محليات

التمايز الفرنسي – الأميركي في لبنان: سيادة عبر الجيش أم شروط عبر السلاح؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في خضم التطورات الإقليمية المتسارعة، وتصاعد الضغوط الدولية لإعادة هيكلة الواقع السياسي والأمني في لبنان، برزت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة من نيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كمؤشر بالغ الأهمية على توجه استراتيجي فرنسي مغاير للنهج الأميركي في التعاطي مع الأزمة اللبنانية.

فالرئيس الفرنسي، الذي طالما حاول إعادة تثبيت الدور الفرنسي التاريخي في لبنان، رسم من خلال كلامه خطوطاً سياسية واضحة تعبّر عن رؤيته، للأمن والسيادة في لبنان، والتي ترتكز على "دعم الجيش اللبناني كمؤسسة جامعة"، ورفض أي صيغة تُبقي الجنوب رهينة للاحتلال الإسرائيلي، أو تُسقط التعددية السياسية والاجتماعية التي يتميز بها لبنان.

من هنا فان تصريحاته حول "حصر السلاح"، وانسحاب "القوات الإسرائيلية"، والتعاون الفرنسي - الأميركي "المتوتر خلف الكواليس"، عكست عمق التباين بين باريس وواشنطن، لا سيما في مسألتي "حصر السلاح" وتوازنات الداخل اللبناني. ففي وقت تميل فيه الإدارة الأميركية إلى مقاربة أكثر صدامية، ترتكز على "نزع السلاح" كشرط لدعم الدولة، تذهب فرنسا نحو مقاربة "واقعية" تقوم على تقوية مؤسسات الدولة أولاً، وتفكيك عقدة السلاح عبر التفاهمات وليس بالضغوط وحدها.

هذا التمايز في المقاربتين يعيد لبنان إلى صلب التنافس الدولي، لا بوصفه مجرد ساحة نزاع داخلي، بل كنقطة توازن إقليمي بين طموحات واشنطن الاستراتيجية، وتطلعات باريس التاريخية في الشرق الاوسط، على ما ترى مصادر سياسية مخضرمة.

وتتابع المصادر بالتأكيد، عشية الهجمة الاميركية لالغاء مفاعيل اتفاقية "سايكس – بيكو"، على ما يكشفه مسؤولو الادارة الجمهورية، دفعت بالايليزيه الى شن هجوم مضاد استباقي، منطلقا من النقاط التالية:

- إبراز أهمية لبنان كنموذج تعددي: من خلال تمسك فرنسا بهوية لبنان التعددية، كجزء من رؤيتها التاريخية له كامتداد ثقافي وسياسي للفرنكوفونية في المشرق العربي، مقابل النظرة الأميركية البراغماتية التي ترى لبنان في إطار أمني - إقليمي مرتبط بـ "إسرائيل" وإيران.

- دعم واضح للجيش اللبناني، في اطار تموضع مستجد، يحمل بُعداً استراتيجياً مضاداً ضمنياً للنهج الأميركي القائم حالياً على "ربط دعم الجيش اللبناني بأجندة حصر السلاح"، حيث الدعم الفرنسي للجيش من منطلق سيادي، بينما واشنطن تدعمه كجزء من استراتيجية احتواء حزب الله.

- الدعوة لانسحاب "إسرائيلي" من الجنوب، حيث رسالة ماكرون المزدوجة: الاولى إلى "إسرائيل" برفضه استمرار الاحتلال كعامل توتير دائم، والثانية إلى واشنطن، ومفادها بأن فرنسا لن تكون شريكاً في أي ترتيبات أمنية تتجاهل الشق السيادي اللبناني، وهو موقف يعارض صراحةً بعض الطروحات الأميركية حول "مناطق عازلة" بغطاء أممي.

عليه، فان الاستراتيجية الفرنسية في لبنان، كما تعكسها تصريحات ماكرون، هي استراتيجية للحفاظ على النفوذ التاريخي والدور الوسيط، من خلال دعم المؤسسات المركزية (الجيش) والديبلوماسية المتوازنة (مطالبة "إسرائيل" بالانسحاب وحصر سلاح حزب الله). استراتيجية تتشابك مع المصالح الأميركية في تحقيق الاستقرار ومنع الانهيار، مما يخلق تعاوناً تكتيكياً، ولكنه لا يلغي التنافس الاستراتيجي على قيادة جهود الحل النهائي، وصياغة مستقبل لبنان في المنطقة. يظهر ماكرون فرنسا كقوة أوروبية ذات استقلال ديبلوماسي عن كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل".

ميشال نصر - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا