الصحافة

قيادة الجيش أبطلت "صاعق اللغم"... اللحظة الإقليميّة لا تحتمل المغامرة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في بلد يتقاطع فيه السلاح مع السياسة، وتتشابك فيه الحسابات الأمنية مع المزايدات الطائفية، أشعلت التسريبات حول اقتراح قائد الجيش العماد رودولف هيكل، امام مجلس الوزراء تجميد خطة "حصر السلاح" ، موجة تساؤلات واسعة داخل الأوساط السياسية والديبلوماسية: هل تراجع الجيش خطوة إلى الوراء؟ أم أنه يوجّه رسالة سياسية مشفّرة في لحظة إقليمية لا تحتمل المغامرة؟

واضح ان المبادرة التي أطلقها هيكل قبل أسابيع، وسعى من خلالها إلى رسم حدود جغرافية وزمنية واضحة، سرعان ما اصطدمت بجدار من الاشكالات الداخلية والتشدد الخارجي، مع انقسام القوى السياسية، بين من رآها رميا لكرة الضغوط الدولية في ملعب المؤسسة العسكرية، وبين من اعتبرها خطوة لاستعادة هيبة الدولة، فيما تعاملت واشنطن و "تل أبيب" معها كاختبار نيات حرج، بينما تقول مصادر معنية ان "الجيش لا يتراجع بل يعيد التموضع ضمن توازنات دقيقة".

وتضيف المصادر أن الاقتراح قد يكون " لتجنب مواجهة داخلية لا طائل تحتها في ظل انقسام وطني عميق، واحجام دولي عن ممارسة الضغط اللازم على "اسرائيل" لتنفيذ ما عليها من الاتفاق". فالتجميد، بحسب هذه المصادر، لا يعني طي الصفحة، بل" ابطال صاعق اللغم"، في انتظار لحظة سياسية أكثر ملاءمة، خصوصا ان "تل ابيب" تجهد لنقل المعركة الى الداخل اللبناني.

وتتابع المصادر بان الجيش يدرك أن ملف السلاح لا يدار بالنيات أو بالقرارات التقنية، بل هو جزء من منظومة توازنات إقليمية ومحلية متشابكة، "اذ في بلد يحكمه ميزان هش بين الممكن والممنوع، كان من الطبيعي أن يختار الجيش الواقعية على المجازفة"، وسط تأكيدات عسكرية انه "لا يمكن للمؤسسة أن تنزع سلاح طرف داخلي خارج توافق وطني شامل، وإلا أصبحت جزءا من الصراع بدل أن تكون مظلة له، مهما ازدادت حدة الضغوطات".

فالقيادة العسكرية الحالية، التي ولدت من رحم معادلة "الجيش - الشعب – المقاومة"، تدرك أن أي تحرك غير محسوب، قد يعصف بما تبقى من وحدتها وصورتها الوطنية، خصوصا في ظل غياب الغطاء السياسي وتراجع الدعم الدولي، وهي مواقف اكدت عليها قيادة اليرزة في اكثر من موقف خلال جولاتها العسكرية وفي "امر اليوم"، بغطاء كامل من بعبدا.

ووضوح الرؤية اللبناني الرسمي، جعل أنظار المتابعين تتجه إلى واشنطن. فالقرار، وإن لم يعلن رسميا، الا انه لن يمر بصمت في أروقة الخارجية والبنتاغون، فالأميركيون يعتبرون الجيش اللبناني آخر "ممر آمن" لنفوذهم، في بلد يتنازعه المحوران الإيراني والغربي، وفقا لاوساط ديبلوماسية اميركية.

فالاوساط التي كشفت أن الإدارة الأميركية لن تصدر اعتراضا علنيا، الا انها ستوجه رسائل "فاترة" عبر القنوات العسكرية، مفادها أن "استمرار الدعم مشروط بالحفاظ على مسافة واضحة من حزب الله، وبمواصلة السعي نحو احتكار الدولة للقوة"، فسياسة العصا والجزرة ستستمر"، تؤكد المصادر، "دعم لوجستي وإنساني من جهة، وتدقيق أكبر في المساعدات من جهة أخرى".

علما ان المخاوف تتنامى في الكونغرس من أن يؤدي هذا التجميد إلى تعزيز دور حزب الله كقوة أمر واقع، ما قد يدفع إلى إعادة توجيه جزء من الدعم نحو مؤسسات أخرى كقوى الأمن الداخلي أو المجتمع المدني، وهو ما المح اليه اكثر من سناتور في مقدمتهم ليندزي غراهام، الذي زار بيروت وعاين عن الوضع عن قرب.

عليه، فان أي رد فعل اميركي، بالنسبة للمراقبين، لا يمكن عزله عن المعركة الأوسع بين طهران وواشنطن في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة تسعى لإعادة رسم حدود نفوذها بعد حرب غزة واتفاقات الأمن الإقليمي، وتتعامل مع كل حركة في لبنان كجزء من معركة النفوذ الناعمة التي تخوضها.

في المحصلة، لا يبدو تجميد خطة "حصر السلاح" إخفاقا، بقدر ما هو "اختيار للواقعية في بلد هش. فالجيش، الذي يعرف نبض الشارع، يدرك أن الوقت ليس مناسباً لكسر التوازنات، من هنا سعي قائد الجيش للحفاظ على ما تبقى من استقرار، في وطن يترنح على حافة كل أزمة"، بحسب مرجع رئاسي رفيع، "فالجيش لا يملك ترف خسارة نفسه في معركة خاسرة سلفا".

ميشال نصر -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا