أهمية الزيارات الرئاسية… ودلالات محطة سلطنة عُمان
في زمن يمرّ فيه لبنان بلحظات دقيقة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، يقود رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حراكًا ديبلوماسيًا مواكبًا لمسار التفاوض، يهدف إلى حماية لبنان وشعبه من أيّ تصعيد محتمل.
وتبرز الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية كأحد المفاتيح الأساسية لإعادة وصل ما انقطع مع الدول الصديقة، وفتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار والدعم.
فهذه الزيارات تحمل في طيّاتها رسائل واضحة بأنّ لبنان لا يزال يمتلك شبكة علاقات عربية ودولية حقيقية قادرة على تشكيل رافعة في مسار التعافي.
وتأتي الزيارة الأخيرة إلى سلطنة عُمان ولقائه بالسلطان هيثم بن طارق آل سعيد، والبيان المشترك الذي صدر عن الجانبين العُماني واللبناني، والداعي إلى ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية فورًا والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، لتؤكّد هذا النهج وتُبرز أهمية هذه المحطّة.
سلطنة عُمان ليست دولة صديقة فحسب، بل بلدٌ احتضن اللبنانيين على مدى عقود، وفتح أمامهم أبواب العمل والاستقرار، وتتميّز بسياسة الانفتاح والاعتدال، وبإدارة حكيمة ومنفتحة.
وقد لمس اللبنانيون في السلطنة، أفرادًا ومؤسسات، احترامًا وحضورًا كريمًا، إضافة إلى مناخ اقتصادي مستقر ساعدهم على بناء أعمال ناجحة في مختلف القطاعات.
إنّ التعاون (اللبناني العُماني) ليس جديدًا، بل هو علاقة ثقة تُرجمت عبر السنوات بمبادرات مشتركة بين القطاعين العام والخاص.
ولذلك، فإنّ اختيار مسقط كمحطة رئاسية يحمل دلالات اقتصادية واضحة، خصوصًا في ظلّ الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في السلطنة، بقيادة الوزير قيس بن محمد بن موسى اليوسف، الذي لعب دورًا محوريًا في فتح آفاق جديدة أمام رجال الأعمال اللبنانيين، وتسهيل مشاركتهم في مشاريع تنموية داخل السلطنة.
ومن هنا، وانطلاقًا من معرفتي الشخصية بما قامت به الهيئات الاقتصادية اللبنانية بالتعاون مع الجهات العُمانية، أرى ومن باب لفت النظر أنّ الوفد اللبناني الذي رافق رئيس الجمهورية كان يجب تطعيمه بوزير الاقتصاد والتجارة، ووزير الصناعة، ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير.
فهؤلاء الثلاثة يشكّلون معًا ركنًا أساسيًا في الدبلوماسية الاقتصادية، وكان وجودهم سيمنح الزيارة بُعدًا عمليًا أعمق، ويتيح استثمار اللقاءات الرسمية لصياغة مشاريع مشتركة وتفاهمات مباشرة بين قطاعات الإنتاج في البلدين.
خصوصآ أنّ الوزير السابق محمد شقير زار سلطنة عُمان أكثر من خمس مرّات بصفته رئيسًا للهيئات الاقتصادية اللبنانية، ويملك علاقات متينة مع القطاع الاقتصادي العُماني، فيما يشكّل وجود وزيري الاقتصاد والصناعة عاملًا حاسمًا في تثبيت أيّ اتفاقات أو خطط تعاون مستقبلية، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية والصناعية التي يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات اللبنانية، وجذب استثمارات عُمانية إلى لبنان.
وفي هذا الإطار، تبدو سلطنة عُمان من أبرز الدول العربية القادرة على لعب دور داعم، سواء عبر استثمارات مباشرة، أو شراكات اقتصادية، أو فتح أسواق جديدة أمام الشركات اللبنانية.
في الختام، تبقى الدبلوماسية الاقتصادية أحد أهم الأسلحة التي يمتلكها لبنان اليوم. والزيارات الرئاسية، إذا ما استُثمرت بالشكل الصحيح، يمكن أن تتحوّل إلى رافعة حقيقية تساعد البلد على تجاوز أزماته.
أمّا زيارة سلطنة عُمان، فهي خطوة واعدة في هذا الاتجاه، على أمل أن تتكرّس بمتابعة رسمية واقتصادية تليق بالعلاقة التاريخية بين البلدين، وتستفيد من محبّة السلطنة للبنان ومن محبّة اللبنانيين لها.
دافيد عيسى - أخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|