الصحافة

عرض مغرٍ لتسليم سلاح "حزب الله" ونزع فتيل مواجهة إسرائيل ولكن ..!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في الكواليس السياسية اللبنانية، تبرز معلومات خاصة عن عروض مغلّفة بلغة "التسوية" و"الواقعية"، تدعو ​حزب الله​ إلى القيام بخطوة رمزية بملف السلاح تُشبه ما جرى في المخيمات الفلسطينيّة، أي تسليم بعض السلاح ولو بالحدّ الأدنى لإعطاء انطباع بأن الدولة تتحرّك في ملف "حصر السلاح"، وأن ثمة مساراً يوحي بأن الحزب يتكيّف مع متطلبات الداخل والخارج على السواء.

الطرح في الشكل يبدو مغرياً للبعض، فهو يشكل خطوة محدودة، لا تُفقد الحزب قوته العسكرية، لكنها كما يظن أصحابها قد تخفف الضغط الأميركي والإسرائيلي، وتمنح السلطة اللبنانية ورقة تفاوضية لتقول إنها "تفعل شيئاً" وبأنه لا يوجد ذريعة لإسرائيل للقيام بتصعيد، وبالتالي تُريد خطوات بالمقابل، غير أن الواقع أكثر تعقيداً، وردّ الحزب بحسب مصادر مطّلعة كان حاسماً، وهو الرفض القاطع، وهذه أسبابه.

في ردّ حزب الله، وبحسب المصادر فإن أخطر ما في العرض هو تشبيه سلاحه بسلاح المخيمات، مشيرة إلى أن سلاح المخيمات وُجد ليؤمّن نوعاً من الحماية الداخلية للفلسطينيين أو ليكون ورقة ضغط في لعبة التوازنات اللبنانية الفلسطينية الإقليمية، بكونه عنواناً لرفض التوطين، ولو أنه في كثير من الأحيان خرج عن دوره وبات يستعمل في صراعات فلسطينية داخلية، على الأرض اللبنانية. أما سلاح الحزب، فهو سلاح نشأ وتطوّر في مواجهة ​الاحتلال الإسرائيلي​، وما زال حتى اليوم سلاحاً لردّ العدوان.

إذا المعادلة بسيطة، تقول المصادر فسلاح الحزب لا يمكن وضعه إلا في خانة الاستراتيجية الوطنية، ومن هنا، لا مجال لوضعه مع السلاح الفلسطيني في سلّة واحدة، إلا إذا كان الهدف الحقيقي هو ضرب "شرعيته" من أساسها.

تُشير المصادر إلى أن البعض قد يظن أن تسليم بندقية واحدة أو صندوق ذخيرة، او حتى 10 شاحنات من السلاح، بعضها من السلاح الثقيل، لا يغيّر شيئاً في ميزان القوى، لكن الحزب يدرك أن الرمزية هنا هي أخطر ما في هذه المسألة، إذ أن مجرد القبول بفكرة تسليم أي قطعة سلاح، في هذه الظروف تحديداً، يعني ضمنياً الإقرار بأنّه غير شرعي، وأن الحكومة، ومن ورائها الخارج، تملك حق التصرف به، وبالمنطق السياسي، هذه الشحنة الرمزية المسلّمة كفيلة بهدم كل البناء الشرعي الذي قام عليه الحزب منذ نشأته حتى اليوم، مشددة على أنّه يقول بوضوح أن الاعتراف بنزع السلاح، ولو رمزياً، هو إعلان وفاة للشرعية الشعبية والسياسية التي تحميه، وهذا ما يفسّر موقفه الرافض لقرار الحكومة في الخامس من آب، واعتباره وكأنه لم يكن، وقلقه من تحول أي مشاركة بجلسة للحكومة تبحث في القرار، اعترافاً منه فيه.

تكشف المصادر أن هذا العرض لم يكن العرض الوحيد الذي يتلقاه الحزب في هذا السياق، مشيرة إلى وجود طرح آخر مفاده تجميع السلاح في مخازن خاصة تابعة للجيش اللبناني، وتركها إلى حين وجود ضرورة باستخدامها من قبله، تحت سلطة وقرار الدولة اللبنانية، وجواب الحزب على هذا العرض كان مشابهاً لجوابه السابق، إضافة إلى سؤاله صاحب العرض عن الضمانات التي تضمن عدم استهداف السلاح في المخازن التي يتم وضعه فيها، فإذا كانت اسرائيل تستهدفه كلما أتيحت لها معلومة عن مكانه، فهل تتوقف عن ذلك بحال جُمع في أمكنة محددة، وهي التي دمرت كل مقدرات الجيش السوري بعد سقوط النظام السابق؟.

تؤكد المصادر إن رفض الحزب لهذه العروض والطروحات والمشاريع ليس مجرد عناد، بل قراءة دقيقة لمحاولة استدراجه إلى ملعب التنازلات التدريجيّة، حيث كل "رمزيّة" تصبح لاحقاً قاعدة سياسيّة جديدة تُبنى عليها الضغوط التي لن تتوقف.

وترى المصادر أن بعض القوى الداخلية التي تروّج لمثل هذه الأفكار تراهن على "إراحة الداخل" وإقناع الخارج، وهو ما فعلته عندما قررت حصر السلاح وتبني الورقة الاميركية، لكنها في الواقع، تفتح باباً أمام التسليم والتنازل الإضافي، فرغم ما قامت به لم تحصل على أي مقابل، وإذا سُلِّم السلاح رمزياً اليوم، فماذا سيُطلب غداً؟ ومن يضمن أن التنازل المحدود لن يتحوّل إلى مسار تفكيك كامل؟.

وتختم المصادر بالقول ان الخطورة تكمن بأن هذه الطروحات لا تنطلق من رؤية وطنية حقيقية، ولا بناء استراتيجية لبنانية أمنية ودفاعية، بل من هاجس محاولة إرضاء الخارج بأي ثمن، وهذا بالضبط ما يرفضه الحزب، لأنه يعتبر أن أي خطوة من هذا النوع يجب أن تنطلق من حسابات ميدانية تتصل بالعدو الإسرائيلي، لا من حسابات سياسية ضيقة مرتبطة برضى سفارة من هنا وسفير من هناك.

في هذه الظروف لا يمكن الحديث عن إجراءات مشابهة، فالمطلوب هو تنازل إسرائيل التي تحتل وتعتدي يومياً، لا تنازل لبنان الذي قدم ما يجب تقديمه عندما وافق على قرار وقف الحرب، وطبّق ما عليه بشكل كامل.

محمد علوش-النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا