الصحافة

المناورة على الحافة: رسائل النار الإسرائيلية في زمن الهدنة المعلقة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تبدو المناورات الإسرائيلية الواسعة على الحدود مع لبنان، انعكاسا لمرحلة متوترة من الترقب الاستراتيجي على الجبهة الشمالية، حيث تختلط الحسابات العسكرية بالسياسية، وتتشابك الأبعاد الأمنية بالنفسية في مشهد يختبر حدود التهدئة المعلقة أكثر مما يرسخها.

5 أيام من التدريب المكثف الذي أعلن عنه الجيش الإسرائيلي، محاكيا سيناريوهات الدفاع والاستجابة للتهديدات الفورية في الجليل والمناطق الحدودية، تأتي كرسالة مزدوجة المضمون. داخليا لإقناع المجتمع الإسرائيلي بأن المؤسسة العسكرية لا تزال ممسكة بزمام المبادرة، وخارجيا لتأكيد أن إسرائيل قادرة على التحرك السريع متى شعرت بأن التفاهمات التي أرست وقف إطلاق النار مهددة أو قابلة للانهيار.

وقال مصدر عسكري سابق خبير في الشؤون الإسرائيلية لـ «الأنباء»: «على المستوى العسكري، تكشف المناورات إدراكا متناميا في إسرائيل بأن الجبهة اللبنانية تغيرت جذريا. فمفهوم القوة لدى «حزب الله» لم يعد يقوم على الكم بل على الذكاء التقني والمرونة الميدانية، إذ تحولت الترسانة من صواريخ ضخمة إلى أسلحة دقيقة وصغيرة الحجم مثل الطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ «ألماس» الموجهة ومنظومات إطلاق متنقلة يصعب رصدها أو تدميرها. هذا التحول فرض على الجيش الإسرائيلي تطوير مقاربات جديدة تتجاوز الخطط الكلاسيكية، عبر تدريب وحداته على حرب متعددة الأبعاد تشمل البر والجو والبحر، وعلى مواجهة خصم لم يعد يحتاج إلى قواعد كبيرة ولا إلى أعداد هائلة من المقاتلين كي يشكل تهديدا فعليا.

وفي هذا السياق، تبرز المناورات كمختبر عملي لاستراتيجيات الردع الجديدة التي تراهن على المرونة، وسرعة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، واستخدام التكنولوجيا الاستخباراتية كذراع أولى في أي مواجهة قادمة».

وأضاف المصدر: «سياسيا، المشهد أكثر تعقيدا. فالمناورات تعبر عن توازن دقيق بين الحاجة إلى طمأنة الداخل الإسرائيلي بعد سنة من الاضطرابات الأمنية والسياسية، والرغبة في توجيه إنذار عملي وميداني إلى «حزب الله» وإيران بأن إسرائيل لا تزال قادرة على فرض معادلة الردع. في المقابل، يدرك صانع القرار الإسرائيلي أن التصعيد المدروس قد ينقلب سريعا إلى أزمة ديبلوماسية إذا ما ترافقت التحركات العسكرية مع خطاب سياسي متصلب. لذا، فإن الرسائل السياسية التي ترافق المناورات موجهة بقدر من الدقة لتأكيد الجهوزية دون تجاوز الخطوط التي قد تطيح بالتفاهمات الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة والقوى الكبرى».

وأوضح المصدر انه «من زاوية أخرى، تتخذ المناورات بعدا نفسيا داخليا أيضا. فهي وسيلة لإعادة الثقة إلى جمهور لا يزال يعيش تحت وطأة الصواريخ والطائرات المسيرة التي سقطت على مستوطنات الشمال خلال الأشهر الماضية. رفع المعنويات وتأكيد أن المؤسسة العسكرية تسيطر على الأرض والسماء جزء أساسي من أهداف هذه التحركات، خصوصا في ظل انتقادات داخلية للقيادة السياسية والعسكرية بعد الحرب الأخيرة وتداعياتها على صورة الردع الإسرائيلي».

وأشار المصدر الى انه «اقتصاديا ومدنيا، تتجلى انعكاسات المناورات في اضطراب يومي يطال حياة السكان في المناطق الحدودية والذين يعيشون على وقع دوي الانفجارات وتحليق الطائرات، ما يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب ويزرع قلقا مستمرا لدى المجتمعات الشمالية. في المقابل، تحاول المؤسسة العسكرية طمأنة المدنيين عبر تأكيد الطابع التدريبي لهذه الأنشطة، لكنها لا تستطيع إخفاء أن المناورات نفسها تحمل احتمالا للتصعيد في ظل الرسائل الإسرائيلية التي التقطت بصورة واضحة في الجانب اللبناني، جراء استمرار القتل واستهداف منشآت مدنية لإعادة الإعمار».

واعتبر المصدر ان «المناورة الإسرائيلية جزء من معادلة ردع متجددة تسعى تل أبيب من خلالها إلى اختبار قدراتها وإعادة رسم حدود الاشتباك في ظل جبهة شديدة الخطورة. وهي محاولة لاحتواء احتمالات الحرب بقدر ما هي استعداد لخوضها من جديد، ورسالة سياسية وعسكرية وأمنية تتقاطع عند سؤال واحد: هل تستطيع إسرائيل إدارة توازن القوة من دون أن تفتح النار مجددا على لبنان بطريقة مختلفة عن المعتاد راهنا بما يؤدي لإشعال المنطقة بأكملها؟».

داود رمال - الأنباء الكويتية 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا