عربي ودولي

سوريا بين التطبيع وإعادة صياغة اتفاق 1974

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يكن لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع وفد إسرائيلي في باريس حدثاً عابراً، بل إشارة إلى أن الجنوب السوري دخل مرحلة إعادة تشكيل عميقة. فالملف المطروح، كما تقول مصادر سورية، هو إحياء اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 مع احتمال إدخال تعديلات تتلاءم مع الواقع الجديد. ومع الإعلان عن لقاء مرتقب هذا الأسبوع بين الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر برعاية أميركية، بدا واضحاً أن ثمة مساراً دبلوماسياً ناشئاً تسعى واشنطن إلى ضبطه.

لقد أرسلت الولايات المتحدة، بحسب مصادر أميركية، رسائل مزدوجة إلى الرئيس أحمد الشرع من خلال رفضها أي مشروع لتقسيم سوريا، في مقابل مطالبة الأخير بمراجعة سياساته الداخلية والانفتاح على المحيط العربي، والأهم تفكيك كل البؤر الإيرانية في الجنوب. بهذا المعنى، واشنطن لا تتعامل مع دمشق كخصم مطلق، بل كـشريك مشروط لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وتزامن كل ذلك مع الضغط الميداني الهائل الذي تمارسه إسرائيل على سوريا، حيث نفذت حوالي 1000

غارة على سوريا، واحتلت 180 كيلومتراً مربعاً من البلاد منذ كانون الأول2024، وجرى توسيع السيطرة الميدانية عبر احتلال المنطقة العازلة، والاستحواذ على مرصد جبل الشيخ. يضاف إلى ذلك فرض قطاع أمني بين دمشق والجولان ومنع الجيش السوري من الانتشار فيه، مع هيمنة جوية شبه مطلقة على الجنوب في حين لم ترد الحكومة السورية على هذه الهجمات.

وعليه، فإن تل أبيب، وبحسب أوساط دبلوماسية لا تفاوض من موقع الباحث عن هدنة، بل من موقع من يعيد تعريف قواعد الاشتباك عبر إنشاء ما يسمى بالممر إنساني نحو السويداء تحت شعار حماية الدروز، وضرب مواقع سيادية في العاصمة، وتدمير منشآت في الوسط السوري. بالنسبة إلى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو فإن الجنوب السوري يجب أن يتحول إلى منطقة منزوعة السلاح الثقيل مع ترتيبات إنذار مبكر وحرية حركة جوية إسرائيلية تمنع تكرار

سيناريو 7 أكتوبر على تخوم الجولان. وفي السياق ارتفع عند المرجعيات الدرزية الدينية في السويداء مطلب إقامة كيان مستقل يضمن لهم الحماية والدعم الخارجي في ظل ما تعانيه مناطقهم من أزمات أمنية ومعيشية. وفي المقابل، أطلقت الإدارة الذاتية في شمال وشرق البلاد حملة أمنية جديدة في مخيم الهول بدعم من التحالف الدولي، بهدف تفكيك خلايا التنظيم المتطرف وتعزيز الاستقرار وحماية العاملين في المجال الإنساني.

وعليه يدور جدل واسع حول طبيعة العلاقة بين سوريا وإسرائيل بعد سقوط النظام السابق؛ فبينما يرى فريق أن التفاهمات القائمة تمهد لانضمام دمشق إلى مسار "اتفاقيات أبراهام"، مستندين إلى رفع العقوبات الأميركية المشروط بإصلاحات داخلية وضمانات أمنية، وإلى إشارات من واشنطن بخصوص القبول السوري المبدئي، يذهب آخرون إلى أن هذه الترتيبات لا تتعدى كونها تفاهمات اضطرارية لتجميد النزاع وضبط الحدود. فالمؤيدون لفرضية التطبيع يشيرون أيضاً إلى

احتضان دول الغرب والعواصم العربية المطبعة للنظام الجديد، بل ويعتبر بعضهم أن انهيار نظام الأسد كان ثمرة تفاهم غير معلن مع إسرائيل. في المقابل، يرى الرافضون أن التوازن العسكري المختل والظروف الميدانية التي فرضتها إسرائيل دفعت دمشق إلى هذه التفاهمات، بهدف منع تقسيم البلاد أو تحويل بعض المناطق إلى خطوط حماية لأمن إسرائيل، لا أكثر.

يدرك الرئيس الشرع ، بحسب مصادر سورية، أن الهامش ضيق. لذلك يركز على أن بلاده لا تبحث عن اتفاق سلام أو مسار تطبيع، بل تسعى فقط إلى إعادة تفعيل اتفاق 1974 كإطار يوفر بعض الحماية، ولو بصيغة معدلة. فالمعادلة بالنسبة إلى دمشق تقوم على تقليص الخسائر أكثر مما تقوم على تحقيق مكاسب. وتقول المصادر إن المشهد الإقليمي يتشكل على أن إسرائيل تفرض وقائع جديدة تجعل العودة إلى ما قبل التصعيد أمراً مستحيلاً، فيما تساوم دمشق على اتفاق قديم كآلية لامتصاص الضغط، مع رفضها أي مسار سياسي شامل.أما واشنطن فتعيد إدراج سوريا في معادلة الاستقرار، شرط إبعاد إيران وإعادة بناء مؤسسات الدولة، بيد أن تركيا تراجعت رهاناتها في الوسط بعد تدمير المواقع التي كانت تعول عليها.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا