تأخّر قبول اعتماد السفير الإيراني… حين تعود الدبلوماسية إلى أصولها!
في خضمّ المشهد اللبناني المأزومِ، حيث تختلط السياسة بالاصطفاف وتضيع الأصول بين الاستثناء والقاعدة، يبرز تأخّر وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي في قبول اعتماد السفير الإيراني الجديد كخطوةٍ تستحقّ التوقّف عندها، لا بوصفها تعطيلًا دبلوماسيًّا، بل كمحاولةٍ جادّةٍ لإعادة الاعتبار إلى ما افتقدته الدولة اللبنانية طويلًا: “احترام الأصول”.
خلافًا لما كان سائدًا في مراحل سابقة، حين تحوّلت بعض الإجراءات الدبلوماسية إلى مجرّد تحصيل حاصل، يأتي هذا التأخير ليؤكّد أن وزارة الخارجية لم تعد صندوق بريدٍ سياسيٍّ، بل مؤسّسة سيادية تحكمها القواعد والأعراف الدولية، لا الضغوط ولا الإملاءات.
من الناحية الشكلية، لا يُلزم القانون أو العرف الدبلوماسي أي وزير خارجية بقبول اعتماد سفير فورًا، خصوصًا في ظلّ ظروف سياسية إقليمية دقيقة، وتوازنات داخلية حسّاسة. أمّا من حيث المضمون، فإنّ مقاربة الوزير رجّي تعكس محاولةً واعيةً لإعادة ضبط العلاقة بين الدولة اللبنانية وسائر البعثات الدبلوماسية، على قاعدة الاحترام المتبادل، لا الاستثناء الدائم.
الأهمّ في هذا السياق، أنّ هذه الخطوة لا تستهدف دولةً بعينها، بقدر ما تؤسّس لنهجٍ جديدٍ قوامه الفصل بين العلاقات الدبلوماسية الطبيعية، وبين التداخل السياسي الذي أضعف موقع الدولة اللبنانية في السابق. وهو نهجٌ يُعيد إلى وزارة الخارجية دورها كمرجعيةٍ، لا كملحقٍ في صراع المحاور.
في زمنٍ كان فيه لبنان يُتَّهم، بحقّ أو بباطل، بأنّه ساحة أكثر منه دولة، يأتي هذا السلوك الدبلوماسي ليبعث برسالةٍ واضحةٍ إلى الداخل والخارج: لبنان الرسمي يحاول، ولو بخطوات محسوبة، استعادة موقعه كدولة تحترم نفسها قبل أن تطالب الآخرين باحترامها.
قد لا يُرضي هذا التوجّه جميع الأطراف، وقد يفسّره البعض على أنّه تشدّد أو برود سياسي، لكنّ القراءة الهادئة تُشير إلى عكس ذلك تمامًا. فالاحترام الحقيقي في العلاقات الدولية لا يُبنى على العجلة، بل على وضوح القواعد وثبات المواقف.
خلاصة القول، إن تأخّر قبول اعتماد السفير الإيراني ليس خروجًا عن الدبلوماسية، بل عودة إليها. وهو، إن استُكمل بنهج متوازن وثابت، قد يشكّل بداية تصحيحٍ لمسارٍ طويلٍ من التفريط بالأصول، دفع لبنان ثمنه سياسيًّا ودوليًّا. وتؤكّد معلومات “هنا لبنان” أن مسار قبول الاعتماد في اتجاهه الصحيح، وتختم بالقول: “إذا مش الأسبوع المقبل، فلّلي بعده أكيد”.
بشارة خير الله -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|