الصحافة

هل من اتفاق أميركي – سعودي – إيراني لتجميد السلاح على 10 سنوات؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يُعرف عن الرئيس جوزاف عون، ابن مؤسسات الدولة، تحفظه الشديد مذ كان قائدًا للجيش. وفي عز احتدام معركة رئاسة الجمهورية، وكثرة التصويب عليه، والغمز من قناة "أميركيته" وما دونها، أتقن الحفاظ على مسافة أمان من الإعلام ونقاشاته. وانطلاقًا من كونه أكثر من يدرك دقة الظرف وحساسية الموقع، لديه ميزانه الخاص الذي يزن به مواقفه، فلا يلقي الكلام على عواهنه، ولا سيما حينما يكون في مجلسه إعلاميون وصحافيون.

وبالتالي، فإن المواقف التي نقلت عن لسان رئيس الجمهورية لا يمكن أن تكون هفوة "مجالس بالأمانات"، بل هي رسالة موجهة إلى أميركا بالدرجة الأولى، ومن ورائها إلى فاعلين محليين وإقليميين، تروم تثبيت موقع الدولة في صلب المعادلة ضمن سياق سياسي ناشئ.

حسب المعلومات، ثمة تسوية بين أميركا والسعودية وإيران بعدما تقدمت الأخيرة بعرض يقضي بتجميد سلاح حزبها لمدة 10 سنوات بضمانتها، مع الإقرار بخروجه العسكري التام من جنوب الليطاني، بموازاة ضبط عسكره للحد من توظيف البندقية في الداخل، وانصراف "الحزب" بالكلية للعمل السياسي في هذه المدة، على أن يتم خلالها إنضاج حلول نهائية لسلاحه بشكل يضمن له خروجًا آمنًا. ولذلك قال رئيس الجمهورية إن "حزب الله" العسكري انتهى ويبحث عن صورة مشرفة.

غضب الأخير مردّه انكشاف أنه يتحدث بلغتين متناقضتين، واحدة شعبوية تعبوية بغية شد العصب، وثانية تتماهى مع قواعد دبلوماسية الغرف المغلقة يقدم فيها التنازلات. في حين أن انفجار غضب الملالي دافعه الأساسي ما كشفه رئيس الجمهورية عمّا قاله لعلي لاريجاني بالذات، الذي يتولى راهنًا منصب أمين عام "المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني"، وهو مقام رفيع يجمع بين العسكر والسياسية، ويتجاوز صلاحياته ووزنه موقع رئاسة الجمهورية، ليعد الثاني في التراتبية الهرمية بعد علي خامنئي، بل يمكن اعتباره بمثابة "سيف المرشد"، وقائد "محور الممانعة" بعد رحيل نصر الله.

لذلك، ضغطت طهران بكل قوتها لصدور تكذيب من أجل الحفاظ على قوة صورة قائد محورها، ولا سيما بعدما تداولت وسائل إعلامها المواقف إياها. ورغم تلويحها بافتعال أزمة دبلوماسية، إلا أنه يحسب لرئيس الجمهورية أنه عرف كيفية تعامله مع الأزمة، وعدم إصداره نفيًا ولا تكذيبًا. فكان الثمن سحب المادة الأصلية، لكن الرسالة وصلت. فاضطرت إيران لإصدار نفي رسمي، بالتوازي مع ترويج خبر عبر آلتها الإعلامية الناشطة في لبنان مفاده أن لاريجاني لم يطلب موعدًا من الرئيس جوزاف عون من أصله.

يبدو أن بعبدا أرادت تنفيس الاحتقان الداخلي بعض الشيء، والتأكيد لأميركا على جهوزية لبنان لأن يكون شريكًا جديًا في التسوية، وأنه لن يبقى على هامشها. وأتى إخراجها في توقيت دقيق، حيث تزامن مع إلغاء زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى أميركا، في خطوة لا بد من التوقف عندها لما تحمله من رسائل مبطنة. هذا التطور يشكل أداة ضغط مزدوجة، على الجيش لتعديل نهجه الودي "الزائد" إزاء "الحزب"، حسب واشنطن، والالتزام بمهلة نهاية العام لإنهاء "حصرية السلاح"، أقله جنوب الليطاني، وعلى المستوى السياسي لدفعه إلى المضي سِراعًا في مسار المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.

في حين ثمة من يقرأ في ثنايا تصاعد الضغوط الأميركية العلنية لتغيير العماد هيكل رسالة مبطنة تروم إكسابه مشروعية وطنية وشعبية واسعة يصعب نقضها، تتيح له المضي قدمًا في حصرية السلاح. ولذلك يمكن ملاحظة أن حالة الدعم والتأييد لقائد الجيش على منصات التواصل الاجتماعي لم تشتمل على مواقف من نواب وقادة "الحزب"، الذي بدا حياديًا أكثر من اللازم وما اعتاد عليه في مثل هذه المسائل.

في كافة الأحوال، تشير المعلومات إلى أن التسوية يمكن تلمس آثارها في الانفتاح السعودي على لبنان ضمن مسار تراكمي وفق قاعدة "خطوة - خطوة"، لاختبار مدى جدية وصدقية إيران التي تعوّل على أنها وحزبها قادران خلال مدة 10 سنوات على تذويب الضغوطات واحتوائها. الهمّ الأساسي بالنسبة إليهما هو الحفاظ على النفوذ السياسي، من خلال ومحاولة الاستئثار بثلث مقاعد البرلمان المقبل، ومنع أي اختراق للمقاعد النيابية الشيعية. لذلك يلاحظ أن الرئيس بري "يستأسد" في مسألة انتخاب المغتربين، ويسعى إلى توظيف هذه الورقة لعقد صفقة شاملة تعيد إنتاج السلطة بتوازنات تنسخ الراهنة.

إذذاك تصبح مسألة الانتخابات نقطة اشتباك ساخنة لصراع سياسي الطابع تضع له أميركا عنوان منع "الحزب" من الحصول على مفاتيح السلطة، الأمر الذي قد يقتضي تغيير قانون الانتخابات الحالي، حسبما يتم التداول في بعض الكواليس الضيقة. وهذا ما يستدعي ربما ضوءًا أخضرًا أميركيًا لجولة حرب جديدة لإخضاع "الثنائي" لمعادلة سياسية لا يكونان فيها "العراب" و"الجلاد".

سامر زريق - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا