الصحافة

تصعيد جديد في الجنوب السوري يضعه أمام أحد ثلاثة سيناريوهات

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شهد الجنوب السوري خلال العام المنصرم حالة من التوتر المتصاعد بفعل الإنتهاكات اليومية لجيش الإحتلال، الذي عمد أولا إلى احتلال «المنطقة العازلة»، ومن ثم راح يتمدد في أطرافها، مستخدما، لتبرير ذلك، ذرائع عدة تبدأ عند «ضمان أمن المستوطنات في الجولان»، ولا تنتهي عند «ضمان عدم تكرار سيناريو 7 أكتوبر 2023»، الذي أطلقت فيه حركة «حماس» عملية «طوفان الأقصى» التي لم تنته فصولها بعد، وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة في دمشق كانت قد سارعت، منذ أيامها الأولى، إلى الإعلان عن إنها «لا تريد خوض المزيد من الحروب»، إلا إن ذلك لم يخفف من وطأة الإنتهاكات الإسرائيلية التي راحت تتصاعد أكثر، ويتصاعد معها كم الشروط التعجيزية التي تضعها تل أبيب أمام المفاوضات الدائرة بين البلدين، والرامية لإبرام «اتفاق أمني» فيما بينهما، الأمر الذي يفهم منه أن السياسة التي تتبناها الأولى تقول بوجوب استمرار انخراطها الشكلي في المفاوضات الرامية لإنجاز ذلك الإتفاق، ضمانا لعدم استفزاز واشنطن التي رمت بثقلها في هذا السياق، وفي الآن ذاته الإصرار على تعطليها عمليا عبر قيامها برفع سقوف مطالبها التي لم تعرف حدودا ثابتة حتى الآن.

أضفت الهتافات التي أطلقتها فصائل من الجيش السوري في إطار الفعاليات التي عاشتها البلاد احتفالا بالذكرى الأولى للتحرير حالا من التوتر الجديد ما بين دمشق وتل أبيب على وقع الشعارات والمعاني التي حملتها، ووفقا للمقاطع المصورة فقد رددت فرقة من الجيش شعارا يقول ( غزة غزة / غزة شعار / ليل ونهار / قصف ودمار / لن ننهار / طالعلك يا عدوي طالع / طالعلك لو جبل النار / أعملك من دمي ذخيرة / وأعمل من دمك أنهار)، والجدير ذكره هنا أن هذا النشيد نفسه كان قد ردده «لواء غزة» التابع لـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، من خلال عرض عسكري أجراه شهر شباط الماضي، وقد نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، في تقرير لها بثته يوم 9 كانون أول الجاري، نقلا عن مسؤولين أمنيين أنه و«على مدار الـ 24 ساعة الماضية جرت مناقشات داخل المؤسسة الدفاعية بمشاركة مسؤولين كبار لبحث دلالات هذه الفيديوهات التي ظهر بها الجنود السوريون»، وأضاف تقرير الإذاعة أن «من المتوقع أن تتخذ اسرائيل خطوات، في غضون الساعات المقبلة، بما في ذلك إرسال رسائل قوية إلى( النظام) السوري تطالبه فيها بإدانة التسجيلات التي ظهر فيها جنوده».

كما أظهرت مقاطع مصورة، جرى عرضها يوم الثلاثاء، تحركات لقوات أمن سورية قرب مناطق انتشار الجيش الإسرائيلي في «خان أرنبة» بريف القنيطرة، وتظهر تلك المقاطع ترديد الجنود لشعارات حماسية وهم يعبرون بالقرب من النقاط التي تتموضع فيها قوات الإحتلال، الأمر الذي اعتبرته تل أبيب «تهديدا» لأمن هذه الأخيرة، وفي سياق متصل كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن توتر كان قد حصل، اليوم ذاته، «ما بين مواطنين سوريين وبين الجيش الإسرائيلي قرب المدينة(القنيطرة) كان قد تزامن مع جولة ميدانية أجراها مايك وولز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وداني دانون، السفير الإسرائيلي لدى هذه الأخيرة، في المنطقة»، وأضافت الصحيفة أن السفيرين «كانا على بعد مئات الأمتار فقط من الحادثة التي شهدت إصابة مدنيين سوريين على الأقل جراء قيام الجيش بإطلاق نار تحذيري»، وفي نهاية تلك الجولة أعلن دانون، في سلسلة تصريحات كان قد أطلقها، أن الجيش الإسرائيلي «يواجه على الجبهة السورية تحديات إضافية، وهي ناجمة عن عدم الإستقرار»، وفي أولى ردة فعل رسمية على تلك التوترات الحاصلة، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، خرج عميحاي شيكلي، وزير» الشتات الإسرائيلي»، ليقول إن «الحرب على سوريا باتت حتمية»، وعلى الرغم من أن ذلك التصريح يمكن له أن يندرج في سياق الضغوط التي تمارسها تل أبيب على دمشق لحشرها في زواية يصعب الخروج منها من دون أكلاف باهظة، إلا إن من الواجب فهمه في سياق التحدي الإسرائيلي لواشنطن، التي تلعب اليوم دور «صمام أمان»، الذي يحول ما بين «نبوءة» شيكلي السابقة، وبين تحقيقها.

وفق المعطيات، والأحداث، التي شهدها الجنوب السوري على امتداد العام الفائت، فإن هذا الأخير سيكون، على المديين القريب والمتوسط، أمام أحد سيناريوهات ثلاثة:

الأول هو أن يتواصل التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي تهدف تل أبيب، من خلاله، إلى خلق واقع ميداني لا يمكن تجاهله، والثاني أن تتبلور آليات تدخل دولية جديدة، روسية أو أميركية، أو هي مشتركة بين الإثنين، من شأنها أن تحول دون الإنزلاق إلى مواجهة شاملة سوف تكون لها تداعيات غاية في الخطورة إذا ما حصلت، أما الثالث فيتمثل في إمكان تبلور مقاومة محلية، على نحو ما حصل في «بيت جن» 28 تشرين ثاني الماضي، حيث من المؤكد أن تحظى هذه الأخيرة بدعم إقليمي مؤكد، وإن كان زخم هذا الأخير سوف يتوقف على اعتبارات عديدة، أبرزها الحالة التي سوف تتبلور إليها تلك المقاومة، ثم التطورات التي سيشهدها كل من لبنان والعراق وإيران في المرحلة المقبلة.

وما تشير إليه المناخات السائدة في تل أبيب هو أن السيناريو الأول هو الأوفر حظا حتى الآن، فقد عنونت صحيفة «معاريف»، لسان حال الجيش الإسرائيلي، افتتاحية عددها الصادر يوم الأربعاء بعنوان «الجيش يستغد لسيناريو مفاجئ على الجبهة السورية شبيه بـ 7 أكتوبر»، وفي سياقه جاء أن «مجموعات مسلحة مدعومة من إيران تتحرك في جنوب شرق سوريا، عبر شاحنات تويوتا مكشوفة»، وأضافت إن «احتمال اندفاع 30 -40 شاحنة من نقاط عدة في الجولان السوري باتجاه الحدود الإسرائيلية يفرض استنفارا أمنيا عاليا»، وهو قد يؤدي «إلى سيناريو شبيه بـ 7 أكتوبر في غزة»، وما لم تقله الصحيفة هو إن اسرائيل تجد نفسها اليوم أمام وضعية تجعل من «الحرب الإستباقية» فعلا مستوف لشروطه، أو هو على وشك أن يفعل.

عبد المنعم علي عيسى -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا