"القطاف" بدأ... والتفاح اللبناني في مواجهة المناخ والأسواق
"من كان يملك سابقاً ألفي صندوق لا يملك هذا العام مئة صندوق. نحن تعلّمنا وعلّمنا أبناءنا من التفاح، عندما كان مصدر رزق جيداً لنا!".
بهذه الكلمات، وصف المزارع يوسف خليل الذي يعمل مع عائلته في هذا القطاع منذ عام 1968، معاناة المزارعين، لافتاً إلى أنه في السنوات الماضية أصبحت أسعار التفاح "عاطلة"، بحيث تذهب الأرباح إلى أصحاب المحالّ والتجّار بينما لا يستفيد المزارعون بشيء.
وعلى الرغم من أن الأسعار هذا العام جيدة، إذ ترواح بين 15 و20 دولاراً للصندوق الواحد، بحسب خليل، إلا أن هذا الموسم لم يكتمل نتيجة التغيرات المناخية.
ومنذ حوالي عام 2016، بدأ بعض الفلاحين بالتوجّه نحو استبدال التفاح وتنويع محاصيلهم، ولا سيما في الشمال والبقاع، فيما اختلف الأمر في جبل لبنان، حيث يعتمد أصحاب الأراضي على منتج واحد (Mono produit) توارثوه أباً عن جدّ، ولا يزالون عاجزين عن الانخراط في محاصيل جديدة بسبب الطبيعة الجبلية في المنطقة، وفق مديرة الدراسات والتنسيق في وزارة الزراعة.
بدوره، شكا المزارع ميلاد زغيب من انتشار "الأدوية الزراعية المغشوشة"، وأوضح أنّه رشّ الأشجار تسع مرّات، إلا أنّ المحصول تضرّر بالكامل، مضيفاً "رداءة الأدوية التي تطرحها الوكالات الزراعية حالت دون القضاء على حشرة الأكاروز، على الرغم من شراء أدوية يُسوَّق لها على أنّها الأفضل، ما أدّى في نهاية المطاف إلى يباس الثمار وتكبّد المزارعين خسائر فادحة".
التفاح اللبناني.. بين التحديات الزراعية والتصديرية
بحسب أرقام المسح الزراعي السنوي لعام 2021، بلغت المساحة المزروعة بالتفاح في لبنان نحو 16,684 هكتاراً، بإنتاج إجمالي وصل إلى 228,673 طناً، إذ يحتلّ البقاع المرتبة الأولى من حيث القيمة الإنتاجية بكمية بلغت 79,983 طناً، تليه بعلبك – الهرمل، ثم محافظة الشمال.
أما هذا العام، فاختلف الأمر، إذ شرح التاجر نعيم بعينو أن الموسم قليل جداً، مشيراً إلى أن "جهة العاقورة والشمال لا بأس بها، لكن جهة كسروان شبه فارغة، بحيث لا تتجاوز نسبة الإنتاج فيها 20 إلى 22 في المئة". ويُضاف إلى هذا الوضع، مشاكل ترسبات المبيدات، مثل مادة "دايمثويت" المستخدمة لرشّ التفاح التي تبقى في الثمرة لأشهر، وهي تُعدّ السبب الرئيسي في رفض الشحنات التصديرية إلى مصر".
من جهتها، لفتت مديرة الدراسات في وزارة الزراعة إلى أنّ الأسواق الأوروبية مغلقة أمام التفاح اللبناني بسبب عدم امتلاك لبنان الملكية الفكرية لأصناف جديدة، إلى جانب امتلاك أوروبا إنتاجاً محلياً كافياً، فضلاً عن معاييرها الصارمة غير المتوفرة محلياً، مؤكدة أنّ "أسواق التصدير محصورة بالدول العربية وأفريقيا فقط".
أما المزارع والتاجر وليد طانيوس سمعان، فقال إن الاستثمار في التفاح كان جيّداً، لكن "الأسعار المتدنية" هي التي كبّدت المزارعين خسائر في السنوات الماضية، ولا سيّما حين كان يُباع الصندوق بدولارين أو أربعة دولارات.
وبينما يُشكّل التفاح جزءاً من التراث الزراعي اللبناني، يبقى مستقبله، عملياً، مرهوناً بقدرة التكيّف مع الواقع المناخي الجديد، فيما يبقى أمل المزارع بالمواسم المقبلة، هو السبيل "للحفاظ على أرض وثمرة تعلّقوا بهما".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|