الصحافة

نتنياهو يحرّرنا من أمبراطوريّة حزب الله

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

غريب أننا لم نتوقف عند قول توم براك ان "اسرائيل" لا تعترف باتفاقية "سايكس ـ بيكو"، ما يعني التبني الأميركي الضمني للموقف الاسرائيلي. في هذه الحال، لا حدود للبنان ولا لسوريا ولا للأردن ولا لفلسطين، وحتى للعراق وتركيا، بعدما كان ديك تشيني قد رأى فينا، في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، دولاً افتراضية ومجتمعات افتراضية، وحتى كائنات افتراضية. استطراداً جثثا افتراضية أيضاً...

ما هي الأوراق التي نذهب بها الى ردهة المفاوضات، حين لا تعترف "اسرائيل" بحدودنا، وهي التي لم تأخذ يوما بالمواثيق والاتفاقات والقرارات الدولية، لتأخذ باتفاقية الهدنة التي وقعت في رودس عام 1949. يفترض أن ندخل كهياكل عظمية في المفاوضات، بعدما كان بسلئييل سموتريتش قد تحدث عن "روعة المفاوضات مع الموتى".

لا تعليق من الخارجية الأميركية على القتل اليومي، وعلى الغارات اليومية. هذا حق "اسرائيل" في الدفاع عن النفس، وحتى في التوسع. لكنها تصدر ذلك البيان الذي أعادت السفارة في بيروت توزيعه، وحيث التهديد باستخدام كل الوسائل، "لمنع حزب الله من تهديد لبنان والمنطقة"، مضيفا بأنه "لا يمكن ابقاء لبنان أسيراً بعد الآن"... ما تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو اذاً، هو تحرير لبنان من أمبراطورية حزب الله. وهل كان الحزب موجوداً عام 1882 حين كانت الميركافا تختال في شوارع بيروت؟ انه الاله الأميركي الذي حل محل كل الآلهة الذين تعاقبوا على المنطقة!

وأين هي الدولة في لبنان، الذي هو عبارة عن قصاصات بشرية موزعة طوائفياً، بعيداً عن ثقافة الدولة وعن منطق الدولة، لنسأل خبراء صندوق النقد الدولي عن مغارة علي بابا، شعارنا كشعب هو عنوان الفيلم المصري "يا عزيزي كلنا لصوص"، ونأكل لحم بعضنا بعضا.

واذا كانت "اسرائيل" تذهب بجنونها العسكري الى ذلك الحد، الى اين يمكن أن تذهب بجنونها الديبلوماسي؟ بكل معنى الكلمة اننا خائفون على جنوب لبنان، الذي يدعو بعض أركان الائتلاف الى الحاقه "باسرائيل" (الى الأولي أم الى خلدة) لكي ينام أطفال الشمال الاسرائيلي بأمان، وينام أطفال جنوب لبنان في الخيام.

تشيني اياه رأى في قمم الجبال في لبنان منصات فضائية لادارة الشرق الأوسط، اذا انفجر الصراع حول قيادة العالم. هذا ما تراه "اسرائيل" ايضاً. كل ما يصدر عن "تل أبيب" يشير الى أن المفاوضات ستنتج لبنان الآخر. بالتأكيد لبنان الآخر، لنسأل أين هو الحضن العربي الذي يفترض أن نذهب اليه، قبل أن نكتشف انه الحضن الأميركي بأنياب "الحاخامات".

لبنان أمام منعطف مصيري، مثلما هي سوريا، ومثلما هو العراق. من يريد البقاء، عليه أن يدخل حافياً (حافي الرأس ) الى الهيكل. ما ينتظرنا التغيير في الخرائط ، هكذا يقول منظرو اليمين في أميركا، كما في "اسرائيل"، في حين نسأل أين قادة الطوائف؟ وأين رجال الدولة؟ حين نجد رئيساً سابقاً للحكومة ما زال مصراً على تأجيج نيران الفتنة. بايعازه حتى اللحظة للكتبة الذين بين يديه، أو بين قدميه، لاثارة موضوع غزو صخرة الروشة بالشموع لا بالبنادق، وبتحطيم هيبة الدولة (دولة القانون) بالموكب الحزين، وبأشعة اللايزر على الصخرة ، ودون أي اشارة الى الضربات الهستيرية للطائرات الاسرائيلية وقتلها اللبنانين. رجب طيب اردوغان قدم نفسه لنا كخليفة للمسلمين. ماذا فعل وهو يتباهى بطائرة "كآن" الشبحية، التي أنتجتها المصانع المحلية للرعايا في غزة، والآن يقدم الجنوب السوري لبنيامين نتنياهو من أجل الحاق الشمال السوري، وربما الساحل السوري أيضاً بالسلطنة، على غرار ما حصل للواء الاسكندرون. وكم تمنينا لو يخلع ثوب الثعبان ويعتمر طربوش السلطان، تحديداً السلطان عبد الحميد، الذي رفض بيع فلسطين لتيودور هرتزل، فكان عقابه بعد فشل محاولة الاغتيال، خلعه عن العرش والاتجاه بالبلاد غرباً...

ماذا عسانا نقول حين نكون عراة هكذا داخل الاعصار، وحين يوجد بيننا من يقول بالصلح مع "اسرائيل"، كخيار وحيد لتبقى رؤوسنا على أكتافنا، اذ من يصدق أن ما يعني نتنياهو فقط، وهو الذي بمهمة الهية، نزع سلاح حزب الله، وبعدما حصل قادة لبنانيون على وعود قاطعة بانشاء الكانتونات في ما يتبقى من لبنان. ثم نكون أمام تلك الكوميديا (كوميديا الأغبياء) في الصراع حول قانون الانتخابات، بتلك الطريقة التي تدفع باتجاه الصدام الداخلي. حتى الآن ما زالت هيئة الأركان في "اسرائيل" تعقد العزم على الوصول الى أبواب بيروت على جثثنا .

في هذه الحال، ما على رئيس جمهوريتنا الا أن يمد يده الى هولاكو القرن. هكذا أمرنا توم براك، والا كان علينا الأخذ بقول قائد أحد الفصائل لزائر لبناني من أنصار السلطة الجديدة "جايي يومكم ايها الأوغاد"... لا نستبعد ابداً أن تنضوي النجوم السورية الحمراء تحت "النجمة الاسرائيلية" الزرقاء. الطريف أن يقول أحمد الشرع باستعادة لبنان، كونه مقاطعة سوريا (وهذا مطلب سوري قديم)، وأن يقول بنيامين نتنياهو باستعادة لبنان كجزء من أرض الميعاد .

ليتنا في لبنان ندرك ماذا يعني تغيير الشرق الأوسط ، حين لا يستعاد الآن فقط وصف هنري كيسنجر للبنان بـالـ"لفائض الجغرافي "، بل وأيضاً وصف آرييل شارون له بـ"الخطأ التاريخي". سيان بين الحالتين

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا