"فعّالة وبصمت"... الحجار: توقيف مجموعات إرهابية وعملاء لإسرائيل بعمليات استباقية
الودائع... هيركات مباشر وغير مباشر بالمليارات
قد لا يُبتّ مشروع قانون إعادة الانتظام المالي سريعاً، كما يأمل البعض؛ إذ يُرجَّح أن يتعرّض للمماطلة في مجلس النواب، حتى لو خرج سريعاً من مجلس الوزراء، وربما يُؤجَّل البتّ فيه إلى ما بعد الانتخابات النيابية. وبرغم أن بعض التسريبات حوله قد لا تكون دقيقة، إلا أن عدداً من النقاط الجوهرية بات شبه محسوم. فهل سيُقتطع جزء من الودائع كما أشيع؟ وهل من صيغة واضحة لإعادتها؟
تضييق الفجوة المالية
يستهدف قانون إعادة الانتظام المالي، أو ما يُعرف بقانون الفجوة المادية، رسم خريطة واضحة للودائع، وتحديد مصيرها، وكيفية إعادتها، وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتق كل من الأطراف المعنية بالودائع، من الدولة ومصرف لبنان، إلى المصارف، وصولاً إلى المودعين.
ولأن خريطة الودائع وشكلها وكيفية إعادتها، تقوم على حجم الفجوة المالية الواقعة في القطاع المصرفي، (والمقصود بالفجوة الفارق بين المطلوبات؛ أي الودائع، والموجودات؛ أي ما هو متوفر لدى المصارف)، فإن أحد أهداف القانون يقوم على تضييق تلك الفجوة قدر الإمكان، وصولاً إلى رأبها تماماً.
وليس تضييق الفجوة المالية بالأمر السهل، فذلك يفتح الباب على مصراعيه على عمليات "تشذيب" و"اقتطاع" من الودائع؛ أي "هيركات" مباشر وغير مباشر. وما بات مؤكداً حتى اللحظة أن الفجوة المالية المقدّرة قيمتها بنحو 84 مليار دولار، لن تُردم بالكامل، أو بالأصح ستُقلص عبر شطب أجزاء منها، وردم ما ينتج من ودائع بعد عمليات الاقتطاع.
طروحات لتقسيم الودائع
كثيرة هي الطروحات التي يجري التداول بها لردم الفجوة المالية؛ منها شطب الفوائد المرتفعة التي استفاد منها المودع قبل سنوات الأزمة، وشطب الودائع التي سيثبت عدم مشروعيتها، وإعادة النظر في الأرباح التي حققتها المصارف من الهندسات المالية، وغير ذلك من النوافذ التي يمكن عبرها تقليص حجم الفجوة المالية.
أبرز النقاط التي يتضمنها التصوّر الأوّلي لمعالجة الودائع، يمكن اختصارها بأن الودائع ستُقسَم فئتين: الفئة الأولى التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار، والفئة الثانية التي تزيد قيمتها عن 100 ألف دولار. ويأتي هذا الطرح بموازاة طرح آخر يقسم الودائع 3 أقسام: الأول دون الـ100 ألف دولار، والثاني بين 100 ألف ومليون دولار، والثالث يفوق المليون دولار. لكن في شتى الحالات، فإن الاقتطاع من الودائع واقع حكماً، وهلى نحوٍ مباشر وغير مباشر.
ووفق مصادر متابعة لنقاشات مشروع قانون الفجوة المالية، فإن الودائع التي تقل عن 100 ألف دولار ستُعاد على مدار 5 سنوات، وبقيمتها الحقيقية، أو بمعنىً أقرب إلى الواقع، سيُعاد ما تبقى منها. فالتضخم اقتطع جزءاً منها بالفعل منذ العام 2019 وحتى اليوم، إضافة إلى الرسوم والعمولات المضخمة التي تقتطعها المصارف شهرياً منها.
أما الودائع التي تزيد عن 100 ألف دولار، فلم يعد خافياً أنه لن تُعاد نقداً بقيمتها الفعلية؛ إنما عبر سندات مسحوبة على صناديق أو أدوات طويلة الأمد لدى البنك المركزي. أما ما يحدد آجال تلك السندات فقيمة الوديعة نفسها؛ إذ يكشف المصدر عن مقترحات تربط حجم الوديعة بالسنوات التي تمتد عليها السندات. بمعنىً آخر ستتراوح آجال السندات من 15 إلى 25 عاماً تتغير تبعاً لحجم الوديعة.
هذا النوع من السندات، وإن كان سيحفظ حق المودع على مدى سنوات محدّدة، غير أنه يمارس عملية "هيركات" على نحوٍ غير مباشر. فالوديعة التي يجب أن يستعيدها المودع بعد 15 أو 20 أو 25 عاماً، لن تبقى قيمتها الفعلية كما هي عليه اليوم؛ إذ ستتقلص وتفقد جزءاً كبيراً من قيمتها بفعل التضخم وعامل الزمن. وفي هذه الحالة سيفوق الهيركات مستوى 30 في المئة من الودائع، مع عدم استبعاد دخول السندات سوق العرض والطلب. وفي هذه الحالة لن تزيد قيمة السند عن 10 إلى 15 في المئة من القيمة الحقيقية للوديعة، لا سيما أن سدادها مؤجل على مدار سنوات لا تقل عن 15 عاماً.
"شطب" مباشر وغير مباشر
ووفق المعلومات، فإن الودائع الكبيرة، لا سيما تلك التي تفوق قيمتها مليون دولار، ستخضع لعملية شطب للفوائد المرتفعة التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة قبل الأزمة، لتُحرر بما يتبقى منها بسندات على مدى سنوات تتراوح بين 15 و25.
وبين البنود التي تخضع للدرس والتدقيق أيضاً، شطب الودائع التي يثبت عدم مشروعيتها، علماً أن هذا الأمر ربما يفتح باب المساءلة على المصارف التي خالفت شروط الامتثال بالقوانين واللوائح والمعايير المهنية الدولية، وتساهلت في تطبيق معايير الـ ،KYC واستقبلت ودائع غير واضحة المصدر سابقاً.
ويُضاف إلى ذلك شطب الجزء الأكبر من الودائع التي حُوّلت بعد اندلاع الأزمة من ليرة إلى دولار، على أن يتقاضاها أصحابها كاملة بالليرة أو بالدولار، إنما بعد شطب ما لا يقل عن 70 في المئة منها. والثابت أن هذه الودائع لن تُحتسب بالدولار بقيمتها الحقيقية.
هذه العمليات من شأنها خفض قيمة المطلوبات من حوالى 84 مليار دولار، إلى ما لا يزيد عن 53 مليار دولار، يتوفر منها ما لا يزيد عن 14 ملياراً من الاحتياطات لدى مصرف لبنان، وهذا ما يعني أن الاقتطاعات المباشرة من الودائع ستبلغ نحو31 مليار دولار. وبذلك تكون الودائع قد خضعت لعملية اقتطاع مباشرة، وأخرى غير مباشرة بفعل الزمن.
أما لجهة تقسيم المسؤوليات بين الأطراف المعنية، فإن مصرف لبنان، وفق المعلومات، يسوّق لكونه سيتحمّل مسؤولية الجزء الأكبر من الودائع، وسيتقاسم المسؤولية مع المودعين، في مقابل إعفاء المصارف والدولة من الثقل الأكبر من المسؤولية. لكنَّ حقيقة الأمر أن الدولة والمودع سيتحمّلان المسؤولية الكبرى لسداد ما تبقى من الودائع، وهو بنسبة 60 في المئة من حجمها، في حين سينفضُ المركزي والمصارف عن نفسيهما المسؤولية.
عزة الحاج حسن - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|