من شيخ عقل الدروز الى البابا لاوون "تحيّة وبعد" ...ماذا في تفاصيل الرسالة؟

على مسافة أيام قليلة من إعادة تأكيد الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا حكمت الهجري، أن حق تقرير المصير هو حق مقدس تكفله جميع المواثيق الدولية، وأنهم لن يتراجعوا عنه مهما كانت التضحيات.

رسالة الى البابا

وبموازاة إعادة مطالبته (الهجري) بالوقوف إلى جانب الطائفة الدرزية لإعلان إقليم منفصل في جنوب سوريا، وبفكّ الحصار المفروض على محافظة السويداء، وإعادة إعمارها، وذلك على وقع توجيهه تحية الى الأكراد والعلويين، سلّم المستشار الإعلامي في مشيخة العقل في لبنان الشيخ عامر زين الدين، البابا لاوون الرابع عشر رسالة خاصة من شيخ العقل سامي أبي المنى، بتكليف منه.

الرسالة تأتي ضمن إطار تلبية دعوة "للمركز الحبري المريمي للحوار الإسلامي - المسيحي" لدى الفاتيكان، وهي تضمّنت رأي شيخ العقل وموقفه ممّا جرى في السويداء من أحداث دموية قبل نحو شهرين، وذلك الى جانب الإشارة لمسيرة الطائفة الدرزية تاريخياً، وشراكاتها الوطنية، واحترامها الكامل لباقي مكونات الشعوب المُتعايشة معها على مستوى لبنان والمنطقة.

مرحلة قاسية

عن خلفية الرسالة، وما يُحيط بمضمونها من وقائع وأبعاد لبنانية وإقليمية، تحدث المستشار الإعلامي في مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ عامر زين الدين، فأكد أن "مشيخة العقل منفتحة على كل المرجعيات الروحية، سواء في لبنان أو خارجه، على ضوء ما تمرّ به الطائفة الدرزية من مرحلة قاسية حالياً، في ما يتعلّق تحديداً بموضوع دروز سوريا والسويداء".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "كل مرجعيات الطائفة، لا سيما الروحية منها، وخصوصاً سماحة شيخ العقل سامي أبي المنى، يعملون بكل طاقتهم من أجل إيصال الصوت الى الدول المؤثرة في الشرق الأوسط وسوريا، باعتبار أنها (سوريا) تعرضت لمجازر إبادة أدت الى سقوط شهداء أبرياء من شيوخ ونساء وأطفال على يد فصائل مسلّحة. هذا مع العلم أن ليس الدروز وحدهم من تعرّضوا للاضطهاد خلال المرحلة الماضية، بل ان العلويين والمسيحيين أيضاً تعرّضوا لمجازر، بالإضافة الى السُنّة المعتدلين الذين يتعرّضون لصعوبات أمام الفكر الديني المتطرّف".

الاعتدال...

وأشار زين الدين الى أن "صوت سماحة شيخ العقل يُنادي دائماً بالاعتدال والوسطية والمساواة بين كافة أطياف الشعب السوري. فالدروز لم يطالبوا منذ البداية بالانفصال والاستقلال، ولا بدولة خاصة بهم، بل كان مطلبهم الوحيد هو اللامركزية الإدارية ضمن الدولة السورية الواحدة الموحّدة التي تعطي الحقوق لجميع أصحابها".

وأضاف:"نحن لسنا في موقع نتحدث فيه بالنيابة عن سماحة الشيخ حكمت الهجري. ولكن سماحته لم يطالب ولا مرة بالاستقلال، ولا بالانفصال عن سوريا. ولكن عندما حصلت المجازر في السويداء، حصل اهتزاز في الثقة بين الدروز والحكومة السورية. فلا يوجد في قاموس طائفة الموحدين الدروز لا مشروع انفصال، ولا دويلة، وهي قدّمت التضحيات الكبيرة لقرون. وما قام به القائد الراحل سلطان باشا الأطرش في الماضي كان واضحاً، وقد قدّم الدروز آلاف الشهداء للدفاع عن الدولة السورية الموحّدة".

الدولة السورية

وشدد زين الدين على أن "مجازر السويداء هي وصمة عار على جبين الضمير الإنساني في العالم، وهي تدفعنا الى أن نتواصل مع الجميع. وضمن هذا السياق، أتت الزيارة والرسالة للحبر الأعظم في الفاتيكان. فقد أشار سماحة شيخ العقل في رسالته الى قداسة البابا الى أنه بموضوع السويداء، يجب أن تتعاون كل المرجعيات المؤثرة برفع الصوت، وباستصراخ الضمير الإنساني في هذا العالم، من أجل وقف نزيف الدم وذبح الأبرياء. وهذه مسؤولية كبيرة مُلقاة أيضاً على الدولة السورية لتقوم بمسؤولياتها".

وتابع:"الفصائل المسلّحة أتت بإسم الدولة السورية، وارتكبت ما ارتكبته من مجازر بزيّ الأمن الداخلي السوري. ومن هنا، نؤكد أنه يتوجب على الدولة السورية أن تعالج هذه المسألة، من مُنطلق القواعد التي تُبنى عليها الأوطان".

نزيف مستمر...

وأوضح زين الدين "أننا رفعنا بالأمس الصوت لقداسة الحبر الأعظم، وقبله للسفراء العرب والأجانب في لبنان. ونحن على تواصُل دائم مع سفراء الأمم المتحدة في لبنان أيضاً، بشأن القضايا الإنسانية، ونطالب بفكّ الحصار عن الدروز في سوريا بشكل فوري. كما طلب سماحة شيخ العقل أبي المنى رعاية عربية من خلال السفراء العرب الذين التقاهم، من أجل بَدْء مسار لواقع سوري جديد يؤمّن حماية عربية للدروز في سوريا".

وختم:"هذا هو الموقف العام الذي نطرحه دائماً. ونريد من الدولة السورية أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه كل ما جرى، وإنهاء الواقع الدموي. فالنزيف لا يزال مستمراً في السويداء، ونحن نتطلّع الى وقفه، والى دولة سورية مسؤولة لمعالجة ما جرى".

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"