الملفّ العالق: لماذا فشلت مفاوضات بيروت–دمشق حول السجناء السوريّين؟
بعد أسابيع على زيارة نائب رئيس الحكومة طارق متري لدمشق، ولقاء رئيس الحكومة نوّاف سلام بالرئيس السوريّ أحمد الشرع على هامش منتدى الدوحة، زار الأربعاء الماضي وفدٌ قضائيّ لبنانيّ العاصمة السوريّة. رأس الوفد مفوّضُ الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي كلود غانم، وضمّ القاضيَين منى حنقير وجاد معلوف.
طرق الوفد اللبنانيّ باب وزارة العدل السوريّة عبر عرض مشروع اتّفاق قضائيّ يسمح بتسليم الموقوفين والمحكومين السوريّين إلى بلادهم، بما لا يتعارض مع القوانين اللبنانيّة المرعيّة الإجراء.
بحسب معلومات “أساس” تخلّل الاجتماع نقاشات حادّة، إذ تمسّك الوفد اللبنانيّ بالموقوفين المتّهمين بقتل عناصر من الجيش اللبنانيّ أو بملفّات إرهابيّة. في هذا السياق أكّد رئيس الجمهوريّة جوزف عون لـ”تلفزيون سوريا”ّ أنّ “الجانب اللبنانيّ لا يستطيع تسليم سوريّين متّهمين بقتال الجيش اللبنانيّ”.
في المقابل، أكّد الجانب السوريّ امتلاكه وثائق تشير إلى أنّ عدداً من هؤلاء السجناء تعرّضوا لـ”فبركة ملفّات”، وأنّ بعض الموقوفين بجرائم إرهاب هم في الواقع معارضون للنظام السوريّ السابق، وقد جرى توقيفهم في سياق سياسيّ لا قانونيّ تحت تأثير نفوذ “الحزب”. طلب الوفد السوريّ من الجانب اللبنانيّ أدلّة واضحة ومباشرة على التهم الموجّهة إلى هؤلاء المساجين، معتبراً أنّ كثيراً من الملفّات تفتقر إلى إثباتات كافية.
قال مصدر سوريّ لـ”أساس” إنّ “المشكلة في لبنان تكمن في عدم القدرة على التمييز بين من هو مرتكب فعلاً ومن لُفِّقت له التهم المفبركة”. بحسب أحدث الإحصاءات التي حصل عليها “أساس”، يتبيّن أنّ 62% من السجناء السوريّين في لبنان هم موقوفون لم تصدر أحكام بحقّهم بعد، فيما 38% فقط محكومون.
مجموعتان من السّجناء
تتوزّع فئات السجناء، وفق معلومات “أساس”، على مجموعتين:
الفئة الأولى تضمّ نحو 200 سجين يُصنَّفون سجناء رأي سياسيّ، وهم محور الإشكاليّة الأساسيّة في المفاوضات. يطالب الوفد السوريّ بهم قبل غيرهم، باعتبارهم، وفق روايته، معارضين لنظام بشّار الأسد. إلّا أنّ جزءاً منهم موجَّهة إليهم اتّهامات بالانتماء إلى “جبهة النصرة” و”الجيش الحرّ”، فيما يُلاحَق القسم الآخر بتهم قتل عناصر من الجيش اللبنانيّ وبتفجيرات.
تضمّ الفئة الثانية من السجناء السوريّين متّهمين بجرائم جنايات مختلفة تطالب دمشق أيضاً باستعادتهم لاستكمال محاكمتهم في سوريا.
يقول مصدرٌ سوريٌّ لـ”أساس” إنّ السلطات السوريّة لن تنتظر سنوات إضافيّة لمحاكمة الموقوفين الذين ما يزالون ينتظرون بتّ ملفّاتهم، وهم الفئة الكبرى بين السجناء”، مضيفاً: “نحن على علم ببطء القضاء اللبنانيّ، ولا يمكن إبقاء هؤلاء عالقين بلا محاكمة إلى أجل غير معلوم”.
يؤكّد المصدر أنّ سوريا مستعدّة لتقديم ضمانات قضائيّة واضحة لمتابعة محاكمة كلّ من يثبت تورّطه بأيّ جرم، بما يضمن عدم إسقاط أيّ ملفّ أو إهماله بعد نقل السجناء إلى الأراضي السوريّة.
إعادة السّجناء على دفعتين
عمليّاً، تطالب دمشق السلطات اللبنانيّة بإعادة جميع السجناء السوريّين على دفعتين:
الدفعة الأولى تشمل سجناء الرأي السياسيّ.
الدفعة الثانية تأتي بعد تأهيل السجون السوريّة لاستيعاب الموقوفين والمحكومين بجرائم جنائيّة.
بذلك يكون الهدف النهائيّ، بحسب المصدر، هو تصفير السجون اللبنانيّة من السجناء السوريّين بالكامل.
في الخلاصة لم يُسفر لقاء الوفد اللبنانيّ بالجانب السوريّ عن أيّ نتيجة، فقد رفض الوفد السوريّ المسوّدة المقدّمة من الجانب اللبنانيّ، في حين وعد الوفد اللبنانيّ بإعادة دراستها، على أن يُعقد اجتماع آخر لمتابعة الملفّ في وقت لاحق لم يُحدَّد موعده بعد.
تشير مصادر “أساس” إلى أنّ اللقاء لم يكن فاشلاً، لكنّه لم ينجح في التوصّل إلى اتّفاق.
يقول مصدر حقوقيّ لـ”أساس” إنّ الحلّ الأنسب لهذه العقدة قد يكون من خلال ثلاث خطوات:
1- خفض السنة السجنيّة إلى ستّة أشهر.
2- إخلاء سبيل الموقوفين غير المحكومين الذين تجاوزت مدّة توقيفهم عشر سنوات.
3- تحديد الأحكام المؤبّدة والإعدام بما يضمن العدالة ويخفّف التراكم في السجون.
تحرّكات جديدة
تجدر الإشارة إلى أنّ أصواتاً من لبنان وسوريا أبدت تساؤلات عن الوفد اللبناني، مشيرة إلى أنّ الوفد المكلّف بالتفاوض هو نفسه الذي شارك في الادّعاء على الموقوفين وغطّى جرائم التعذيب، سواء عن قصد أو عن غير قصد، متسائلة: كيف يمكن للدولة اللبنانيّة أن تطلب من هؤلاء إجراء التفاوض؟
من جهة أخرى، يستعدّ أهالي المعتقلين السياسيّين السوريّين في لبنان للبدء قريباً بمرحلة جديدة من التحرّكات تشمل إجراءات تصعيديّة ضدّ الانتهاكات التي تعرّض لها أبناؤهم، من بينها إغلاق الحدود مع لبنان أمام القوافل التجاريّة، رفع دعاوى قضائيّة لمحاسبة المسؤولين عن القتل والإخفاء والتعذيب والاحتجاز التعسّفيّ وغير القانونيّ وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحقّ المعتقلين السياسيّين السوريّين في السجون اللبنانيّة.
لارا منيف- أساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|