بالعمليات العسكرية لا بالانتفاضات الشعبية... هكذا بدأت حقبة شرق أوسطية جديدة...
المنتديات الاقتصادية العالمية تصبو إلى التنمية الاجتماعية قبل النمو الاقتصادي.. أين لبنان منهما؟
"تحمل الديون تداعيات عميقة على الاستقرار الاقتصادي العالمي، فارتفاع الدين العام يقيّد الحيّز المالي للدول ويترك لها مجالاً أضيق للمناورة" هذا ما حذّر منه وزير المال السعودي محمد الجدعان خلال فعالية نظمها المجلس الأطلسي على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، عند إشارته إلى "ارتفاع مستويات الديون حول العالم والذي يخلق "عاصفة مثالية" تتطلب استجابة عالمية منسَّقة وسريعة... إذ إن هذه المشكلة تؤثر على الدول بمختلف مستويات دَخلها، من الاقتصادات المتقدّمة إلى الأسواق الناشئة والدول منخفضة الدخل..."، منبِّهاً إلى أن "الديون تحمل تداعيات عميقة على الاستقرار الاقتصادي العالمي، فارتفاع الدين العام يقيّد الحيّز المالي للدول ويترك لها مجالاً أضيق للمناورة".
هذه التحذيرات التي أُطلقت من على منبر صندوق النقد الدولي في واشنطن، تدفع إلى التوقف عند حيثياتها وأسبابها فتداعياتها.
"المركزية" تحمل هذه الهواجس إلى الخبير في الاقتصاد الدولي الدكتور محمد فحيلي ليُشير إلى وجود نوعَين من الدين: دين للاستهلاك، ودين للاستثمار. فالأول يترك تداعيات سلبية أكثر على الاقتصاد من تداعيات الدين الاستثماري. فلبنان على سبيل المثال لا الحصر، لم يستدِن للاستثمار في البنى التحتية والكهرباء وتحسين مرافقه العامة. من هنا إن كيفية استعمال الدين العام "المرتفع"، تبقى الأساس لتحديد ما إذا كان سيؤثر على النمو الاقتصادي أم لا". لذلك، يتابع، "من الأفضل التوجّه نحو الدين الاستثماري الهادف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية ومعالجة آفة الفقر والبطالة... وليس النمو الاقتصادي فحسب".
ويلفت إلى أن "المنتديات الاقتصادية العالمية دعت في اجتماعاتها الأخيرة، الدول كافة إلى وجوب التركيز على النمو الاقتصادي بهدف التنمية الاجتماعية التي تطال كل مكوّنات المجتمع"، مستشهداً بخبرة لبنان عقب الحرب الأهلية "إذ ركّز الرئيس الراحل رفيق الحريري في تلك الفترة، على النمو الاقتصادي في بيروت وضواحيها وكسروان، أكثر من قرى الأطراف في الجنوب وعكار والبقاع فعاشت هذه القرى معاناة اقتصادية واجتماعية كبيرة".
أما اليوم فالصورة تبدّلت بشكل عام... يقول فحيلي، "فالدول كافة بدأت تستحِسّ دقة المديونية العامة، خصوصاً أن ديون غالبية الدول مكوَّنة بالدولار الأميركي حتى وصلت الفائدة على هذا الدين إلى نسبة 5%!"، من دون أن يغفل الإشارة إلى "تردّد المصارف المركزية في اعتماد الدولار كاحتياطي بالعملة الأجنبية لديها، والسبب يعود إلى بدء الخزانة الأميركية بفرض عقوبات، يميناً ويساراً، على بنوك مركزية ورؤساء جمهوريات وكيانات عديدة في روسيا وسوريا وإيران والعراق... ما دفع هذه الدول إلى استبدال الدولار الأميركي بالذهب، الأمر الذي شكّل أحد أهم أسباب ارتفاع أونصة الذهب بوتيرة متسارعة".
ويذكّر فحيلي "بالصدمة السلبية التي أحدثتها جائحة "كورونا" والتي دفعت الدول المتعثّرة إلى المزيد من التعثّر، كما تسبّبت بانكماش حاد في الاقتصاد العالمي ما أثّر سلباً على الدول النامية والناشئة، لأن الدول المتقدّمة كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ضخّت آنذاك سيولة هائلة كي تبقى اقتصاداتها صامدة سليمة".
كل تلك المعطيات، "جعلت الاهتمام بالدين العام أمراً بديهياً" على حدّ تعبيره، "لأن تداعياته بدأت تترجم في الفقر والتوجّه نحو الإرهاب، كما تجلّت في تعثّر تغطية الفاتورة الصحيّة... فاستشعرت هذه الدول حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها وهي تتجنّب اليوم الوصول إلى تحمّل فاتورة هذا الدين أكثر من كلفة تسديده، إذا صحّ التعبير. فالدين العام اللبناني أوصل البلاد واللبنانيين إلى هذه الحالة القائمة اليوم! إذ إن حجم الدين لم يعُد يساوي شيئاً في مقابل "المصائب" التي يعاني منها لبنان واللبنانيون اليوم".
ويوضح هنا، أن "هذه التداعيات ناتجة عن سوء إدارة الدين العام للأسف! إن الدين العام الهادف إلى تمويل الاستهلاك، قد تكون تداعياته السلبية محدودة في حال كان هناك حسن إدارة لهذا الدين. وهنا نتحدث عن دعم الإنفاق لكل مكوّنات المجتمع حيث معالجة مشكلة الفقر وتسديد الفاتورة الصحيّة للمرضى غير المضمونين وكذلك فواتير التعليم وغيرها. فالدين المخصَّص للاستهلاك، تداعياته إيجابية للغاية على المجتمع المحلي... إذا أحسنت الدولة إدارته"... يبقى السؤال "أين لبنان من "النمو الاقتصادي.. والتنمية الاجتماعية!؟".
ميريام بلعة -المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|