الصحافة

السوريون في أول استطلاع: "اسرائيل" عدو والحكومة المؤقتة لا تلبي الطموح

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

نشر «المركز العربي للدراسات»، بالتعاون مع «المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة»، يوم 31 آب المنصرم، استطلاعا للرأي هو الأول من نوعه في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد شهر كانون أول الفائت، وفي مقدمة الإستطلاع ذكر المركز إنه «نفذ على عينة بلغ عديدها 3690»، وأضاف «جرى تنفيذ الإستطلاع على عينة طبقية عنقودية متعددة المراحل، وممثلة لكل المجتمع السوري بمحافظاته وتكويناته الإجتماعية والإقتصادية كافة»، كما ذكر إن العمل على إعداد الإستطلاع كان قد «استغرق نحو 78 ألف ساعة عمل لفريق ضم 100 مشارك ومشاركة فيه»، ومن المؤكد إن النتائج التي خلص إليها، والتي قال إن نسبة الخطأ فيها تتراوح ببن 2 - 3% زيادة أو نقصانا، كافية لرصد «المزاج العام» الشعبي حيال العديد من المسائل الراهنة، وصولا إلى رصد ملامح سوريا الجديدة التي يريدها هذا الأخير.

وفقا للإستطلاع المذكور فإن 56% من السوريين يرون إن «الأمور تسير في الإتجاه الصحيح»، وإن 25% منهم قالوا إنها «تسير في اتجاه خاطئ»، لكن نجد إن من المفيد ربط هذي النتيجة بواحدة تلتها، ولعلها كافية لـ«تبريرها»، أو شرحها، ثم «تبرير» بعض النتائج التي سيرد ذكرها لاحقا، والتي توحي بإنها على تضاد معها، والنتيجة تقول إن «80 - 94% من السوريين عبروا عن شعورهم بالبهجة والسعادة لسقوط نظام بشار الأسد»، وهذا يعني أن هذه النسبة المرتفعة كانت هي السبب في ارتفاع نسبة الذين ارتأوا إن» الأمور تسير في الإتجاه الصحيح»، بمعنى أن نسبة لا بأس بها من هؤلاء كانوا قد بنوا مواقفهم على قاعدة إن «فعل السقوط لوحده كاف للقول بأن المسار الصحيح قد بدأ»، وللتأكيد على ذلك يمكن الإستشهاد بنتيجة تقول إن «61% من السوريين قالوا إن الحكم المدني الديمقراطي هو الأفضل لسوريا»، ويضيف المؤشر عينه إن «10% من السوريين يؤيدون الأنظمة الدينية»، ومن المؤكد هو إن النظام السوري المؤقت، القائم منذ 8 كانون أول الفائت، هو نظام «ديني»، أو على الأقل يعتد بقاعدة دينية تمثل الركيزة الأساس في ديمومته و استمراره، ولا علاقة له بالديمقراطية التي لم يرد ذكرها على الإطلاق في «الإعلان الدستوري»، أو على لسان أي مسؤول بدءا من أعلى رأس الهرم ووصولا إلى أصغر مسؤول فيه، وفي علاقة الدين بالدولة والفرد والمجتمع، يقول مؤشر إن «15% من السوريين قالوا إن كل شخص غير متدين هو شخص سيئ، في حين عارض 75% من السوريين ذلك القول»، وقال «57% بأنهم يرون وجوب فصل الدين عن السياسة، في حين أجاب 30% بالعكس». 

في منحى آخر قال «83% من السوريين أنهم لا يؤيدون التمييز بين الناس على أساس مذاهبهم و دياناتهم المنتشرة في البلاد»، وإن «67 من السوريين قالوا بإنه لا يحق لأحد أن يشكك في وطنية أي فرد من أفراد المجتمع، أو انتمائه إلى الوطن، لأنه معارض لسياسات الحكومة»، وهذا يعني إن غالبية السوريين يرون أن السبيل لتحقيق الإستقرار السوري لا يكون إلا بقيام نظام عابر للطوائف والمذاهب والأديان، وإن «التشكيك» بوطنية أي فرد انطلاقا من انتمائه العرقي أو الديني هو فعل بالغ السلبية في المسار الموصل إلى ذلك الإستقرار، وإن معارضة الحكومة لا يمثل مبررا للتشكيك بوطنية هؤلاء حتى ولو كان مجزوما بـ«وطنية» الحكومة التي يعارضونها، وهذا موقف يشير إلى وجود تمييز ما بين «الوطنية» التي يجب أن تتحدد سقوفها عبر ثوابت يجري التوافق عليها ما بين أبناء الوطن، وبين الرؤى والمفاهيم التي قد تتبناها التيارات والقوى السباسية سبيلا للوصول إلى الإستقرار والنهوض المجتمعي المأمول، والمؤكد هو أن وجود ذلك «التمييز» هو دلالة على رفض النظام «الشمولي» الذي يقوم نهجه، بالدرجة الأولى، على «تخوين» كل من يغرد خارج أسرابه.

جاءت الأجوبة على التساؤلات التي تتعلق بنظرة السوريين حيال فلسطين ودولة الإحتلال دالة على إن «الحروق» الحاصلة في النسيج السوري لم تصل بعد إلى أعماق خطرة كما يظهر على «الجلد»، فقد قال «78% من السوريين بإنهم يرون إن اسرائيل هي الأكثر تهديدا لأمن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها»، وقال «55% إن اسرائيل هي الأكثر تهديدا لأمن سوريا واستقرارها»، وعن فلسطين قال «69% من السوريين بإنهم يرون إن قضيتها هي قضية العرب جميعا»،وقال «74% من السوريين بإنهم يتابعون الحرب الإسرائيلية على غزة»، وتلك نسبة مرتفعة جدا قياسا للمخاطر التي يعيشها هؤلاء بدءا من المعيشية ووصولا للخطر الذي يتهدد كيانهم برمته، وفي النظرة إلى «اسرائيل»، التي كان الظن أنها شهدت انزياحات كبرى بفواعل أكثر من أن تعد أو تحصى، جاءت النتائج لتؤكد إن هذي الأخيرة لا تزال عند اعتبارها عدوا وجوديا، فقد قال «74% من السوريين إنهم يعارضون الإعتراف باسرائيل»، وقال «70 % أنهم يعارضون عقد اتفاق مع اسرائيل من دون عودة الجولان السوري المحتل».

كتكثيف، ووفقا للنتائج التي قدمها الإستطلاع سابق الذكر، فإن «الصورة» التي يريد السوريون لـ«سورياهم» أن تكون عليها، تقوم على ثلاثة محاور، أولها أن تكون بلدا مدنيا ديمقراطيا عابرا للقوميات والأديان والطوائف، وفي ذاك، وإن كان أكثر من النصف عبر عن دعمه للنظام القائم، إلا أن هؤلاء يرون أن هذا الأخير لا يلبي طموحهم، وثانيها إن «النار» الفلسطينية لا تزال تتقد بين «الضلوع» السورية كأنها لا تزال تعيش لحظة اضطرامها العام 1948، أما ثالثها فيقوم على إن اسرائيل هي أصل كل «داء» عربي على العموم، وسوري على وجه الخصوص.

لم تعتد بلدانا، كبلداننا، أن تأخذ بنتائج الإستطلاعات كبوصلة يمكن الإهتداء بها لتحديد خياراتها الداخلية والخارجية على حد سواء، أما وقد بلغت «الهزات الإرتدادية» درجات باتت تقارب من خلالها خطورة «الزلزال» الذي استولدها، فما الضير في أن تفعل؟.

عبد المنعم علي عيسى-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا