الصدي يشكر الكويت: شحنة وقود كويتية تعزز إنتاج الكهرباء في لبنان بكلفة مخفّضة
الرواية الكاملة لـ"عصابة سموتريتش" التي تؤثر على كل القرارات في إسرائيل
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً عن "عصابة سموتريتش" يتحدث عن الأشخاص الذين يؤثرون بشكل كبير على كل تحرك في إسرائيل، بمن فيهم مستوطنون مجهولون يعُدّون من صقور التيار الصهيوني الديني السائد وتشكلوا بعد "فك الارتباط" مع غزة عام 2005، وأصبحوا جهازاً حكومياً محكماً، وفي طريقهم، استولوا على وزارة المال ودوائر صنع القرار.
لولا هذه "الخلية" التي تجتمع شهرياً، لما وصل رئيس "الصهيونية الدينية" إلى مفترق طرق مهم في موقعه السياسي المؤثر.
ويستعيد التقرير قصة في عيد الحانوكا عام 1999، عندما شقت سيارة بيجو 305 قديمة كبيرة طريقها عبر الوحل، صعوداً إلى جبل صخري شاهق في منطقة بنيامين، المنطقة الواقعة بين القدس وشرق رام الله بحسب تقسيمات الألوية التي يتبعها الجيش الاسرائيلي، لإنشاء بؤرة "حارشا" الاستيطانية غرب قرية المزرعة الغربية شرق مدينة رام الله- قرب مستوطنة تالمون، نيابةً عن حاخامات معهد "مركاز هراف" الديني.
واشترط الحاخامون أن يقتصر تنفيذ المهمة على الشباب في سنتهم الثالثة في المعهد الديني، لكن شاباً واحداً هو بتساليئيل سموتريتش الذي كان في سنته الأولى في المعهد الديني المعروف باسم "الفرقة أ"، انضم إلى البؤرة لأنه كان يملك سيارة.
في ذلك السبت، نشأت شراكة بين شخصين، تطورت على مر السنين - أيضاً بعد فك الارتباط - لتصبح جماعةً تؤثر بشكل كبير على حياة الإسرائيليين، ويبدو أن الجمهور الاسرائيلي لا يعلم بذلك.
فهذه المجموعة، التي تتشارك الرؤية الأيديولوجية ذاتها، ولها جذور داخل اليمين المتشدد، تجتمع لإجراء مناقشات استراتيجية قبل كل منعطف رئيسي خلال الحرب. وتُعقد "اجتماعات المجموعات"، كما تُسمى، في مجموعة تتكون من تسعة أشخاص، بمن فيهم سموتريتش.
مرة واحدة شهرياً، يناقش هؤلاء إجراءات رئيس حزب "الصهيونية الدينية" المدرجة على جدول الأعمال العام: صفقات الاسرى، والبقاء في الحكومة أو أي مداولات مهمة أخرى.
وشارك أعضاء هذه المجموعة في المشاورات عندما قرر سموتريتش تغيير رأيه ودعم صفقة تبادل الاسرى الأولى. هذا الدعم، الذي كلفهم، وفقاً لبعض أعضاء الحزب، ثمناً سياسياً أيضاً، على الأقل في ذلك الوقت في ما يتعلق بـإيتمار بن غفير الذي عارضها.
اجتمع هؤلاء أيضاً قبل الدخول إلى رفح، عندما هدد سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا لم يدخل نتنياهو رفح، ويمضي قدماً في الصفقة التي كانوا يحاولون صياغتها آنذاك.
كانت هذه هي الحال أيضاً بعد شهرين، في يونيو/حزيران ويوليو/تموز من العام الماضي، عندما سرّعت فرق التفاوض وتيرة المحادثات للتوصل إلى اتفاق قائم على "مخطط نتنياهو" الذي كشف عنه الرئيس الأميركي جو بايدن آنذاك.
وكانت "عصابة" سموتريتش على علم بالسر أيضاً عندما قرر رئيس حزب "الصهيونية الدينية" معارضة الاتفاق في يناير/كانون الثاني الماضي، ولكن من دون الاستقالة من الحكومة، مدعياً أن الإتفاق قيد التنفيذ بالفعل، وأن نتنياهو لن يكون قادراً على معارضة ترامب. وبدلاً من ذلك، عمل للحصول على ضمانات في قرار مجلس الوزراء بتجديد الحرب، وهذا ما كان.
تغيير قواعد اللعبة
لكل سياسي، وبخاصة زعيم الحزب، مجموعة من المقربين الذين يتشاور معهم، لكن في حالة "العصابة" المحيطة بسموتريتش، فهي ليست مجرد مجموعة، وإنما آلية، بنية تحتية أيديولوجية منظمة، نجحت بشكل منهجي في نشر أذرعها والسيطرة على مراكز قوة مهمة في مستوطنات الضفة الغربية، بالإضافة إلى مراكز أخرى في القطاع الصهيوني الديني، بهدف خلق تركيبة متكاملة لا تقتصر على تقديم المشورة فحسب، بل تشمل العمل الميداني أيضاً، وتغيير قواعد اللعبة.
هنا يأتي السؤال من هم إذن أعضاء مجموعة سموتريتش؟ يتفق كارهو بتساليئيل سموتريتش ومحبوه على أمر واحد: إنه من أكثر الشخصيات تأثيراً في إدارة الحرب، بينما يرى معارضو الحكومة أنه شخص يتلاعب بنتنياهو مراراً وتكراراً، ويُحبط صفقات تبادل الأسرى من خلال التهديد بحل الحكومة، فهو يريد توجيه الحرب نحو احتلال ٍكاملٍ لقطاع غزة وإقامة مستوطنات يهودية، وسيزعم مُعجبوه أنه يستخدم نفوذه السياسي لمنع توقف الحرب، ولدفع نتنياهو نحو أقصى اليمين وضمان عودته للقتال بعد وقف النار، ولتغيير توزيع المساعدات الإنسانية بحيث لا تصل إلى "حماس"، و التعاون مع وزير الأمن القومي بن غفير لجر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى ما يُسمى"النصر الكامل".
الحقيقة أنه ليس واضحاً من يتلاعب بمن أكثر، هل هو سموتريتش الذي يتلاعب بنتنياهو أم العكس؟ لقد أظهرت حوادث الأسبوع الماضي أن سموتريتش نفد صبره هذه المرة، وليس من المؤكد أن الضمانات ستكون كافية لتجديد الحرب، وقد يطلب دفعة نقدية.
يمكن القول إن "مجموعة سموتريتش" تأتي في المرتبة الثانية على قائمة أولويات سموتريتش. والشخصية الأكثر تأثيراً عليه هو والده الحاخام يروحام سموتريتش. في الماضي حاول نتنياهو إرسال مبعوثين إلى والده في مختلف القضايا، عندما أراد الضغط علىيه للتواصل مع حزب "البيت اليهودي" بزعامة نفتالي بينيت أو مع حزب "عوتسما يهوديت- القوة اليهودية" بزعامة بن غفير.
تحدث سموتريتش نفسه الشهر الماضي عن مشاورة أجراها مع والده بعد هجوم 7 أكتوبر ، قرر بعدها عدم الاستقالة.
كما ذُكر أن سموتريتش الأب لا يجتمع بالمجموعة المؤثرة التي تساعد إبنه في اتخاذ القرارات بشأن حل الحكومة، أو دعم إتمام صفقة التبادل.
تشكّلت هذه المجموعة في إطار حركة "الكوميت"، التي ترفع راية النضال من أجل أرض إسرائيل كاملة، وعلى خلفية إنتقادات وجهت الى مجلس المستوطنات في الضفة الغربية "يشاع" لعدم تبنيه نهجاً أكثر حزماً في النضال من أجل منع إخلاء مستوطنة "غوش قطيف" خوفاً من نشوب حرب أهلية.
يعتقد بعض أعضاء الكنيست من حزب "الصهيونية الدينية" أن كل من حول سموتريتش يُمثل قطاعاً واسعاً، وأن وزيرة الاستيطان أوريت ستروك هي الشخص الأكثر نفوذاً في هذا الفصيل والشخصية الأكثر تأثيراً عليه بخاصة في شؤون الحرب.
ويشترك هؤلاء جميعاً في الرؤية الأيديولوجية نفسها من اليمين المتطرف، مع التركيز على قضية الاستيطان. وجميعهم أبناء أعضاء سابقين في الكنيست مثل أوري أرييل.
الاجتماع مع نتنياهو
في شتاء عام 1999، ربما تكونت أهم صلة في المجموعة بين سموتريتش ويهودا إلياهو، شخصية مجهولة إلى حد ما في المجتمع الإسرائيلي. يشغل إلياهو حالياً منصب رئيس قسم الاستيطان في وزارة الدفاع. ويقول مصدر مطلع "إنه العقل المدبر للعصابة، كما يقال إنه الزوجة الثانية لسموتريتش، فهو موهوب للغاية، ويتمتع بقدرة على التعمق في التفاصيل، ولديه مهارات تحليلية ثاقبة، ومهارات إدارية استثنائية".
أسس إلياهو حركة "ريغافييم" هدفها مكافحة أعمال البناء التي يقوم بها الفلسطينيون، مع سموتريتش، وشغل منصب الرئيس التنفيذي للمجلس الإستيطاني "بنيامين" حتى توليه منصبه الحالي. وخلال الحرب قتل والد زوجته في قطاع غزة.
شخصية بارزة أخرى في المجموعة هي شارية ديمسكي الذي يشغل حالياً منصب وزير المال. يُعتبر ديمسكي شخصيةً مؤثرةً، فهو الشخص الذي يعرف كيف يُنهي الأمور ويديرها. أدار إلياهو وديمسكي مفاوضات الائتلاف مع الليكود لصالح سموتريتش، وتمكنا من انتزاع صلاحيات وزارة الدفاع، وهو ما يُحدث ثورةً حقيقيةً.
في أحد اجتماعاته مع نتنياهو، سأل الأخير ديمسكي عن سبب حضوره الاجتماعات مرتدياً صندالاً، فأجابه ديمسكي وهو مقدم احتياط في أحد ألوية المشاة التي تُناور في قوات الاحتياط: "كنتُ هكذا خلال الصلاة، فلماذا لا أكون هكذا هنا؟!".
كما تضم "المجموعة" شقيقه عكيفا سموتريتش، الذي يُعتبر أحد قادة العودة إلى الاستيطان في "حوميش وصانور" قرب جنين. وإلى جانبه،... هوشعياه هراري، الذي أدار سابقًا معهد "عود يوسف حاي" الديني في يتسهار، وعُيّن مديرًا عامًا لقسم الاستيطان في مكتب أوريت ستروك. ومن بين أعضاء المجموعة أيضًا يهوشواع شيرمان، عضو حزب ألون موريه، الذي كان مديرًا عامًا لمعهد ديني ثانوي في مستوطنة "إيتمار"، وعيّنه سموتريتش رئيسًا للجنة تطوير الأراضي في الصندوق القومي اليهودي، وتُعتبر هذه اللجنة صاحبة أكبر ميزانية في الصندوق القومي اليهودي ولها نفوذ كبير.
الجناح الشاب في المجموعة هو عومير رحاميم، الذي عمل على مدار السنوات الثماني الماضية مستشارًا مهنيًا لسموتريتش فهو شاب ولكنه موهوب جدًا، وشخصٌ يجيد التحدث مع الجميع، في الائتلاف والمعارضة. في السنوات الأخيرة، أدار رحاميم القضايا المهنية والاقتصادية، بما في ذلك لقاءاتٍ سرية مع عناصر من الائتلاف والمعارضة. ومن بين أمور أخرى، قاد أيضًا تحركاتٍ داخل القطاعات في الشؤون الحاخامية. مؤخرًا، قرر سموتريتش و"المجموعة" الاستيلاء على مركز قوة آخر - وعيّنوا رحاميم رئيسًا تنفيذيًا لمجلس المستوطنات "يشاع".
شخصيتان إضافيتين إحداهما يسرائيل ملاخي، نائب المدير العام لوزارة المالية، والمسؤول عن ميزانيات الائتلاف. في الماضي كان سموتريتش يستدعيه أيضًا للتفاوض مع وزارة المالية بشأن تمويل الائتلاف لقضايا مهمة للصهيونية الدينية.
الشخصية الثانية هي الحاخام أريئيل دورفمان، المنخرط في نشر اليهودية في تل أبيب، ومؤسس "هاماكوم" - مركز الثقافة اليهودية. وعمل سابقًا مع الوزير أوري أرييل.
في الماضي، انتقد مراقب الدولة السابق تورط دورفمان وملاخي، بصفتهما مستشارين لأرييل، بشكل غير لائق في تحويل ميزانيات إلى جماعات توراتية تابعة لهما، من خلال قسم الاستيطان، ما بدا غير لائق للمراقب آنذاك، نفذته المجموعة الآن من الباب الأمامي..
للوهلة الأولى، قد يعتقد المرء أنه لا أهمية تُذكر لمجموعة من ثمانية مستوطنين مُنحوا مناصب جزئيًا لمعرفتهم بوزير المالية، لكن هذا ليس صحيحًا. فهم يعملون بشكل تكاملي. ما بدأ كحركة تُعارض أسلوب خوض النضال ضد فك الارتباط، تحوّل إلى حركة تُناضل من أجل قيم اليمين، حركة استولت على مراكز القوة في المستوطنات والقطاع الصهيوني الديني. أمرٌ لم يكن كبار قادة الحزب الوطني الديمقراطي في الولايات المتحدة ليصدقوا حدوثه.
نقاشات حادة
تشير المصادر إلى أن نقاشات المجموعة كانت حادة ومفتوحة طوال الحرب، كان التوتر الكبير الذي نشأ في كل نقاش تقريبًا هو كيفية الاختيار بين الرغبة في تحقيق تطلعات القرار في غزة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الحكومة اليمينية ومواصلة الإستيطان مع تحليل المخاطر السياسية.
فيما يتعلق بمسألة السيادة، تعمل المجموعة كآلية منسقة: يضغط سموتريتش على نتنياهو في المجال السياسي، ويقود يهودا إلياهو تغييرات لطمس المنطقتين "أ" و"ب" في الضفة، ويدير عومير رحاميم حملة إعلامية بمساعدة مجلس المستوطنات، ويخصص شيرمان وهراري ميزانيات "للمستوطنات الشابة" والإستيطان الزراعي.
يتشاور رئيس"الصهيونية الدينية" أيضًا مع خمسة حاخامات دائمين، ينضمون أحيانًا إلى اجتماعات "المجموعة". في الدائرة الثالثة، يوجد موظفوه الشخصيون في المكتب، وفي الدائرة الرابعة، أعضاء الكنيست من "الصهيونية الدينية".
تتشابه الانتقادات الموجهة إلى "المجموعة" مع الانتقادات الموجهة لسموتريتش بشكل عام، فيما يعتقد بعض أعضاء الكنيست في الحزب أن كل من حوله ممن يُفترض أن يمثل قطاعًا واسعًا يمثلون الرأي نفسه، وأنه في مجلس استشاري، وأن أتباعه لا يمثلون جميع أطياف "الصهيونية الدينية".
النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|