الصحافة

مفاوضاتنا مع الذئاب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

"اسرائيل" ردت على الرئيس جوزف عون بالقاذفات وبالدبابات. هو السيف الاسبارطي في وجه العقل الأثيني. حتى إن الفيلسوف اليهودي - الأميركي نورمان فلنكشتاين، يلاحظ كيف حوّل "الحاخامات" "الماشيح" الى نبي مجنون ويختال فوق الجماجم. ألم يقل ايتامار بن غفير، حين كان عضواً في حركة "كاخ"، "هذه المرة بناء الهيكل لا بأخشاب اللبنانيين وانما بجماجم اللبنانيين".

على مدار الساعة تهديدنا بالأهوال. الأهوال الأكثر هولاً. بكل فظاظة كتبت "يسرائيل هيوم" ما مؤداه "لا ملاجئ بل قبور". وهذا مآل كل من يفكر بالعداء لدولة "يهوه". وهكذا وصلت التعليمات الى الحلفاء الأعزاء "أوصدوا الأبواب والطرقات في وجوههم، لكي يقضوا تحت الأنقاض". في هذه الحال، هل نحن كلبنانيين مؤهلون لمفاوضات مع أولئك المجانين. حتى إن صحيفة "هاآرتس" تتحدث عن "ديبلوماسية المجانين". أي الأيدي الملطخة بالدم ...

غريب أن يأتينا توم براك، وهو اللبناني الأصل بوجه وبلغة "يهوذا"، فيما يرد عليه آموس هوكشتاين، وهو "الاسرائيلي" الأصل بوجه وبلغة الأم تيريزا. قد تكون معادلة اللبناني- "الاسرائيلي" و "الاسرائيلي"- اللبناني ؟ حتى إننا نسمع تلك الأصوات، ومن داخل "البيئة الحاضنة"، والموجهة الى حزب الله" عن أي لبنان تدافع، وعن أي فلسطين تبذل كل تلك الدماء"؟ لا لبنان هناك ولا فلسطين هناك حين نساق كما الماعز الى الحرملك الأميركي. تصوروا أن يدعو المبعوث الأميركي الرئيس اللبناني الى التواصل مع بنيامين نتنياهو. من يقول له إن الرجل الخارج من المؤسسة العسكرية، ليس بالرجل الخارج من الكهوف، والذي يدار بالريموت كونترول...؟

وزير دفاعنا ميشال منسى الذي نسجل له موقفه الرائع من دعوة براك، قال "من غير المعقول أن تكون هناك بندقيتان على الأرض وانما بندقية الدولة". هذا حلم كل لبناني يعلم أن البندقية الأخرى، وجدت بالغياب الكامل لبندقية الدولة وللدولة، ليس فقط منذ تسليم الجنوب الى ياسر عرفات باتفاق القاهرة الذي وقع عليه عام 1969 قائد الجيش آنذاك اميل البستاني، وانما قبل ذلك بالكثير وبعد ذلك بكثير. هذه البندقية بالذات هي التي أزالت الاحتلال، وأعادت الى لبنان عنفوانه وسيادته، لا ببغاءات الشاشات، ولا ببغاءات الأزقة.

قطعاً لا نشكك في كفاءات ضباطنا وجنودنا، التي تضاهي كفاءات ضباط وجنود أكثر الدول قوة في العالم. ولكن أين هي الامكانات التي تمكن المؤسسة العسكرية من الاضطلاع بدورها؟ خصوصاً عندما يفترض بها أن تشكل الدرع الفولاذي، لمنع اندلاع الصدام الدموي الداخلي، وحين يكون عليها مطاردة الخارجين على القانون. هنا مسؤولية المنظومة السياسية، التي لم تحكم البلاد يوماً بعقلية رجال الدولة، وانما بعقلية المغارة... مغارة علي بابا...

هكذا كنا أمام الدولة المشرعة الأبواب أمام كل الرياح، حتى ولو كانت رياح جهنم. مع اعترافنا بأن حرب الاسناد كانت كالخطأ القاتل، بالتداعيات الكارثية ليس على المقاومة فحسب، وانما على كل لبنان الغارق في أزماته. حتى إن "الفيننشال تايمز" تحدثت عن "جمهورية الأزمات"، ودون أي حل لأي منها. وحتى الآن هل تسمح اللوثة الطوائفية، التي تستشري كما الوباء في مفاصل البلاد، بصياغة الاستراتيجيات الخاصة ببناء دولة قابلة للحياة، في منطقة قال هيرودوت منذ 2500 عام إنها تقع على خط الزلازل، فاته القول انها تقع على خط الأعاصير التي لا ندري الآن الى أين تمضي بنا.

الرئيس عون قال بالمفاوضات الجامعة وطنياً، والرئيس نبيه بري يقول بالميكانزم مكاناً للمفاوضات، ما دامت هي من تشرف على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، بمندرجاته التقنية والسياسية على السواء. لنلاحظ كيف كان الرد "الاسرائيلي" أن نرى رئيس جمهوريتنا في القدس أو في "تل أبيب" حاملاً صك الاستسلام. وبعدما تواردت المعلومات حول محادثات سورية ـ "اسرائيلية" تجري الآن وبكثافة، من أجل توقيع أمني في الظاهر سياسي في الخفاء. ويكون مدخلاً لعلاقات "أخوية" بين دمشق و "تل أبيب". في هذه الحال اما الالتحاق بـ "الديبلوماسية الشامية" أو الالحاق بالبلاد الشامية.

الآن أيدينا وربما رؤوسنا بين اشداق الذئاب، لا ندري كيف نحارب، ولا ندري كيف نفاوض، حين نكون على ذلك النحو من التصدع الداخلي، سواء كان التصدع السياسي أو التصدع الطائفي. رئيس الجمهورية قال بالمفاوضات الجامعة وطنياً، أي أنه يطمئن كل الفئات وكل القوى على الأرض، بأنه سيكون الناطق باسم الجميع، ليكون هناك من يؤكد لنا أن الرئيس سيشرف شخصياً على كل تفاصيل العمليات التفاوضية، على أمل أن يتوقف ذلك التأجيج الأعمى عبر الشاشات أو عبر المنابر.

كل هذا و "الاسرائيليون" يقرعون الطبول عند أبوابنا، دون أن يتوقفوا يوماً عن لعبة النار، ليطلب دونالد ترامب (وهو المخلص الهابط للتو من السماء) من نتينياهو "التريث وعدم التحرك في لبنان حتى آخر الشهر الحالي"، لكن البابا لاوون الرابع عشر سيكون في ديارنا مطلع الشهر المقبل حاملاً الصولجان، في ضوء معلومات تؤكد أنه سيضع المسيحيين واللبنانيين أمام الحقيقة، إما أن يكون لبنان موحداً أو لا يكون.

لبنان على وشك الدخول في المفاوضات تفادياً للخيار الآخر، أي الحرب، ولكن بغياب التوازن الاستراتيجي، هل من مجال للتوازن الديبلوماسي ؟ حقاً كما هي رسالة الحبر الأعظم نكون أو لا نكون، رهان "الاسرائيليين" وكما بات معلوماً ألّا نكون... ما هو رهان اللبنانيين ؟ 

نبيه البرجي - الديار 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا