الصحافة

تركيا مُرتابة في الوضع السوري: إسرائيل تلعب بالنار... وأميركا غير مضمونة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تواصل تركيا بذل جهود كبيرة من أجل إعادة ترتيب الأوضاع في سوريا بما يلائم مصالحها، خصوصاً في ظلّ كثرة التعقيدات المحيطة بهذا الملفّ، والتي تجيء في مقدّمها مسألة السلاح الكردي، سواء ذلك التابع لـ«حزب العمّال الكردستاني» أو لـ«قوات سوريا الديمقراطية». وإذ يدور الحديث الآن عن نية وفد من اللجنة البرلمانية المعنيّة بحلّ القضية الكردية، زيارة جزيرة إيمرالي اليوم الجمعة، لإجراء مقابلة نادرة وتاريخية مع زعيم «الكردستاني»، عبدالله أوجالان، المُعتقل هناك منذ عام 1999، في ما يُعدّ إزالة لحاجز نفسي كبير لدى الرأي العام، تراهن أنقرة على معالجة تلك القضية، واستثمارها كورقة ضغط في الخارج، ولا سيما في سوريا، علماً أنها ربطت مبكراً بين مسارَي «تركيا خالية من الإرهاب» في الداخل، وخالية من تهديد «قسد» الآتي من الخارج.

وفي هذا الإطار، تكشف صحيفة «حرييات» أن مسلّحي «الكردستاني» سيخلون بالكامل منطقة وادي الزاب ومتينا في شمال العراق، بما يُبعد احتمالات حصول احتكاكات عسكرية في المستقبل مع الجيش التركي الموجود هناك أيضاً. وعن سوريا، تشير الصحيفة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تبدو على عتبة إحداث تغيير جذري في سياستها تجاه أكراد سوريا، وذلك عبر دمج قوات «قسد» بالجيش السوري، وإيكال مهمّة محاربة «داعش» إلى الأخير، خصوصاً بعد قرار دمشق الانضمام إلى «التحالف الدولي لمحاربة داعش». ووفقاً لـ«حرييات»، فإن ترامب يأخذ على محمل الجدّ تحذيرات أنقرة من عدم حلّ مشكلة وجود «قسد» كقوة مستقلّة ومسلّحة، فيما تعمل إدارته بصمت على معالجة مسألة معتقلي «داعش» في سجون «قسد» ومخيّمات الاعتقال في شرق سوريا، بالتعاون مع العديد من الدول التي يجري حضّها على استعادة مقاتليها، تمهيداً لوضع هذه السجون تحت سيطرة دمشق.

إلّا أنه بحسب مصادر تركية، فإن الجهود الأميركية ليست مضمونة النتائج، ما يدفع أنقرة إلى توجيه تحذيرات متتالية من خطر استمرار الوجود العسكري الكردي في سوريا، وتأثيره على الأمن التركي، والتلويح المتجدّد بالتدخّل العسكري كأمرٍ لا مفرّ منه في حالة عدم استجابة «قسد» لمطالب أنقرة بتسليم سلاحها والاندماج في الجيش السوري. وآخر تلك التحذيرات، جاء على لسان وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، الذي أكّد أن بلاده «لن تسمح بوجود أيّ تشكيل عسكري في سوريا يهدّد أمن تركيا»، ليردّ عليه قائد قوات «قسد»، مظلوم عبدي، في مؤتمر في دهوك في شمال العراق، أول من أمس، بالقول إن سوريا «لن تعود إلى نظام المركزية واللغة الواحدة واللون الواحد، والذي كان أصلاً من أسباب سقوط نظام بشار الأسد»، في حين اعتبرت رئيسة «الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي»، إلهام أحمد، في المؤتمر نفسه، أن الحكم في دمشق «يريد السيطرة على كل سوريا».

وفي الوقت نفسه، تخشى تركيا من أن إصرار إسرائيل على الاستمرار في دعم «قسد»، ومحاولتها إيجاد خطّ تواصل معها، يجعلان سوريا أمام خطر «بلقنة» تعارضها أنقرة بشدّة. وإذ جاءت زيارة رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، للأراضي السورية التي احتلّتها إسرائيل، وتصريحاته من هناك، لتؤكد تلك المخاوف، فإن تركيا لا تزال تراهن على ألّا تسمح الولايات المتحدة لإسرائيل بالمضيّ في خططها. ولذا، فإن التعويل الآن هو على حوار تركي - إسرائيلي - أميركي يفتح الباب أمام دمج «قسد» في الجيش السوري، ويحجّم من النفوذ الإسرائيلي في سوريا.

وفي هذا الإطار، يرى فؤاد بول، في صحيفة «ميللييات»، أنه «سيكون على الرئيس الأميركي أن يكبح جماح إسرائيل، وإلّا فإن الحرب بين أنقرة وتل أبيب واقعة حتماً». ويحذّر الكاتب من أن الولايات المتحدة تمارس «ألاعيبها» في كل مكان من البلقان إلى القوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا، في حين أن تركيا «حاضرة في كل هذه الجبهات ليس كضيف، بل كقوّة فاعلة وحاسمة. وتدرك واشنطن تأثيرها. لذا لا يمكنها قطع الغصن الذي تجلس عليه بفضل تركيا، ومدخل المنطق الأميركي هو منع نتنياهو من إثارة المشاكل في سوريا». كما يحذّر من أن «سوريا قد تنزلق إلى حرب أهلية في أيّ لحظة»، معتبراً أن فرصة الشرع الكبرى تتمثّل بوجود الرئيس رجب طيب إردوغان، مضيفاً أن «أمن سوريا من أمن تركيا (...) سوريا من دون تركيا يمكن أن تتمزّق في أيّ لحظة». ويذكّر بأن بلاده «طهّرت داخلها من الإرهاب، لكنّ الخطر عليها لم يتوقّف وعليها أن تُنهي الإرهاب في سوريا والعراق وكل المنطقة، ومفتاح ذلك هو دمج قسد في الحكومة المركزية».

ودعوة بول، الشرع إلى الاستنجاد بتركيا، كان أفصح عنها الرئيس التركي نفسه، في خطابه أمام نواب «حزب العدالة والتنمية»، أول من أمس، حين قال: «ستتواصل جهودنا من أجل سوريا آمنة ومرفّهة، وسنكون إلى جانب إخوتنا في إعمار سوريا وبنائها من جديد. وسننمّي سوريا كما تركيا معاً ولا يجب أن ننسى أن أمن سوريا من أمن تركيا»، مذكّراً بأن اللغة التركية في شوارع حماة ودمشق وحلب وحمص واللاذقية هي اللغة الثانية. وأكثر من ذلك، أضاف إردوغان أن «التذكير بأن العرب طعنوا الدولة العثمانية في الظهر خلال الحرب العالمية الأولى، لن يفيد الآن في وقف التعاون مع جيراننا. لتركيا جغرافيتان: واحدة حدودها وأخرى جغرافيا قلبية تطاول كل الدول التي ننقل إليها قيمنا وأخلاقنا». وجاء في كلمته أيضاً: «لقد رووا لنا القصّة نفسها لعقود. واليوم، يعيدون سرد القصّة نفسها ويعرضونها علينا. ما فائدة قولهم: طَعَننا العرب في الظهر؟ انصرفوا من هنا. نحن أحفاد السلاجقة والعثمانيين. لسنا هنا للتدمير، بل لكسب القلوب».
ويرى البعض أن الرئيس التركي يستهدف بكلامه هذا، المعارضة التي تواصل التحذير من التورّط في مغامرات خارجية جديدة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا