أسعار السلع تجاوزت سعر الدولار... مقارنة لتطور الأسعار وسعر الصرف بين 2019 و2025
رفع عقوبات "قيصر" عن سوريا... أميركا للعرب: اخضعوا تحيوا
أقرّ مجلس النواب الأميركي التعديل الأخير الذي يفضي إلى إلغاء قانون العقوبات المفروض على سوريا (قانون قيصر)، وذلك بعد سلسلة من التعديلات التي حوّلت الشروط السابقة التي كان يتضمّنها إلى ما يشبه «الأمنيات». وسبقت إقرارَ القانون، الذي مرّره المجلس ليل الأربعاء - الخميس، بنتيجة 312 مؤيداً مقابل 112 معترضاً، سجالاتٌ بين مؤيّدي الإلغاء ومعارضيه، خضع المشروع على إثرها لتعديلات عديدة، وصولاً إلى صيغة أبقت على مجموعة من الشروط التي تتيح إعادة تفعيل القانون في حال مخالفتها، ومن بينها «ضمان أمن الجوار» و«محاربة الإرهاب» و«المساعدة في تفكيك ما تبقّى من أسلحة كيميائية». وبإلغاء هذه الصيغة أيضاً، يُغلَق الباب أمام إعادة فرض العقوبات، إلا في حال إصدار قانون جديد يمرّ عبر سلسلة طويلة من الإجراءات والمناقشات وموافقة مجلسَي النواب والشيوخ، في حين بات الأمر مقتصراً حالياً على طلبات غير ملزمة موجّهة إلى السلطات الانتقالية في ما يتصل بالملفات المشار إليها أعلاه.
وإذ أُدرج القانون ضمن موازنة الدفاع، فهو سيُحال إلى مجلس الشيوخ خلال الأيام المقبلة، حيث من المتوقّع أن ينال الموافقة في ظل وجود أغلبية من الجمهوريين، على أن يصل بعد ذلك إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يأمل توقيعه قبل نهاية العام الحالي. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، براين ماست - الذي كان من أبرز معارضي رفع العقوبات قبل أن يُجري لقاءً مع الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، خلال زيارة الأخير لواشنطن حيث التقى ترامب الشهر الماضي -، : «سنزيل العقوبات عن سوريا والتي كانت أساساً بسبب نظام بشار الأسد وتعذيبه لشعبه»، مضيفاً، خلال جلسة مجلس النواب، «سنمنح سوريا فرصة للمضيّ قدماً في مستقبل ما بعد الأسد».
ومنذ إقراره عام 2019، وتسميته بـ«قانون قيصر» نسبة إلى الشخص الذي قام بتسريب آلاف الصور لضحايا تمّ إعدامهم أو فقدوا حياتهم في المعتقلات السورية، شكّل القانون إحدى أبرز أدوات الضغط الأميركي على سوريا وشعبها؛ إذ فقدت البلاد فعلياً معظم قدراتها على التواصل الاقتصادي الخارجي بسببه، في ظلّ وجود بنود فيه تسمح بفرض عقوبات على أي جهة تتعامل مع دمشق. وبعد الوساطة التي قادتها السعودية مع ترامب، قام الأخير برفع العقوبات الرئاسية، ومنح استثناء من العقوبات لمرتين متتاليتين، مدة كل منهما 6 أشهر. غير أن هذه الاستثناءات لم تسمح بتدفّق الاستثمارات إلى سوريا، في ظلّ المخاوف المستمرة من قِبل المستثمرين من إمكانية عودة العقوبات في أيّ لحظة.
وفي بيانها الذي رحّبت فيه بقرار مجلس النواب، اعتبرت الخارجية السورية أن التصويت وما سيليه من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، يؤسّس كلّ ذلك «لمرحلة من التحسّن الملموس في حركة الاستيراد وتوافر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني». وأضافت: «يمثّل هذا التطور محطة محورية في إعادة بناء الثقة وفتح مسار جديد للتعاون، بما يمهّد لتعافٍ اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات».
وعلى رغم أن إلغاء القانون يوفّر بالفعل دفعة كبيرة متوقّعة في اتجاه إعادة تدفّق الاستثمارات، إلا أن جملة من الظروف والعوامل لا تزال تؤثّر على هذا المسار، أبرزها غياب بنية تشريعية حقيقية تسمح للمستثمرين ببناء استثماراتهم، بالإضافة إلى عدم موثوقية الاستقرار الأمني، إذ يأتي هذا الإلغاء في ظلّ استمرار الأزمات، سواء في المنطقة الجنوبية حيث تحاول إسرائيل خلق خريطة سيطرة جديدة، وتدعم «الإدارة الذاتية» الدرزية الناشئة في السويداء - بعد المجازر التي طاولت الدروز على أيدي فصائل تابعة أو مرتبطة بالسلطات الانتقالية، أو في المنطقة الشمالية الشرقية حيث يواجه ملف اندماج «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في هياكل السلطة الانتقالية - وفق اتفاق 10 آذار الموقّع بين الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي - حالة استعصاء متواصلة، جرّاء تباين المواقف بين الطرفين على جملة من الملفات، أبرزها شكل الحكم في سوريا.
على أن الولايات المتحدة، التي قامت، فور سقوط النظام، بتبنّي السلطات الانتقالية، وتجاهلت تاريخها المرتبط بتنظيم «القاعدة»، كما شطبت «هيئة تحرير الشام» من قوائمها الخاصة بالإرهاب ودفعت نحو شطب اسمَي الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم الإرهاب في مجلس الأمن، تحاول فعلياً - منذ أن أصبحت القوة المسيطرة على الملف السوري، عبر مبعوثها الخاص توماس برّاك -، تقديم «نموذج» لـ«الدعم» الذي يمكن أن تقدّمه للدول أو الجماعات التي تخضع لها. ويفسّر هذا الأمر الإصرار الأميركي المستمر على دعم سوريا، وتصديرها بوصفها قصة نجاح سياسية في بلد كان حليفاً تاريخياً لإيران وممراً للأسلحة نحو المقاومة، قبل سقوط النظام السابق.
ويخالف النموذج الأميركي الذي تحاول واشنطن رسمه في سوريا، العديد من النماذج السابقة الفاشلة، سواء في أفغانستان أو حتى العراق، خصوصاً أن النظام السوري السابق لم يسقط بعمل عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ويمنح ذلك واشنطن مساحة أكبر للعمل السياسي باعتبارها «دولة داعمة»، وهو يولّد لديها أملاً، على ما يبدو، في أن يشجّع «النموذج السوري» قوىً أخرى على السير في الطريق نفسه الذي سلكه الشرع، من دون أن تكون ضامنة بالضرورة لنجاح هذا النموذج.
وبعد الإعلان عن تمرير مجلس النواب قرار إلغاء العقوبات، خرج آلاف السوريين إلى الشوارع، سواء من مؤيّدي السلطات الانتقالية أو حتى معارضيها، احتفالاً، وذلك لما تسبّبت به تلك العقوبات من جروح عميقة، راكمت بالتوازي مع ظروف الحرب، ظروفاً معيشية سيئة. وهي ظروف يأمل السوريون في أن يتم طيّها بشكل حقيقي ونهائي، بعيداً عن بازارات السياسة واستثماراتها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|