بعد غياب لسنوات.. ما دلالة عودة "الجنرال" مناف طلاس إلى المشهد السوري؟
لم يمر خبر ظهور العميد الركن مناف طلاس مجددا، مرور الكرام، بعد غياب لسنوات عن المشهد السوري، باعتباره أكبر شخصية عسكرية ذات أهمية كانت انشقت عن نظام بشار الأسد.
وأثار الإعلان عن إلقاء طلاس محاضرة في 13 أيلول/ سبتمبر الجاري، حول (الوضع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، والتحديات التي تواجهها سوريا خلال المرحلة الحالية) في فرنسا، "بحضور رفيع المستوى لمسؤولين ودبلوماسيين أوروبيين مهتمين بالشأن السوري"، عاصفة من الجدل، بين مؤيد لعودة مناف طلاس وضرورة أن يكون له دور كبير في سوريا الجديدة، وآخر معارض لأي حضور للرجل الذي اعتبر كثيرون أنه لايملك أي أحقية، وأنه "غير مرغوب فيه"من قبل السلطة وجمهورها.
مؤشر لما سيأتي
اللافت أن العديد من المراقبين السياسيين اعتبروا أن الظهور الجديد للضابط المنشق عن نظام الأسد، مؤشر على أمر يجري تحضيره لسوريا خلال المرحلة القريبة القادمة، وسط سيل من الشائعات حول اتفاق دولي يتعلق بمصير سوريا قد ينضج قبيل نهاية هذا العام، وسط تقارير تتحدث عن قدرة طلاس على جمع آلاف المقاتلين السوريين حوله.
مصدر عسكري سوري على صلة وطيدة بالعميد طلاس، قلل من أهمية هذا الظهور الجديد، مشيرا في تصريح لـ "إرم نيوز" أنه مهما كانت دوافع هذا الظهور الجديد، أو الجهات الدولية التي تقف خلفه، فإن العميد مناف طلاس لم يعد يملك أي رصيد شعبي أو عسكري في الداخل السوري. موضحا أن الرجل "ليس مقبولا شعبيا" هذه الأيام.
من جهته، يعلق مصدر سياسي سوري، على دلالات ظهور طلاس بعد سنوات من الغياب، بالقول إنه "بناء على تجربة الـ 14سنة الماضية، يمكن الجزم بأن المحاضرات والمؤتمرات هي سلاح الضعفاء".
ويشير المصدر في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أن "الحسم في سوريا أمس واليوم هو بيد صاحب القوة الغاشمة"، متسائلا عما يمكن أن يفعله شخص مثل مناف طلاس الذي "لا يمون حتى على عائلته"، أو ما يمكن لماكرون فعله - إن كان يقف خلف هذه الخطوة - وهو عاجز عن الحفاظ على حكومته لستة أشهر متصلة، حسب قوله.
ويرى المصدر أن السلطات السورية الحالية هي من القوة، بحيث تقوم بالضغط على تنظيم قوي كالإخوان المسلمين، ليحل نفسه، فهل ستأبه لمناف طلاس أو غيره، أو تحسب لهم حسابا كمافسين محتملين؟. ويتساءل عما يملكه مناف طلاس على الأرض، وعدد القوات التي يمكن أن يحركها فيما لو قرر العودة أو تم دفعه نحو هذه الخطوة.
مناف طلاس.. صديق الأسدين
مناف طلاس هو ابن وزير الدفاع السابق في عهد حافظ وبشار الأسد، مصطفى طلاس، تخرج في الكلية الحربية في حمص، وارتبط بصداقة قوية مع باسل الأسد، ثم بصداقة متواصلة مع بشار الأسد بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث غامض على طريق مطار دمشق الدولي.
استلم بشار الأسد السلطة في 10 حزيران 2000، وبين مَنْ اختاروه ودعموه هو مصطفى طلاس وزير الدفاع، الذي بقيَ بمنصبه، مقابل تأمين الدعم "التجاري" لبشار الأسد، وترقية مناف. وبالفعل؛ تمت ترقية مناف وتقوية وضعه كضابط كبير ضمنَ الحرس الجمهوري، وكذلك عين عضواً في اللجنة المركزية لحزب البعث الإشتراكي الحاكم في سوريا.
كلّفهُ مستشارو بشار الأسد بالتفاوض مع المعارضة السورية منذ آذار 2011، اجتمع بعدة زعماء، وشاركَ من خلال علاقات عائلته التجارية بتسويات في الغوطة الشرقية حتى منتصف 2012 تقريباً. كذلك في مدينتهِ الرستن، وفي درعا ومدينة التل شمال دمشق. نجح أحياناً وفشلَ أحياناً أخرى، لكن في الحالين بدأ يكتسبُ نوعاً من الشعبية كضابط كبير بوسطية استثنائية.
شكوك و"انشقاق"
هنا بدأت الشكوك حول مخططاته المستقبلية من قبل الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد، فهل يتعامل بنزاهة أم يريد إثارة الشارع ضد بشار الأسد ولصالحه؟ أو ربما يسعى للإطاحة بالرئيس والجلوس مكانه؟. من هنا امتنع بشار الأسد عن مقابلة مناف طلاس، رغم العلاقة القوية، حيث قرر الرحيل مع أكثر من 20 ضابطاً وُضعت أسماؤهم على لائحة "التخطيط لانقلاب عسكري".
وأمّنت شقيقته ناهد طلاس العجة، التي تحمل الجنسية الفرنسية، والتي تتمتع بثروة وحظوة كبيرة في الأوساط السياسية والاقتصادية الفرنسية، عملية هروب مناف طلاس من دمشق إلى بيروت، ثم إسطنبول، ومنها إلى باريس الدائرة السادسة، وكانت الراعي الحقيقي لتحركاته بتنسيق بين المخابرات التركية والفرنسية، ليخرجَ وزير خارجية فرنسا شخصياً، لوران فابيوس، مُهنئاً بوصول مناف إلى باريس في 6 تموز 2012، ومن بعده الرئيس فرانسوا هولاند الذي خرجَ مؤكدا خبر وصول مناف طلاس في 17 تموز 2012.
وظهر أن طلاس يحظى بدعم دولي وإقليمي، وكان من بين المرشحين لخلافة نظام الأسد لسنوات قبل السقوط، كما كان مرشحا لرئاسة مجلس عسكري يقود المرحلة الانتقالية. إلا أن وصول هيئة تحرير الشام إلى دمشق قلب المعادلة وأبعد طلاس عن قيادة البلاد، فيما عابت عليه المعارضة عدم انخراطه الفعلي في العمل العسكري ضد النظام السابق، وحتى النضال السياسي الفعال في العواصم العالمية، وهو ما أبعدهُ عن المنافسة لاحقا، كما يقول مراقبون.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|