بعد عام من "وقف إطلاق النار".. هل الجيش قادر على الدفاع عن الوطن؟
هل يُنقذ رئيس الجمهورية الاستحقاق الانتخابي في اللحظة الحاسمة؟
يسود اعتقاد داخل لبنان وخارجه بأن الانتخابات النيابية المحدّد إجراؤها نظريًا بعد ستة أشهر من الآن لن تحصل في 15 أيار من العام المقبل. وما يعزّز هذا الاعتقاد إصرار
رئيس مجلس النواب نبيه بري على عدم إدراج الاقتراح القانون المعجّل المكرّر، الذي يطالب بتعديل المادة 112 من قانون الانتخاب أو الغائها، بحيث يتمكّن المغتربون المسجّلون من المشاركة في هذا الاستحقاق على أساس انتخاب الـ 128 نائبًا، كل في دائرة قيده الأساسي، إضافة إلى رفض إدراج مشروع القانون المعجّل، الذي يدعو إلى تعديل القانون النافذ ليتسنى للحكومة إجراء هذه الانتخابات من دون تعريض هذه العملية لأي طعن في حال لم تُقرّ التعديلات الضرورية، التي تتيح لوزارة الداخلية والبلديات بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة العدل المضي قدمًا في هذا المسار الانتخابي وفق الأنظمة المرعية الاجراء.
من هنا يمكن القول بأن هذا القانون لا يُراوح مكانه فقط بين لجان مجلس النواب، بل في الحسابات السياسية القائمة على مبدأ الربح والخسارة. وهذه الحسابات لا تأخذ في الاعتبار بطبيعة الحال عامل الوقت، باعتبار أن حسابات حقل البعض لا تناسب حسابا بيدر البعض الآخر.
وفي ظل هذا التجاذب السياسي، ارتفع مؤخرًا منسوب النقاش بالنسبة إلى احتمال لجوء رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى استخدام صلاحياته الدستورية لتحريك الملف عبر رسالة من المرجّح أن يوجّهها إلى المجلس استنادًا إلى المادة 53 من الدستور. إلاّ أن هذه الفكرة لم تتبلور بعد، وهي التي تقوم على معادلة بسيطة، وهي أنه لا يمكن لسلطة دستورية (رئاسة مجلس النواب) تعطيل عمل سلطة دستورية أخرى (مجلس الوزراء). إلا أن بعبدا تتعامل مع الطرح كخيار سياسي قد يتمّ اللجوء إليه عند الضرورة القصوى كخطوة إنقاذية.
في المقابل، ترى "القوى السيادية" أن ما يقوم به الرئيس بري لا يعدو كونه تمييعًا إضافيًا، على حدّ وصفها. وهذا ما يجعلها تدق أبواب بعبدا مطالبة رئيس الجمهورية لكي يلعب دستوره الدستوري وفق صلاحياته، على قلّتها، لتسهيل إنتاج تسوية سياسية، من دون أن يعني ذلك بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية فتح سجال بينها وبين رئاسة مجلس النواب.
وفي رأي هذه القوى أن هذه الورقة الرئاسية من شأنها أن تكسر حلقة الجمود، وهي بمثابة "الخرطوشة الأخيرة" قبل فوات الأوان، إذ أن تأجيل هذا الاستحقاق الدستوري سيضرّ كثيرًا بمسيرة العهد وبخطّة النهوض. فأي تأجيل قد يعطي انطباعًا إضافيًا للمجتمع الدولي عن عجز أهل السلطة، وهو انطباع قد يقود أصحاب القرار من خارج الحدود إلى اتخاذ بعض الخطوات، التي لا تتوافق مع ما يُبذل داخليًا لتلافي الوصول إلى "الكيّ"، الذي يرى فيه البعض آخر دواء.
وبعيدًا من هذه السجالات العلنية، تستمر الاتصالات بين القوى الكبرى بوتيرة مرتفعة على أساس أن هذه الانتخابات حاصلة في موعدها، وذلك تجنبًا لأي مفاجآت غير محسوبة.
وفي حسبة بسيطة يتبيّن أن القانون الحالي والنافذ يخدم معظم القوى الأساسية، ويوفّر لها طريقًا مضمونًا لعودة نحو 94 نائبًا من كتل "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" وحزب "الكتائب اللبنانية" و"الثنائي الشيعي" والحزب الاشتراكي وعدد من الأحزاب والتحالفات الظرفية، فيما تبقى المنافسة الفعلية على نحو 34 مقعدًا، تتوزع بمعظمها في بيئة المستقلين وما يسمّى بـ "التغييريين".
وعليه، ووفق بعض المعلومات، فإن الماكينات الانتخابية قد قطعت شوطًا متقدمًا في التحضير المبكر لهذه الانتخابات، التي تُعتبر مفصلًا مهمًا في الحياة السياسية، خصوصًا على مستوى المغتربين، في محاولة لحساب أثر أصواتهم وكيفية نقل من يمكن استقدامهم إلى لبنان يوم الاقتراع.
وفي الوقت الذي تغيب فيه البرامج السياسية الواضحة وتُنسج التحالفات "على القطعة"، يبرز "الثنائي الشيعي" كاستثناء وحيد بخوضه معركة تعتبرها قيادته "معركة وجود سياسي" على وقع عنوان خارجي صريح، وهو محاولة خرق البيئة الشيعية وإضعاف "
حزب الله" عبر صناديق الاقتراع. من هنا يُفهم موقف الرئيس بري الذي يصرّ على إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ وفي وقته.
وعليه، فإن المسار المقبل يتوزّع بين ثلاثة احتمالات:
– الإبقاء على القانون الحالي وإجراء اقتراع المغتربين لستة نواب بعد توزيعهم بمرسوم.
– إلغاء اقتراع الخارج وتأجيل الانتخابات إلى آب لإفساح المجال أمام 400 إلى 450 ألف مغترب للحضور شخصيًا إلى لبنان.
– تعديل القانون وإعادة فتح باب التسجيل لتصويت المغتربين لـ128 نائبًا.
وما بين كل هذه الاحتمالات يبقى موقف الرئيس بري العامل الحاسم، في ضوء استمرار رفضه طرح مشروع الحكومة على التصويت. ومع إعلان الوزارات المعنية استحالة تنظيم انتخابات لستة نواب فقط، يتقدم سيناريو حصر اقتراع المغتربين في الداخل في انتظار اللحظة السياسية المناسبة لإعلانه.
وخلاصة القول فإن الصراع حول قانون الانتخاب قد تخطّى الجانب التقني، وبات جزءًا من معركة النفوذ على شكل المجلس المقبل. وبين ضغط رئاسي محتمل، وتفاهمات سياسية غير معلنة، وتراجع الكتلة الاغترابية، تزداد المؤشرات إلى أن الانتخابات المقبلة ستجري وفق القانون الحالي، ما لم يُقلب الطاولة في اللحظة الأخير، و"تطير" الانتخابات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|