إعلام عبري: نتنياهو يدرك أن بقاء حكومته مرهون بإعادة احتلال غزة
سلاح "حزب الله"... "مقاومة" على مين؟
لم يمضِ الكثير من الوقت حتى جاء الردّ على الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من "الأمين العام" على رئاسة الجمهورية الرئيس العماد جوزاف عون ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام. قاسم أقسم أنّه سيقاتل من يطلب منه تسليم سلاحه، وهدّد في 15 آب في ذكرى أربعينية الحسين، بحرب أهلية وكربلائية. ولكن سرعان ما أتاه الردّ بأنّ قرار حصرية السلاح قد اتُّخِذ ولا تراجع عنه. فقد سقط الزمن الذي كان فيه "الحزب" يخيف الآخرين ويرعبهم. ويبدو أنّه في صراخه المتصاعد يعكس انتقال حالة الخوف إليه. يخوض مع جماعته المعركة وكأنّها خط الدفاع الأخير ويهدّد بالدم. ولكنّه لا يردّ على السؤال الأهمّ: يريد أن يكون "مقاومة" على مين؟
لم ينته السجال عند حدّ تهديدات الشيخ نعيم، حتى أتته المساندة من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان هاجيًا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، معلنًا أنّ سلاح "الحزب" هو سلاح الله، رابطًا مصير الشيعة في لبنان والعالم ربّما بمصير هذا السلاح، في معركة يريدها مع "الحزب" كربلائية انتحارية على الطريقة الشمشونية "عليّ وعلى أعدائي يا ربّ". ولكن يبدو أنّ "الحزب" يزيد من الصراخ يومًا بعد آخر كلّما أيقن أنّه في اعتراضه وصراخه كمن ينطح حيطًا لا ينهار أمامه، بينما يشهد انهيار الجدار الأخير الذي يعتبر أنّه يحميه، وهو سلاحه والقوة التي كان يتمتّع بها. وأكثر ما يخيف "الحزب" أنّه لم يعد يخيف الآخرين.
يدرك "الحزب" أن الساحة اللبنانية بدأت تتحرّك للتحرّر من هيمنته بعد الحروب التي خاضها وانتهت بهزيمته وموافقته على اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني 2024، الذي نصّ صراحة وعلنًا على نزع سلاحه وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. ويدرك أيضًا أنّ ثمّة تحوّلات كبيرة في الواقع السياسي وفي التحالفات، وأنّ معظم الذين كانوا يدورون في فلَكِه ويدعمونه تخلّوا عنه وتركوه، وبعضهم بات ينتقده وينتظر نزع سلاحه. ويدرك أيضًا أنّ هناك تفاهمات من تحت الطاولة تُحاك ضدّه، وأنّ هناك من يحفر له حفرًا من دون الإعلان عن ذلك، ولكنّه يتجنب الإشارة إليها. أقسى ما يواجهه في هذه الحال أنّه يعلم وأنّه مضطر للسكوت. لأنّ المجاهرة بما يعلم تُسرِّع في الانهيار.
بين جنبلاط وجعجع
إذا كان من عادة الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط أن يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، فمن غير عادته أن يطلب لقاء رئيس حزب "القوات" سمير جعجع. عادة ما يُحكى عن جنبلاط وبري بشكل عام على أنّهما حليفان متناغمان، وفي غالب الأحيان هما يؤكدان هذه العلاقة، بحيث يبدو أنّهما يفهمان بعضهما على الطاير. على رغم تقاتلهما في بيروت في معركتين كبيرتين: في تشرين الثاني 1985، في معركة سميت معركة العلم، بعد اعتراض "حركة أمل" على رفض "الاشتراكي" رفع العلم اللبناني. وفي شباط 1987 عندما اتُّهِم جنبلاط مع الأمين العام لـ "الحزب الشيوعي" جورج حاوي، بأنّهما خاضا معركة إعادة رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات إلى بيروت. ولكن ما يجمع بين بري وجنبلاط لا يجمع لا بين جنبلاط وجعجع ولا بين جعجع وبري. صحيح أن لقاءات عدة وزيارات متبادلة حصلت بين جنبلاط وجعجع في منزليهما، أو عند أصدقاء مشتركين، ولكن لم تكن هناك كيمياء تناغم شامل ودائم بينهما. أحيانا كثيرة كان التوتر يطغى على هذه العلاقة على رغم التناغم الكبير بين القاعدة القواتية والقاعدة الجنبلاطية سواء في ثورة الأرز ثم في ثورة 17 تشرين وفي حوادث متفرقة كحادث قبرشمون في 30 حزيران 2019.
بين جعجع وبري
مقابل تحالف جنبلاط وجعجع سياسيًا، تفصل بين جعجع وبري اشتباكات على الكثير من المحاور بطبيعة وقوف كل منهما في جبهة في وجه الآخر، وبحكم التصاق بري بـ "حزب الله". ولكن على رغم ذلك يبدو جوّ الود طابشًا على العلاقة بين بري وجعجع. في 24 نيسان 2024 كتب جعجع على حسابه عبر منصة "إكس": "بالرغم من كل شيء، يبقى الرئيس نبيه بري شيخ المهضومين في البلد"، وهذا لم يمنع بري من اتهام جعجع في 12 تموز بأنه ناكر للجميل. اللقاءات بين الرجلين قليلة ولكن ثمة روابط بينهما يؤمّنها كل من نائب رئيس "القوات" النائب جورج عدوان، أو زوجته النائبة ستريدا جعجع. وعلى رغم تباعدهما وخلافاتهما فهما متّهمان من قبل خصوم لهما، خصوصًا من "التيار الوطني الحرّ"، بأنّهما متحالفان من تحت الطاولة. هذا التهام لم يستثنِ حتى حادث الطيونة في 14 تشرين الأول 2021 خلال التظاهرة التي نظّمتها "حركة أمل" مع "حزب الله" نحو قصر العدل لقبع المحقِّق العدلي في قضية تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار. بالنسبة إلى جعجع يبقى بري الخيار الأفضل البديل عن "حزب الله". وبالنسبة إلى بري يبقى جعجع الخيار الأفضل البديل عن رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل والرئيس ميشال عون.
زيارة سرية إلى كليمنصو
في 14 تموز 2025 زار وليد جنبلاط نبيه بري في عين التينة. وخرج من اللقاء ليعلن أنّه "ناقش ملفات عديدة مع الرئيس بري على صعيد ملف الجنوب الذي نعتبره في أيادٍ أمينة ولن أتدخّل به". وعن الاعتداءات الإسرائيلية قال: "إما يكون هناك وقف لإطلاق نار أو لا يكون، ولست بمتشائم بشكل كبير. همّنا يشبه الهمّ الأميركي وهو الحفاظ على لبنان الكبير ونحن متمسّكون بالكيانات الحالية".
بعد تسعة أيام، الأربعاء 23 تموز، كان جنبلاط يستقبل سمير جعجع في منزله في كليمنصو. حصل هذا اللقاء من دون إعلان مسبق ولذلك كان مفاجأة لمتابعي تحركات الرجلين وطبيعة علاقتهما. ولذلك طُرحت علامات استفهام حول سبب هذا اللقاء خصوصًا أنّ جنبلاط لم يقل شيئًا بعده، أمّا جعجع فقد اكتفى بالقول: "كانت جلسة مثمرة ومفيدة من النواحي كافة ، الله يقدِّم اللي فيه الخير، خصوصًا في المرحلة التي وصل إليها البلد".
ذلك اللقاء الذي حضره الوزيران السابقان ملحم رياشي ووائل أبو فاعور لم يكن صدفة. بحسب المعلومات، كان جنبلاط أبدى رغبة بلقاء جعجع. يبدو أن التواصل حصل بين رياشي وأبو فاعور بحكم مشاركتهما لاحقًا في اللقاء. كان المطلوب التحضير له من ناحيتي التوقيت واختيار المكان تأمينًا للسرية ولأمن كل من جنبلاط وجعجع. ولكن جعجع أراد اختصار الوقت والمسافات فباغت جنبلاط بحضوره من دون إعلان مسبق. يبدو أن الموعد كان لموفد جعجع ولكن جعجع حضر معه ووصل إلى كليمنصو حيث كان جنبلاط ينتظر الموفد ويتفاجأ بوصول جعجع. سبق لجعجع أن اتبع الطريقة نفسها مع رياشي عندما حضر إلى الرابية للقاء العماد ميشال عون في 2 حزيران 2015 لإعلان ورقة النوايا بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" بحضور رياشي والنائب ابراهيم كنعان، اللذين كانا يعملان على هذا الخط الذي أسّس لتفاهم معراب في 18 كانون الثاني 2016، وفتح طريق قصر بعبدا أمام انتخاب عون رئيسًا للجمهورية.
سلام بين ماكرون وبري
يُقال إن لقاءات جنبلاط مع بري ومع جعجع هي التي فتحت الطريق أمام قراري الحكومة المتعلقين بحصرية السلاح في 5 و7 آب.
تفاهم جنبلاط وجعجع الذي جمع حوله حزب الكتائب والرئيسين جوزاف عون ونواف سلام كان معلنًا ومكشوفًا. أما الرئيس بري فليس واضحًا علنًا بعد في أي جهة يقف.
في 24 تموز زار رئيس الحكومة نواف سلام باريس والتقى على عجل الرئيس إيمانويل ماكرون الذي أبلغه أنّه لا يمكن عقد مؤتمر دولي لمساعدة لبنان وإعادة إعماره إذا لم يجر التقدم في موضوع نزع سلاح "حزب الله" لأنه مطلب فرنسي أيضًا، على رغم تفهّم فرنسا لمصاعب هذه المهمة. ونقل لسلام تخوّفه من أن ينعكس التأخّر في معالجة سلاح "الحزب" على التصويت داخل مجلس الأمن على قرار التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، خصوصًا من أميركا بضغط من إسرائيل. الموقف الفرنسي أتى مباشرة بعد زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى لبنان في 21 تموز ومغادرته لبنان موحيًا أنّ مهمّته ستنتهي إذا لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ قرار بنزع سلاح "حزب الله".
لم يعد سلام من باريس إلى منزله أو السراي، بل قصد مباشرة عين التينة ليلتقي الرئيس بري الذي كان عقد لقاء مطوّلًا مع برّاك قيل أنّه الأهمّ بين لقاءاته، وبأن كلمة سرّ جمعت بينهما. على رغم تهديدات "حزب الله" بتكرار عملية غزوة بيروت والجبل في 7 أيار 2008، انعقدت جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا في 5 آب، واتخذت القرار بحصرية السلاح. ثم انعقدت جلسة 7 آب التي تبنّت أهداف ورقة توم برّاك مع تعديلاتها اللبنانية، وهي بمثابة خطة تنفيذية لمندرجات اتفاق وقف النار، وأنهت هذه القرارات اللغط الذي كان سائدًا حول الغطاء الذي يتمتّع به هذا السلاح.
ولا طلقة ضد العدو
يرفض "حزب الله" الإقرار بأن اللعبة انتهت أو مقبلة على الانتهاء. ولذلك يهدّد ويرفض بشكل مطلق الموافقة على تسليم سلاحه. أنهى حربه ضد إسرائيل ووافق مبدئيًا على مندرجات قرار وقف النار، ويرفض أن يتنازل أمام الحكومة والجيش. يعمل على شنّ حرب بديلة ضد اللبنانيين والحكم والحكومة والجيش. يُقرّ أنّه منذ 27 تشرين الثاني لم يطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل، ولن يطلق. إذًا لم يعد معنيًّا بالردّ على الإعتداءات الإسرائيلة، فعلى من يريد أن يبسط هيمنته؟ وضد من يريد أن يستعمل سلاحه؟ وهو يبقى "مقاومة" على مين
نجم الهاشم
نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|