الصحافة

اغتيالات هزّت نظام الأسد: هكذا قُتِلَ "أبو عبدو" و"جامع"!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يسقط نظام بشّار الأسد فعليّاً يوم الثامن من كانون الأوّل 2024، بل كان هذا التاريخ الموعد الرسميّ لإعلان “وفاة النظام”. بدأ تهاوي النظام منذ أن بدأ يأكل أبناءه، تحديداً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بلبنان في شباط عام 2005، وهو الحدث الذي مهّد لتغلغل المشروع الإيرانيّ في المنطقة.

كثيرة هي الأحداث والمحطّات التي كانت تدقّ المسمار تلو الآخر في نعش نظام البعث السوريّ. ربّما أصدق ما قيل في وصف ذلك ما قاله الزعيم وليد جنبلاط في خطاب 14 شباط 2008 عند تعليقه على اغتيال عماد مغنيّة في دمشق: “انظروا ماذا حصل في دمشق.. إنّهم ينهشون بعضهم بعضاً”.

صراع السّلطة داخل النّظام

يكشف تحقيق “أساس” عن ترنّح نظام آل الأسد منذ مطلع الألفيّة الثالثة، حين ظهر صراع على السلطة بين بشّار الأسد وشقيقه ماهر من جهة، وما يعرف بـ”الحرس القديم” من ضبّاط الاستخبارات وفحول السياسة السوريّة أيّام حكم والدهما حافظ الأسد من جهة أخرى.

استطاع “أساس” الوصول إلى شخصيّة رفيعة من الدائرة الضيّقة لقائد الفرقة الرابعة في جيش النظام، اشترطت عدم الكشف عن هويّتها أو حتّى مسمّاها الوظيفي. وقد كشف المصدر عن أربعة اغتيالات هزّت الداخل السوريّ، بقيت على رفّ الملفّات الغامضة حتّى فرار بشّار وماهر الأسد ومسؤولي النظام من سوريا فجر الثامن من كانون الأوّل الماضي.

تتناول هذه الحلقة المعلومات التي حصل عليها “أساس” عن ظروف مقتل:

رئيس شعبة الأمن السياسيّ الأسبق اللواء رستم غزالي.
رئيس الاستخبارات العسكريّة في دير الزور اللواء جامع جامع.
العميد عصام زهر الدين، قائد الحرس الجمهوريّ في دير الزور.

الاحتلال السّوريّ للبنان ومصير الضبّاط

ارتبط اسما رستم غزالي وجامع جامع بحقبة الاحتلال السوريّ للبنان، وهي فترة مليئة بالأعمال القذرة لمصلحة نظام حافظ الأسد ونجله بشّار. بعد اغتيال الحريري في 2005، بدا واضحاً أنّ النظام المترنّح في دمشق يأكل أبناءه، فغالباً ما كانت الأسماء التي قُتلت بشكل غامض تعرف أكثر من المطلوب. لم يكن غازي كنعان الوحيد، فهناك أيضاً آصف شوكت، محمد سليمان، اللواء رستم غزالي واللواء جامع جامع.

لم يكن الأمن في دمشق من أجل مكافحة التجسّس والإرهاب وحماية المواطنين، بل لتنفيذ اغتيالات وتصفيات واعتقالات وأعمال قذرة تشمل غسل الأموال، تجارة مخدّرات، تهريب نفط وزعزعة استقرار دول الجوار، خصوصاً لبنان والعراق.

رستم غزالي: الولاء والصّراع مع إيران

رستم غزالي، المعروف بـ”أبي عبدو”، لم يكن ضعيف الولاء للأسد، بل كان يسعى إلى تنفيذ أيّ مهمّة مهما بلغت قذارتها لإثبات ولائه وطاعته. عمل على الوشاية بضبّاط الاستخبارات وتهديد كلّ من يخالف الأوامر العليا.

عُين “والياً على لبنان” بعد إعفاء غازي كنعان من منصب رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في لبنان عام 2002. بعد انسحاب الجيش السوريّ من لبنان في 2005، تولّى غزالي رئاسة الفرع 227 في ريف دمشق، الذي شمل المناطق الحدوديّة اللبنانيّة – السوريّة.

مع اندلاع الثورة السوريّة في آذار 2011، أشرف غزالي على قمع التظاهرات وزجّ المتظاهرين في أقبية الفرع 227، وهو من أبشع فروع الأمن السوريّ، وأسهم بشكل مباشر في مقتل آلاف السوريّين.

بعد دخول إيران و”الحزب” رسميّاً في الحرب السوريّة، تركّز عملهما في مناطق ريف دمشق والجنوب السوريّ، وخصوصاً بلدة “قرفا” في درعا، مسقط رأس غزالي. تقع قرفا على طريق M5 الاستراتيجيّ بين دمشق والأردن، وتشكّل ممرّاً نحو الحراك والسويداء والبادية الممتدّة نحو العراق، وهو ما جعلها مركزاً مهمّاً للسيطرة والتهريب.

في هذه البلدة، شيّد غزالي قصراً فخماً وأنشأ جهازاً أمنيّاً خاصّاً أطلق عليه سكّان البلدة اسم “شبّيحة رستم”، وشيّد سجوناً سرّيّة وزجّ أبناء بلدته فيها. عندما حاول الحرس الثوريّ الإيرانيّ السيطرة على القصر عام 2014، رفض تسليمه وأحرقه ودمّره موثّقاً العمليّة، في تحدٍّ واضح لإيران و”الحزب”، وهو ما زاد من شعوره أنّ أيّامه باتت معدودة.

استثمر غزالي أيضاً التفلّت الأمنيّ والحصار على الجنوب السوريّ لممارسة أعماله التجاريّة، خصوصاً تهريب صهاريج المحروقات إلى مناطق المعارضة، بمشاركة أبناء أخوته، وكان ذلك سبباً إضافيّاً للضغط عليه من قبل اللواء رفيق شحادة رئيس جهاز الأمن العسكري والإيرانيّين.

محاولة غزالي كشف أسرار الحريري

عُرف غزالي بأنّه “صندوق أسود” للنظام السوريّ في لبنان بعد غازي كنعان، وكان مطّلعاً على تفاصيل اغتيال رفيق الحريري. مع تضييق الخناق عليه من الإيرانيّين واللواء شحادة، حاول دون أن ينجح بالتواصل مع رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري عبر أحد يعض الأمنيين مقرّبين منه للكشف عن معلومات مهمّة.

بعد ذلك، اعتقل الأمن العسكريّ أبناء شقيقه على خلفيّة تهريب الوقود للمعارضة، وهو ما دفعه لمواجهة شحادة مباشرة. عند دخوله مقرّ شحادة، تعرّض للضرب والصعق بالكهرباء، ثم حُقن بمادّة أدّت إلى وفاته تدريجاً، بينما التلفزيون الرسميّ السوريّ نسب الوفاة إلى وعكة صحيّة لإخفاء الحقيقة.

جامع جامع وعصام زهر الدّين

كان اللواء جامع جامع مسؤولاً عن المداهمات في دير الزور، ويرسل تقاريره مباشرة للأسد، لكنّه لم يكن محلّ ثقة كاملة. قرّر بشّار وماهر الأسد التخلّص منه عبر العميد عصام زهر الدين، قائد الحرس الجمهوريّ في دير الزور، الذي قنصه أثناء مواجهة مع المعارضة في حيّ الرشيديّة بتاريخ 18 تشرين الأوّل 2013.

تمّ تشييعه في جبلة من دون ضجّة أو تكريم، فالنظام أراد محو آثاره. أمّا عصام زهر الدين، مع الوالي للنظام، فقُتل لاحقاً في انفجار عبوة ناسفة زرعها عناصر داعش عام 2017.

يؤكّد المصدر أنّ زهر الدّين رمى العسكريّ الذي قنَصَ جامع جامع من طائرة مروحيّة وتخلّصَ منه ليكونَ المشهد حادثاً عرضيّاً أثناء الخدمة العسكريّة، لكنّه لا يستطيع البقاء على قيد الحياة ما دام يُمسك بسرٍّ يكشف كيفَ ينهشُ الأسدان رجالهما.

على الرّغم من اختلاف طُرق الموت لكلٍّ من رستم غزالي وجامع جامع وعصام زهر الدّين، كان المُشترَك بينهم أنّهم “قُتلوا من فوق، وليس من الأمام أو الخلف أو الوراء أو تحت”. استخدم بشّار وماهر الأسد الاغتيالات لضمان السيطرة على أجهزة الأمن، وتصفية كلّ من قد يعرف أسرار النظام الداخليّة والخارجيّة، بما في ذلك ملفّات حسّاسة مثل اغتيال رفيق الحريري وملفّات النفوذ الإيرانيّ في سوريا ولبنان.

إبراهيم ريحان- أساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا