الصحافة

زيارة الشرع لواشنطن: مسعى سعودي لإزالة آثار "الزلزال"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

على الرغم من محاولات دمشق الرامية إلى توسعة مروحة خياراتها الخارجية، الأمر الذي يمكن لحظه عبر محاولات ترميم الجسور مع العديد من الدول الفاعلة في المنطقة مثل روسيا وفرنسا وألمانيا على الرغم من كم الخلافات الكبير القائم ما بينها وبين ذاك الثالوث، فإن الجسر الأميركي يبقى هو الكفيل، اللازم، لعبور آمن إلى ضفة «وحدة التراب” والاستقرار من جهة، وإلى إقلاع مسار التعافي السوري من جهة أخرى، لكن واشنطن، و من دون شك ، تملك القدرة على تقليص مسافاته، بل وتحييده عن المرور بمحطاته الشاقة، التي يتحتم عليه المرور بها فيما إذا كان المسير من دون «دفع» أميركي، ولعل «الأدوات» الإقليمية والدولية التي تمتلكها هذه الأخيرة أكثر من أن تعد أو تحصى، ناهيك بأن تلك «الأدوات «تملك من «المرونة»، و «الكفاءة»، ما يجعلها فاعلة بدرجة تستطيع من خلالها تأمين ثبات «العربة» إبان انطلاقتها السريعة، الرهينة بقوة «الجر» الأميركية.

ذكرت صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية في تقرير لها نشرته يوم الثلاثاء المنصرم، ان «السعودية هي من تبنت زيارة الرئيس السوري إلى واشنطن»، وأضافت الصحيفة في تقريرها إن «التحول الأساسي في الموقف الأميركي من السلطات السورية الجديدة، بدء من الرياض حين زارها الرئيس الأميركي شهر أيار المنصرم، والتقى بالرئيس السوري على هامش تلك الزيارة»، وأشارت الصحيفة أيضا إلى أن تسارع «الدفع الحقيقي لاندماج السلطة السورية في المجتمع الدولي يأتي من الرياض، لا من واشنطن، حيث تولت المملكة السعودية دعم المسار الديبلوماسي الجديد لسوريا، مقابل تأمين واشنطن الغطاء السياسي لذلك المسار»، ولعل توقيت الزيارة، الذي يجيء قبل نحو خمسة أيام من زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن، كاف لتأكيد ما خلصت إليه الصحيفة الأميركية في تقريرها، ومن المؤكد أن كلتا الزيارتين، زيارة الشرع وزيارة بن سلمان، تشكلان أول اختبار سياسي لقدرة المملكة على تطويع «الزلزال» السوري الحاصل قبل نحو عام، وعلى إزالة آثاره، تمهيدا لتهيئة الأرضية اللازمة للدفع بعملية إعادة الإعمار المنشودة.

استبقت واشنطن زيارة الشرع إليها بجهود ديبلوماسية كثيفة، وهي تهدف إلى استصدار قرار عن مجلس الأمن يقضي برفع العقوبات الأممية المفروضة على الرئيس السوري ووزير داخليته أنس خطاب ، وينص مشروع القرار الأميركي وفقا لما ذكره موقع «المونيتور» على أن «مجلس الأمن يقرر إزالة اسم الشرع وخطاب من قائمة العقوبات المفروضة عليهما بموجب قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتنظيمي( القاعدة) و ( داعش)»، كما «يرحب القرار بالتزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب، بما في ذلك المقاتلين الأجانب»، ويؤكد القرار على «احترام سيادة ووحدة واستقلال أراضي الجمهورية العربية السورية، ودعم جهود الإعمار والاستقرار والتنمية الاقتصادية فيها»، والجدير ذكره في هذا السياق أن المشروع، الذي سيطرح للنقاش يوم الخميس، يطالب بأن يكون القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يقضي باستخدام القوة العسكرية لتنفيذه إذا لزم الأمر لذلك، وقد أشار تقرير لقناة «الجزيرة»، يوم الأربعاء، إلى وجود انقسام داخل مجلس الأمن حيال مشروع القرار الأميركي، كما أشار التقرير إلى أن «الصين اقترحت إجراء تعديلات على نص القرار تتضمن إدراج إشارة صريحة إلى المقاتلين الأجانب»، والجدير ذكره هنا أن بكين كثيرا ما عبرت عن مخاوفها حيال ملف «المقاتلين الإيغور» في سوريا، الذي تراه يهدد أمنها القومي وفقا لتصريحات العديد من مسؤوليها منذ أن خرج هذا الملف للعلن في العام التالي لبدء الأحداث السورية، ومن المؤكد أن صدور هكذا قرار سيكون لازما لإضفاء الشرعية الدولية على اتفاق انضمام سوريا إلى «التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب»، المزمع توقيعه خلال زيارة الشرع إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل، والذي لربما يتبعه أيضا توقيع الاتفاق الأمني السوري «الإسرائيلي» الذي كان من المقرر توقيعه شهر أيلول الفائت، قبيل أن تتكشف عقدة «الممر الإنساني»، الذي أصرت تل أبيب على تضمينه داخل بنود الاتفاق، وتقف حائلا أمام توقيعه.

في الغضون، تظهر التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري أن تل أبيب قررت ألا تنتظر التوقيع، والحديث فيها الآن يدور حول وضع اللمسات الأخيرة على خط «صوفا 53»، الذي بدأ الحديث عنه منذ العام 2022، لكن المباشرة بتنفيذه لم تبدأ إلا مطلع العام الجاري، والخط، الذي يتراوح عمقه بين 1 - 2 كم، وارتفاعه ما بين 5 - 7 أمتار، يمتد ما بين قريتي «أم العظام» و«القطانية»، 4 كم شرق مدينة القنيطرة، وصولا إلى بلدة حضر وسفوح جبل الشيخ، مرورا بـ «الحميدية» و «جباتا الخشب»، وذلك في إطار «استراتيجية تهدف إلى إنشاء طريق عسكري تحصيني في المنطقة العازلة»، وفقا لما ذكره المتحدث باسم جيش الاحتلال شهر أيار الماضي، والذي أضاف أن «هذا الإجراء يأتي تحسبا لأي تهديدات محتملة على حدودنا»، ومن المقدر أن يصبح هذا الخط، الذي يتجاوز «المنطقة العازلة» التي أقرها اتفاق «فك الاشتباك» الموقع عام 1974 في انتهاك صارخ للقانون الدولي، هو الفاصل الجديد بين الأراضي السورية والأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا من حيث النتيجة، يعني أن تل أبيب قررت فرض واقع على الأرض يصبح معه توقيع «الاتفاق الأمني»، أو عدمه، تحصيلا حاصلا، بل ولا قيمة تذكر له إلا من الناحيتين الإعلامية والمعنوية.

قد تكون المكاسب المتوقعة لزيارة الشرع إلى واشنطن كافية لوضع البلاد أمام تحول استثنائي من النوع الذي يمكن التعويل عليه في ملفات عديدة، لكن «الشرخ» الحاصل في الجنوب، والذي يبدو أنه لا يخضع لعوامل» الضبط» الأميركية، يمكن له أن يحيل جزءا من تلك المكاسب إلى «ندبات» على «سطح» السيادة لا بد لها وأن تدفع إلى مزيد من الاحتقان الداخلي الذي يمكن للـ «الكثيرين» الاستثمار فيه.

عبد المنعم علي عيسى-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا