لماذا يعتمد لبنان على السوق التركية في شراء الألبسة؟
يحتلّ لبنان المرتبة الحادية عشرة عربيًا من حيث استيراد الملابس التركية لعام 2024، بحجم واردات بلغ نحو 51.1 مليون دولار، وذلك بحسب أرقام منظمة التجارة العالمية. وعلى الرغم من أنّ الرقم يبدو متواضعًا مقارنةً بالعراق (549 مليون دولار) أو السعودية (316 مليون دولار)، لكنّه يُعتبر مهمًا إذا ما أخذنا في الإعتبار حجم الاقتصاد اللبناني وعدد سكانه لا سيما أنّ واردات مصر من الألبسة التركية لم تتخطَّ الـ54 مليون دولار.
وفي التفاصيل، يعتمد لبنان على السوق التركي في الألبسة لعدة أسباب منها مرتبطة بالعوامل الاقتصادية والجغرافية والثقافية. فتعدّ تركيا من أكبر منتجي الألبسة في المنطقة، وتتميز صناعتها بالجودة العالية والأسعار التنافسية، مما يجعلها خيارًا جذابًا للأسواق القريبة مثل لبنان. كما أنّ القرب الجغرافي يساهم في تقليل كلفة الشحن وسرعة التوريد، وهو أمر مهم في قطاع الأزياء الذي يتطلب مواكبة سريعة للموضة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تراجع القدرة الإنتاجية المحلية في لبنان بسبب الأزمات الاقتصادية والمالية، دفع الكثير من التجار والمستهلكين للاعتماد على الألبسة المستوردة، وتركيا أصبحت وجهة مفضلة بسبب تنوع منتجاتها وسهولة التبادل التجاري معها.
وفي السياق، يشير رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الاستاذ شارل عربيد، في حديثه للدّيار، إلى أنه "ومن دون شكّ، هناك حضور كبير وواضح للبضائع التركية في لبنان، نظرًا لتقدّمها كصناعة ألبسة في تركيا من حيث الجودة، وهذا ما لمسناه في السنوات العشرة الأخيرة. والتجار اللبنانيون باتوا يتوجّهون أكثر نحو تركيا. وميزتهم الأساسية هي المرونة، فهم لا يطلبون كميات كبيرة بل هناك مخزون دائمًا حاضر. والناس في لبنان اعتادت على البضاعة التركية. ففي آخر 15 عامًا تقريبًا كانت تركيا مصنعًا كبيرًا للمنطقة وكانت تصنّع لاوروبا وبالتالي تحسّن أداء صناعات الألبسة في تركيا جودةً ونوعيةً وحتّى في التصاميم". وفي الأساس، بحسب عربيد، "هناك تراجع في تصنيع الألبسة الوطنية في لبنان، لعدة أسباب، أولها متعلق بالأمن الوطني واستقرار البلد، سيّما وأنّ هذه الصناعة بالتحديد تعتمد على المواسم. ثانيًا بسبب عدم توفّر الموادّ الأولية ولا اليد العاملة للأسف، خصوصًا لدى الصبايا. وليس هناك طلب أو شهية ليدخلن في سوق العمل لقطاع الألبسة. وهذه الصناعة عليها أن تكون مرتبطة بعلامة تجارية معيّنة. وثالثًا نتيجة كلفة الإنتاج العالية في لبنان، وحجم السوق".
ويتابع:" يعتبر الصين بلدًا أساسيًا في تصدير الملابس، كذلك الأمر بالنسبة لتركيا، وأيضًا بعض الدول العربية مثل المغرب وتونس. وتبقى اوروبا من حيث علاماتها التجارية، هي مصدر مهم للأسواق في لبنان. وصحيح أنّ هذه الملابس ليست مصنعة في اوروبا، لكنّها تُجمّع في اوروبا وتأتي تحت العلامة التجارية ليكون الوكيل هنا هو من يبيعها .
ومن جهة ثانية، هناك تراجع في الاستهلاك للأسف في عام 2025 ولم نصل حتى الساعة إلى 70% من الطلب الذي كان عامي 2017 و2018. فالقوة الشرائية تراجعت والرواتب لا تزال متدنية بمكانٍ ما وبالتالي الطّلب انخفض. وطبعًا الحركة السياحية في الصيف مهمة لأنّ الطلب يرتفع قليلًا ولكن ليس بحجم الأعوام السابقة".
ولفت إلى أنّ "صناعة الألبسة بحدّ ذاتها تتنافس في كل دول العالم لذلك، يرى الزبون أنّه لا يوجد قيمة مضافة لأن يشتري في لبنان. لذلك أشجّع وأطالب بصناعة ألبسة بفنّ مرموقٍ وتصميم معيّن مع إبداع وجمال. لكنّ الاستقرار يبقى الأساس لتطوّر هكذا أنواع من الصناعات".
يعتمد تجار جونية على الألبسة التركية لعدة أسباب منها مرتبط بالجودة، السعر، وتنوّع الخيارات. فالمنتجات التركية تتميّز بتصاميم عصرية وجودة عالية تواكب الموضة الأوروبية، لكن بأسعار أقل بكثير، ما يجعلها ملائمة لشريحة واسعة من الزبائن في السوق اللبناني. كما أنّ القرب الجغرافي وسهولة الاستيراد من تركيا يوفّران على التجار تكاليف الشحن والوقت مقارنةً بدول أخرى.
وفي تصريح خاص، يقول إيلي صوايا، أحد أصحاب محال الألبسة في جونية:
"الزبون اليوم يفتّش على النوعية والسعر، والألبسة التركية تعطينا الاثنين. نحن نذهب مع بداية كل موسم إلى اسطنبول، نحصل على الموديلات الجديدة، ونبيعها بأسعارٍ مناسبةٍ تتناسب مع القدرة الشرائية لدينا. السوق اللبناني ما عاد يتحمّل الماركات الغالية، وتركيا صارت البديل الأفضل.
هذا الاعتماد على الألبسة التركية لا يعكس فقط توجّه السوق، بل يبرز قدرة التجار في جونية على التكيّف مع الظروف الاقتصادية وتلبية حاجات الزبائن بأسلوب ذكي وفعّال.
مارينا عندس- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|