بعلبك-الهرمل: سجلّ الصراع المسلح والتحدي الأمني المتعدد الأوجه
تبقى منطقة بعلبك-الهرمل في لبنان، بتاريخها وسياقها الجغرافي، ميداناً مفتوحاً لسلسلة متواصلة من المواجهات المسلحة بين الجيش اللبناني ومجموعات من المطلوبين والمسلحين.
هذه العمليات ليست حوادث معزولة، بل هي حلقات في صراع أمني متجذر ومزمن تتنوع فيه التحديات بين مكافحة الجريمة المنظمة والتصدي للعنف المزمن ومواجهة المخاطر الحدودية.
في السنوات الأخيرة، كثف الجيش اللبناني عملياته المركزة التي تستهدف البؤر الإجرامية ومقرات المطلوبين، ضربات أمنية موجعة سدّدها الجيش لأبرز المطلوبين، أسفرت عن تفكيك عصاباتهم ما بين قتيل وفارٍ وموقوف، مع العمليات الإستباقية المتواصلة التي تقوم بها مديرية المخابرات في البقاع على مدى السنوات الثلاثة الأخيرة، عُمّدت خلالها بدماء عشرة شهداء من عناصرها، الامر الذي يؤكد اليوم أنها منطقة "تحت كنف الدولة".
وتأتي هذه العمليات بتكتيكات متطورة تعكس خطورة الموقف:
الاستهداف المتقدم والضربات الجوية
شهدت مواجهة الشراونة في أب الفائت مثالاً على التكتيكات الجديدة، حيث تم استخدام الطائرات المسيّرة والأسلحة المتوسطة لحسم الاشتباك، مما أدى إلى مقتل المطلوبان البارزان ع.س.ز و ع.م.ز المعروف بـ " أبو سلة " ( بعد عدة محاولات لتوقيف الأخير واسفرت احداها عن استشهاد عسكري في أيار 2022)، هذا التطور يشير إلى اعتماد الجيش على تكنولوجيا متقدمة للتعامل مع المقاومة المسلحة العنيفة.
تفكيك شبكات المخدرات والأسلحة
تُظهر المداهمات أن الهدف الأساسي هو القضاء على الجريمة المنظمة. ففي عمليات متتالية في الشراونة وتل الأبيض ( أيلول 2020)، تم ضبط كميات ضخمة من المخدرات، أبرزها حبوب الكبتاغون، بالإضافة إلى آلات تصنيعها والأسلحة والذخائر في منازل مطلوبين مثل ن.ع.ج. ون.ز.
تكررت المداهمات الأمنية في مناطق مثل القصر والهرمل وحورتعلا (نيسان 2025) لضبط الأسلحة والمخدرات وتوقيف المطلوبين، مما يؤكد استمرارية الإجراءات الأمنية في كافة أنحاء القضاء. كما تضمنت هذه العمليات حوادث دامية، مثل الاشتباك في حوش تل صفية (تشرين الثاني 2018) الذي أسفر عن مقتل أربعة مطلوبين بعد مواجهة عنيفة.
إحكام الجيش قبضته على محلة الشراونة منذ (تموز 2022) ووفق مصدر أمني لـ"النهار": توقيف اكثر من 1200 مطلوب بينهم سوريون، وسقوط أكثر من 50 مطلوباً بينهم سوريون ايضا (يعملون مساعدين لهؤلاء) خلال عمليات الدهم.
السجل التاريخي للصراع من العنف المحلي إلى الإرهاب حيث لم تظهر التحديات الأمنية فجأة.
يشير السجل الزمني إلى أن المنطقة كانت تشهد عنفاً متوطناً ومزمناً، إلى جانب تحديات كبرى على الحدود:
العنف المزمن والخسائر الأمنية
لطالما شكلت الاشتباكات المحلية تحدياً، حيث تم رصد ما يصل إلى 30 اشتباكاً مسلحاً في بعلبك-الهرمل خلال عام 2010 وحده.
وقد أدت هذه الاشتباكات إلى خسائر في صفوف الجيش، كما في أيلول 2018 بـمرجحين (الهرمل)، حيث استُشهد عنصر من الجيش خلال عملية دهم. كما شهدت المنطقة استخداماً مكثفاً للسلاح الثقيل، كالذي ظهر في اشتباكات تشرين الثاني 2020 التي استُخدمت فيها القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة، كذلك استشهاد ثلاثة عسكريين من مديرية المخابرات وأصيب عدد من رفاقهم فيما قتل ثلاثة مطلوبين، في اشتباكات مسلحة عنيفة بين العسكريين وعدد من المطلوبين في حورتعلا (شباط 2023).
كما يتجاوز دور الجيش الصراعات الداخلية ليصل إلى حماية الحدود. ففي كانون الثاني من العام 2025، تم التصدي لمسلحين سوريين حاولوا فتح معبر غير قانوني في منطقة معربون الحدودية أثبتت المعركة يومها جدارة فوج الحدود البرية الرابع في التعامل مع الحادثة، والأهم من ذلك، خاضت المنطقة حرباً كبرى في أغسطس 2017 عبر عملية "فجر الجرود" الواسعة، التي نجح الجيش خلالها في طرد مسلحي تنظيم داعش من جرود رأس بعلبك والقرى المحيطة، مؤكداً قدرته على مواجهة التهديدات الإرهابية الكبرى.
يُظهر هذا السجل المزدوج أن الجيش اللبناني يخوض صراعاً أمنياً متعدّد الأوجه في بعلبك-الهرمل. إنه يسعى جاهداً إلى تفكيك البنية التحتية للتجارة غير المشروعة، ويفرض سيطرته على مناطق كانت تُعتبر خارج نفوذ الدولة، وفي الوقت نفسه يحافظ على تأمين الحدود ويجابه أي محاولات للعودة بالإرهاب. تظل المنطقة مركزاً لفرض القانون وضمان سيادة الدولة على كافة أراضيها.
لينا اسماعيل -النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|