تفريط سيادي على شفير البحر: كيف تهرّب الحكومة ترسيم الحدود مع قبرص؟
علي حسن خليل في طهران... ماذا عن تفاصيل المهمّة؟
كانت لافتةٌ الزّيارة التي قامَ بها المعاون السّياسيّ لرئيس مجلس النّواب النائب علي حسن خليل للعاصمة الإيرانيّة طهران. وإن كانَ عنوان الزّيارة المُشارَكة في مؤتمرٍ، فإنّ مضمونَ ما حمله علي حسن خليل إلى طهران كانَ الأهمّ.
جاءت الزّيارة في توقيتٍ سياسيّ لبنانيّ – إيرانيّ دقيق. إذ تشهدُ “الشّيعيّة السّياسيّة” أقسى أيّامها منذ صعودها بعد اغتيال الرّئيس رفيق الحريري عام 2005، وتعزيزها بعد حرب تمّوز 2006، وترسيخها سياسيّاً بعد أحداث السّابع من أيّار ومفاعيل اتّفاق الدّوحة في 2007.
منذ اغتيال الأمين العامّ الأسبق لـ”الحزب” السّيّد حسن نصرالله في 27 أيلول 2024، باتَ حملُ الشّيعيّة السّياسيّة وهموم أبناء الطّائفة على كاهل رئيس مجلس النّواب نبيه برّي. وزادَ الحملُ ثِقَلاً بعد انهيار مشروع “الهلال الشّيعيّ” مع سقوط نظام آل الأسد في سوريا يوم الثّامن من كانون الأوّل الماضي، وصولاً إلى الجولة القتاليّة بين إيران وإسرائيل.
يجلسُ نبيه برّي في مقرّ الرّئاسة الثّانية وهو يُفكّر بكيفيّة الحفاظ على مكتسبات الشّيعة في السّياسة اللبنانيّة، أو ما بقي منها، وأيضاً بكيفيّة الخروج من المأزق السّياسيّ الذي يشهده لبنان ومعه الثّنائيّ “أمل” و”الحزب”.
برّي vs “الكتاب المفتوح”
يحاول برّي منذ دخول اتّفاق وقف الأعمال العدائيّة حيّز التّنفيذ قبل عامٍ من اليوم أن يعملَ ببراغماتيّة، فكانَ موقفه واضحاً من عنوان “حصر السّلاح بيد الدّولة”، وكذلكَ حرصه على عدم تفجير مجلس الوزراء بعد قرارَيْ الحكومة بشأن السّلاح. يُمكن قراءة هذا “الحرص” أنّ برّي يعلم جيّداً أيّ اتّجاه تذهب إليه المنطقة ومُستقبلها، ولا يريد أن يكونَ الشّيعة خارجه.
لكنّ ما جاءَ في “الكتاب المفتوح” الذي خرجَ إلى الإعلام بشكلٍ مفاجئ من العلاقات الإعلاميّة في “الحزبِ” عن نسف مبدأ التفاوض والتّنصّل من الالتزامات، وما يعنيه ذلك من شدٍّ للخناق على “بيئة الثّنائيّ”، أعادَ خلطَ الأوراق. فالكتاب المُوجّه إلى الرّئاسات الـ3 شملَ برّي إلى جانب الرّئيسَيْن جوزف عون ونوّاف سلام، وكانَ واضحاً أنّ بيان “الحزبِ” لم يُكتب في لبنان، بل بحبرٍ إيرانيّ صرف. إذ لم يعد خافياً أنّ إيران باتت تُمسكُ بملفّ “الحزبِ” بشكلٍ كاملٍ منذ اغتيال نصرالله. تدخُلُ في إطار ذلكَ القرارات السّياسيّة الاستراتيجيّة والعسكريّة والأمنيّة وحتّى الماليّة، مع تركِ هامش حركةٍ لقيادة “الحزبِ” في الملفّات السّياسيّة الدّاخليّة.
من هذا المُنطلق حملَ علي حسن خليل كتابَ استيضاحٍ من برّي إلى المسؤولين الإيرانيّين، وتحديداً الأمين العامّ لمجلس الأمن القوميّ الإيرانيّ علي لاريجاني، الذي بات المشرف الأساسيّ على الملفّ اللبنانيّ باعتباره ركناً أساسيّاً من ركائز الأمن القوميّ لإيران.
كانت مهمّة المعاون السّياسيّ لبرّي استيضاح عدّة أمور:
- حقيقة موقف الجمهوريّة الإسلاميّة من تكريس قرار مجلس الأمن 1701 ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائيّة الـ”MECHANISM” مرجعاً لمُفاوضات محتملة بين لبنان وإسرائيل.
- الاطّلاع على مُقاربة الإيرانيّين لفكرة التّفاوض، خصوصاً أنّ “الكتاب المفتوح” كانَ يُصوّب على مبدأ التفاوض الذي لم يُمانعه برّي في حال كانَ ضمن لجنة الـ”MECHANISM”، وإن ضمّ مدنيّين خبراء.
- هل الإيرانيّون يربطون ملفّ التّفاوض اللبنانيّ والتحرّك السّياسيّ بالتّفاوض بين الجمهوريّة الإسلاميّة والولايات المُتّحدة في الملفّ النّوويّ وملفّات المنطقة؟
- هل إيران مُلتزمة دعم البيئة الشّيعيّة في لبنان من النّواحي السّياسيّة والمادّيّة؟
هل “الحزب” في أجواء زيارة خليل؟
لا يختلف اثنان أنّه منذ اغتيال نصرالله وهاشم صفيّ الدّين ومسؤولين آخرين يشهدُ “الحزب” تخبّطاً في المواقف، العلنيّة منها أو في الجلسات المُغلقة. فعلى سبيل المثال لا الحصرِ، موقف الأمين العامّ لـ”الحزب” الشّيخ نعيم قاسم من مُقترح الرّئيس دونالد ترامب لوقف الحربِ في غزّة، الذي اعتبره “مُقترحاً إسرائيليّاً”، ثمّ صدر في اليوم التّالي بيانٌ من العلاقات الإعلاميّة في “الحزب” يُرحّب بموافقة حركة “حماس” على المُقترح.
من الواضح أنّ برّي لم يجد جواباً من حارة حريك عن “الكتاب المفتوح” وحقيقة الموقف، فقرّرَ الاستيضاحَ من المنبَعِ في طهران. وهذا يعني أنّ قيادةَ “الحزبِ”، المأزومة أيضاً بفعل الضّربات الإسرائيليّة التي لا تتوقّف، ليست بعيدة عن أجواء زيارة علي حسن خليل لطهران. ذلكَ أنّ القيادة اليوم لا تملكُ صلاحيّة القرار في الملفّات الاستراتيجيّة، وترسّخ ذلكَ في زيارة علي لاريجاني لبيروت في آب الماضي، التي مرّر خلالها رسالةً أمام المسؤولين اللبنانيّين مُفادها أنّ مصيرَ سلاح “الحزبِ” يُبحثُ في طهران لا في بيروت.
من هذا المُنطلق يُمكن القول أيضاً إنّ قيادة “الحزب” قد تكون شجّعت إيفاد علي حسن خليل إلى طهران، فهي تدرك حالها في ذلك حال رئيس مجلس النّواب أنّ الآتي أعظم إن لم يُبدِ لبنان ليونةً في ملفّ السّلاح وتمويل “الحزب” وإعادة بنائه التي يُشرفُ عليها حرس الثّورة الإيرانيّ حصراً.
إن كانَ برّي يحملُ ثِقَل السّياسة ومُستقبل طائفتهِ، فإنّ “الحزبَ” يحمل أيضاً ثِقَلَ الاغتيالات والضّربات اليوميّة والبيئة التي فقد عشرات الآلاف من أبنائها منازلهم، وها هم اليوم يُتمّون عامهم الأوّل على عنوان انتهاء الحربِ من دون أن يتمكّنوا من العودة إلى مُدنهم وبلداتهم وقُراهم.
هل تُسهّل إيران مهمّة برّي في تخفيف الحملِ بقرارٍ منها تسهيل التّفاوض وما يترتّب عليه من نتائج؟ أم تنتظرُ جوابَ ترامب على مُقترحها لإبرام صفقة؟ وحده المُرشد علي خامنئيّ من يملك الجواب.
ابراهيم ريحان -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|