دمنا في منطقة قال هيرودوت منذ 2500 عام، انها تقع على خط الزلازل. ايضاً عند نقطة التقاطع بين صراع الأمبراطوريات وصراع القبائل

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا