بعقوبات تصل إلى الإعدام… ندى الأسمر تدّعي على مغتصب الطفلة ختام
لم يكن الطفل علي محمد المحمد يدرك، وهو يخرج حياً من مياه البحر، أن صرخته ستكون المفتاح الذي أعاد تركيب واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها ساحل جبل لبنان. قرار ظني ثقيل، صدر عن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضية ندى الأسمر، وضع تفاصيل جريمة جمعت بين الاغتصاب والقتل العمد ومحاولة القتل، وأحال المتهم إلى محكمة الجنايات بجرائم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
القضية بدأت عند الساعة المتأخرة من مساء الأول من تشرين الثاني 2025، عندما تلقى مخفر الدامور اتصالاً هاتفياً من أحد سكان الناعمة، أفاد عن العثور على طفل في الخامسة من عمره على الطريق البحرية قرب مشروع جهاد العرب، عارياً من الجهة العليا، وعلى جسده آثار عنف واضحة. حضرت الدورية إلى المكان، حيث كان الطفل جالساً على كرسي بعد أن قام أهالي المحلة بإلباسه ثياباً، وعلى وجهه وصدره خدوش، وعلى فروة رأسه جرح ينزف.
أمام عناصر المخفر، قال الطفل إن شخصاً ما ضربه، وإن شقيقته ختام كانت برفقته. في تلك اللحظات، حضر حسن حسين الحسين، سوري الجنسية، وعرّف عن نفسه بأنه جار الطفل، مؤكداً أنه شاهد صورته على مجموعات التواصل وأن العائلة تبحث عنه وعن شقيقته ذات السنوات العشر. غير أن المشهد انقلب رأساً على عقب عندما أشار الطفل بيده مباشرة إلى الرجل، وقال بوضوح إنه هو من أخذه وشقيقته على متن دراجة نارية.
روى الطفل، بعفوية موجعة، أن المدعى عليه وعدهما بشراء أغراض، ثم توجه بهما نحو البحر. قال إن الرجل ضربه على رأسه، وأخذ شقيقته باتجاه الشاطئ وهي تصرخ. حاول المدعى عليه تهدئة الطفل، فحمله وقبّله وقال له: أنا عمو حسن، بحبك، أنا بشتريلك، إلا أن علامات الرعب بقيت مرسومة على وجه الصغير. عندها، تم توقيف المدعى عليه فوراً واقتياده إلى المخفر.
بإشارة قضائية، انتقلت دورية برفقة الطفل إلى الشاطئ بحثاً عن شقيقته. في المقابل، حاول المدعى عليه تقديم رواية مغايرة، مدعياً أنه أوصل الطفلين إلى دكان قريب وغادر. إلا أن التحقيق لم يقف عند هذا الحد.
التقارير الطبية، التي أعدها الطبيب الشرعي ميلاد عويدات، أثبتت أن الطفل علي تعرض لعنف جسدي مباشر، مع وجود جروح وسحجات في الوجه والجبهة والخاصرة والظهر، تستوجب التعطيل عن العمل ثلاثة أيام. كاميرات المراقبة في محيط منزل الطفلين والدكان المجاور أظهرت بوضوح كيف تبعهما المدعى عليه على دراجته النارية، ثم اصطحبهما خلفه، وعاد بهما إلى حي الكسارة قبل أن يغادر المكان بعد دقائق قليلة.
أمام المحققين، قال الطفل إن الرجل أخذهما إلى البحر، ضربهما، ورمى بهما في المياه، وإنه سمع شقيقته تصرخ وتستغيث بوالدها قبل أن يفر هارباً، مؤكداً أن المدعى عليه ضربه بحجر على رأسه.
بعد ساعات من البحث، عثر مخفر الدامور على جثة الطفلة ختام المحمد مقابل مسبح سبلاش، قبل البحر، مغطاة بحجارة كبيرة قرب هضبة ترابية بين القصب. الكشف الأولي الذي أجراه مكتب الحوادث والطبيب الشرعي كان صادماً: تهشم في عظام الوجه والجمجمة، جروح عميقة في الرأس، رضوض في أنحاء الجسد، وتمزق في غشاء البكارة عند الساعة السادسة، مع وفاة حصلت قرابة الساعة الحادية عشرة ليلاً.
تحت وطأة الأدلة، اعترف المدعى عليه في التحقيقات الأولية بما اقترفه. قال إنه في الليلة السابقة صعد الطفلين على دراجته، توجه بهما إلى البحر، ركن الدراجة قرب هضبة ترابية، وطلب من الطفل علي البقاء بعيداً، ثم أخذ شقيقته ختام إلى القصب. هناك، ومع صراخها واستغاثتها، طرحها أرضاً، نزع عنها ثيابها السفلية، واعتدى عليها جنسياً. وعندما اشتد صراخها، ضربها بحجر كبير على رأسها حتى أغمي عليها، ثم غطاها بالحجارة وتركها تنزف حتى الموت.
لم يكتفِ بذلك. عاد إلى دراجته، كذب على الطفل علي قائلاً إن شقيقته عادت إلى المنزل، ثم أخذه إلى محلة الناعمة ورماه في البحر قاصداً قتله، معتقداً أن المياه ستبتلعه. لاحقاً، عاد إلى منزله، وشارك في البحث عن الطفلين، وعمّم رقمه على مجموعات التواصل، قبل أن ينكشف أمره بعد نجاة الطفل ودلالته عليه.
أمام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضية ندى الأسمر، حاول المدعى عليه بداية الإنكار، ثم عاد واعترف مجدداً بكل ما نسب إليه، مكرراً تفاصيل جريمته، ومقراً باغتصاب الطفلة وقتلها ومحاولة قتل شقيقها.
القرار الظني، الذي صدر بعد التدقيق في ورقة الطلب والتحقيقات الأولية والاستنطاقية ومطالعة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، خلص إلى أن الأفعال المسندة إلى المدعى عليه تشكل جنايات القتل العمد، ومحاولة القتل، والاغتصاب وفض البكارة، المنصوص عنها في المواد 549 و201/549 و503 و512 من قانون العقوبات.
وبناءً عليه، قررت القاضية ندى الأسمر اعتبار الأفعال من نوع الجنايات، وإيجاب محاكمة المدعى عليه أمام محكمة الجنايات في جبل لبنان، مع تضمينه الرسوم والنفقات، وإيداع الأوراق جانب النيابة العامة الاستئنافية لإحالتها إلى المرجع المختص.
قرار ظني لا يكتفي بسرد الجريمة، بل يعيد بناء لحظاتها الأخيرة، من وعد كاذب بشراء الشيبس، إلى صرخة طفلة على الشاطئ، ومن طفل نجا من الموت ليكون الشاهد الوحيد، إلى قضاء وضع الوقائع كما هي، على طاولة العدالة وقوس المحكمة .
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|