حركة الأسواق التجارية تتخطى العام الفائت بـ50% إلى 70% ولكن...
انتخابات ٢٠٢٦: استحقاق دستوري أم وعد مؤجَّل؟
مع اقتراب الاستحقاق النيابي، يعود السؤال "القديم الجديد" إلى الواجهة هل يلتزم لبنان موعد أيار ٢٠٢٦ أم يدخل مجددًا في دوّامة التأجيل؟
رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون يشدّد على التمسّك بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، وعلى حق اللبنانيين غير المقيمين في المشاركة في هذا الاستحقاق. إلّا أنّه أقرّ، في المقابل، بالصعوبات العملية التي تعترض تنظيم اقتراع يؤدّي إلى انتخاب ممثّلين عن القارات الست، سواء لجهة الإطار القانوني أو الجهوزية الإدارية والتقنية. وهو موقف يجمع بين الالتزام المبدئي والواقعية السياسية.
في المقابل، يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على رفض أي تمديد للمجلس النيابي، ما يوحي ظاهريًا بأن خيار التأجيل غير مطروح سياسيًا. غير أنّ الوقائع التقنية والقانونية تطرح علامات استفهام جدّية حول قدرة الدولة على الوفاء بهذا الالتزام.
وفي السياق نفسه، يؤكّد رئيس الحكومة نواف سلام أنّ الانتخابات ستُجرى في موعدها.
نائب رئيس مجلس النواب، الياس بو صعب، قال بعد لقائه رئيس الجمهورية إنّه لا يمكن إقرار قانون انتخابي من دون توافق سياسي، موضحًا أنّ هناك توجّهًا لإعادة فتح المهل، ما يعني تأجيلاً تقنيًا للانتخابات.
كما أعلن «اللقاء الديمقراطي»، برئاسة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، أنّه لا مانع من تأجيل تقني للانتخابات لمدة شهرين كحدّ أقصى.
من الناحية الإجرائية، أُقفل باب تسجيل اللبنانيين غير المقيمين للاقتراع بعدما بلغ عدد المسجّلين نحو ١٥٢ ألف ناخب، وهي خطوة تعكس رغبة شريحة واسعة من المنتشرين في المشاركة، لكنها في الوقت نفسه تضع الإدارة الانتخابية أمام تحديات إضافية.
وفي هذا السياق، أقرّ مجلس الوزراء تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات برئاسة القاضي عفيف الحكيم. غير أنّ تشكيل الهيئة، على أهميته، يأتي متأخرًا نسبيًا قياسًا بحجم المهام الملقاة على عاتقها، والتي تتطلّب تحضيرات مبكرة تشمل تدريب الطواقم، ووضع آليات الرقابة، والتحضير اللوجستي والإعلامي، ولا سيّما مع اقتراب مهلة تسجيل المرشحين في الأول من آذار.
عمليًا، إنّ أي ضغط إضافي على المهل يجعل إنجاز الاستعدادات خلال أشهر قليلة مهمّة شاقّة وفق المعايير التقنية المعتمدة.
صحيح أنّ التجربة اللبنانية أثبتت مرارًا القدرة على «اللّحاق بالوقت الضائع» عبر قرارات سريعة، لكن السؤال الجوهري يبقى لماذا تُدار الاستحقاقات الدستورية دائمًا على حافة المهل؟ ولماذا تتحوّل القواعد إلى استثناءات دائمة؟
وفي سياق آخر، طُرح اقتراح تأجيل تقني لشهرين يهدف ظاهريًا إلى تسهيل مشاركة المغتربين الوافدين خلال فصل الصيف، لكنه يفتح في العمق نقاشًا أوسع حول الإطار القانوني الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات.
فالإشكالية لا تكمن فقط في موعد الاستحقاق، بل في القانون الناظم له.
الانقسام واضح بين أطراف تطالب بتعديله، ولا سيّما في ما يتعلّق بتصويت المغتربين، وأخرى تصرّ على تطبيقه كما هو.
والحال أنّ مقاعد مخصّصة لغير المقيمين. هذه البنود طُرحت في دورتي ٢٠١٨ و٢٠٢٢، لكن جرى تعليق العمل بها بسبب استحالة تطبيقها ضمن المهل المتاحة.
والواقع أنّ تنفيذها يحتاج إلى تحضيرات تبدأ قبل سنوات، لا قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات.
أمّا في ما يخصّ المقاعد الستة للمغتربين، فقد ربط القانون تطبيقها بعمل لجنة مشتركة بين وزارتي الداخلية والخارجية، على أن ترفع تقاريرها إلى مجلس الوزراء.
هذه اللجنة لم تُفعّل يومًا، ولم تُنجز أي دراسة تحدّد آلية توزيع المقاعد أو النظام الانتخابي المعتمد لها، ما يجعل تطبيق هذه المادة اليوم بلا أسس قانونية أو تقنية واضحة.
أمام هذا المشهد، تعود البلاد عمليًا إلى نقطة الصفر قانون غير مطبّق بالكامل، مواد معلّقة، وانقسام سياسي حاد حول التفسير والتعديل.
والنتيجة المرجّحة، في حال استمرار هذا الواقع، هي تكرار سيناريو ٢٠٢٢، أي تعليق البنود الإشكالية وإجراء الانتخابات وفق الصيغة التقليدية.
في النهاية، لم تعد المسألة مرتبطة بإجراء الانتخابات من عدمه، بل بصدقيتها وجدّيتها.
فإمّا استحقاق يُحترم فيه الدستور ويُصان حق الاقتراع، وإمّا انتخابات شكلية تُدار بمنطق الضرورة وتُنتج أزمة تمثيل جديدة.
وبين الوعد والواقع، يبقى أيار ٢٠٢٦ موعدًا معلّقًا "على ما يقدر الله".
دافيد عيسى - أخباراليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|