جَمرُ معارك السويداء تحت رماد التهدئة... صحفي سوري يحذّر: لا شيء مُستَبعَد!
إسرائيل تكسر الحدود وتضرب في عمق الخليج
في تطور غير مسبوق يعكس انزلاقا خطيرا للصراع إلى ساحات جديدة، شنت مقاتلات إسرائيلية غارات مركزة على منزل قيادي في حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان ينعقد اجتماع لقيادات الصف الأول للحركة لبحث مقترح قدمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف الحرب في غزة. ورغم تضارب الأنباء في الساعات الأولى، أعلنت حماس رسميا نجاة قادتها والوفد المفاوض من الهجوم، لكنها نعت خمسة من عناصرها، بينهم همام الحية نجل عضو المكتب السياسي البارز خليل الحية، إضافة إلى مدير مكتبه جهاد لبد. كما نعت وزارة الداخلية القطرية عنصرا أمنيا وأعلنت إصابة آخرين. فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن خطة الاغتيال كانت جاهزة منذ عام تقريبا، بانتظار فرصة استخبارية جمعت قيادة الحركة لأول مرة منذ مدة في مكان واحد.
أكثر ما أثار الانتباه هو الموقف الأميركي. ففي الوقت الذي أكد البيت الأبيض أن إسرائيل أبلغت وزارة الدفاع مسبقا بنية استهداف قيادات حماس في قطر، أوضح أن الرئيس ترامب لم يوافق على موقع العملية، بل سارع بعد وقوعها للاتصال بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مشددا على أن مثل هذا الأمر لن يتكرر على الأراضي القطرية. ونقلت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت عن ترامب قوله إن ضرب حماس هدف مشروع، لكنه حرص في الوقت نفسه على طمأنة الدوحة بشأن سيادتها.
هذا التباين يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة فهل فاجأت تل أبيب البيت الأبيض بالفعل، أم أن الأمر جرى برضى ضمني يتيح لواشنطن لاحقاً التنصل وتحاشي الإحراج أمام حليف استراتيجي كمثل قطر، التي تحتضن أكبر قاعدة جوية أميركية في المنطقة؟
وتؤكد مصادر سياسية عربية أن العملية تحمل دلالات أبعد من مجرد استهداف لقيادات حماس، فهي تشير أولاً إلى تصفية خيار التفاوض، فنتنياهو بعث رسالة مفادها أنه لا يرى في حماس ولا في أي فصيل مسلح طرفا يمكن التفاوض معه. المعادلة التي يطرحها هي: الاستسلام من دون مقابل. ثانياُ تجاوز الوسطاء فالضربة في الدوحة إشارة مباشرة إلى أن إسرائيل لم تعد تكترث بالوسطاء، بل تستهين بمساعيهم. وهذا تطور خطير ينسف قواعد الوساطة الإقليمية التي شكّلت تقليديا صمام أمان لتفادي الانفجار الشامل. ثالثاً ضرب سيادة الدول فتنفيذ العملية على أرض دولة عربية ترتبط بعلاقات مفتوحة مع إسرائيل والغرب يعني أن نتنياهو مستعد لتجاوز الحدود والقوانين الدولية متى ما رأى ذلك يخدم أهدافه الأمنية والسياسية. وهو نهج كرره سابقًا في اغتيال القيادي إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية. رابعاً البعد الانتقامي فالضربة جاءت بعد عملية نوعية في القدس، ما يرجح أن نتنياهو أراد تسجيل رد سريع يعيد ترميم صورته المتصدعة داخليًا. وخامسا رسالة ردع إقليمية إذ أن تل أبيب لا تستبعد توسيع مسرح العمليات ليطال دولاً أخرى مثل الأردن ومصر، خصوصًا إذا تعثرت مخططات التهجير القسري من غزة. لكن هذه المغامرة محفوفة بالمخاطر، فمصر تحديدا أعلنت مرارا أن أي اختراق لحدودها سيقابل برد مباشر.
إن الغارة على الدوحة يمكن قراءتها أيضا ، بحسب المصادر في إطار أعمق يتصل بأزمة القيادة الإسرائيلية. فرغم حجم الدمار الهائل في غزة، لم يحقق نتنياهو أهداف الحرب المعلنة، ولم ينجح في تحرير الأسرى بالقوة. فصورته في الداخل تهتز مع تفاقم الانقسام المجتمعي وتراجع الثقة بقدرته على الحسم. وفي الخارج، تزداد عزلته مع تصاعد الانتقادات لسياسة الإبادة وتراجع رصيد إسرائيل في الرأي العام العالمي. وعند لحظة الإفلاس السياسي، يصبح خيار التصعيد والذهاب إلى أقصى درجات العنف ملاذا وحيدا.
فما جرى في قطر ليس استهدافا لدولة من محور المقاومة، بل لبلد شريك في ملفات الطاقة والاقتصاد مع الغرب، وله علاقات متوازنة مع إيران وتركيا، أي أن إسرائيل ضربت هذه المرة في قلب المعادلة الرمادية، وكشفت استعدادها لتمزيق الخطوط الحمراء. ولذلك فإن الغارة هي تحوّل استراتيجي يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع عنوانها انهيار قواعد الاشتباك وتراجع حصانة السيادة الوطنية أمام الحسابات العسكرية الإسرائيلية.
هتاف دهام - "لبنان 24"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|