قعقور وسعد يقدمان اقتراح تعديل قانون الانتخابات: تعزيز الكوتا النسائية وبطاقة ممغنطة
مع انطلاق "الوكالة الوطنيّة"... هل انتهى عهد فوضى الدواء في لبنان؟
منذ عقود شكّلت الأزمة الدوائية في لبنان أحد أبرز التحديات التي تُلقي بظلالها على القطاع الصحيّ بأسره. فهذه الأزمة المُركّبة، لا تقتصر على النقص في الأدوية وارتفاع أسعارها فحسب، بل تمتدّ لتشمل خللاً بنيويًّا في نظام الرقابة، وتفشّي ظاهرة الاحتكار، وغياب السياسات الواضحة والشفافة. هذا الملفّ المعقّد الذي يُشكّل عبئًا ثقيلاً على كاهل المواطن ويهدّد سلامته وصحّته بشكلٍ مباشر، شهد تطوّراً على المستوى الرسمي.
فقد أقرّ مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة، المراسيم التطبيقيّة للوكالة الوطنيّة للدواء بعد اربع سنوات من التأخير في خطوة من شأنها تنظيم هذا القطاع ووقف التجاوزات التي تفسد على المواطن أبسط حقوقه في الحصول على الدواء الصحيح والشرعي.
يُسيطر على سوق الدواء في لبنان نظامٌ قديم يعتمد على وزارة الصحة كجهة وحيدة مسؤولة عن التسجيل والتسعير والرقابة. هذا النظام، الذي يُشكّل بيئةً خصبة للفساد والاحتكار، لم يُعد يواكب التطورات في القطاع الدوائي العالمي.
وبالتوازي مع غياب الإطار القانوني، لطالما عانى لبنان من سيطرة عدد محدود من الشركات على استيراد الأدوية، ممّا يُقلّل المنافسة ويُتيح لهذه الشركات التحكّم بالأسعار والتوافر، وبالتالي يُؤثّر سلبًا على صحة المواطنين وسلامتهم، وممّا يُهدّد حياة المرضى أيضاً، ولا سيما أولئك ممّن يعانون من الأمراض المستعصية، شُحّ في الأدوية المستوردة. وقد أدّى ارتفاع سعر صرف الدولار إلى زيادةٍ كبيرة في أسعار الأدوية، ممّا جعلها خارج متناول شريحة واسعة من المواطنين.
انطلاقاً من هذه المشاكل الثلاث، برزت فكرة إنشاء "الوكالة الوطنية المستقلة للدواء" كحلٍّ جذريّ لإعادة هيكلة القطاع الدوائي في لبنان. تُشكّل هذه الوكالة هيئةً مستقلة تُسهم في ضمان شفافية القطاع وفعاليته، وتُعزّز المنافسة، وتُوفّر الأدوية بأسعارٍ مقبولة.
أهدافها الرئيسية واضحة، أوّلها ضمان جودة الأدوية عبر تطبيق معايير عالمية صارمة لتسجيل الأدوية والموافقة على استيرادها، ممّا يُضمن سلامتها وفعاليتها.
كما تُحدّد الوكالة آليات واضحة وشفافة لتسعير الأدوية، مع الأخذ بالاعتبار الأسعار العالمية، وتهدف إلى خفض أسعار الأدوية لتصبح في متناول المواطنين.
وفي السياق، تشجّع الوكالة على دخول شركات جديدة إلى السوق، ممّا يُحطّم الاحتكار ويُعزّز المنافسة، ويُؤدّي في النهاية إلى تحسين الخدمات وخفض الأسعار.
كما تُدافع الوكالة عن حقوق المستهلكين، وتُوفّر لهم المعلومات اللازمة عن الأدوية، وتُشرف على سلامة السلسلة الدوائية من المصنّع إلى المريض.
لطالما واجه مشروع الوكالة الوطنية المستقلة للدواء تحدياتٍ كبيرة، منها المعارضة السياسية، إذ أن الخوف من فقدان السيطرة على القطاع دفع بالكثيرين عبر السنوات الأخيرة إلى إبداء مقاومة شديدة إزاء المشروع، وكان هذا الأمر أساسياً وراء عرقلة إقراره.
فضلاً عن ذلك، تحتاج الوكالة إلى ميزانيةٍ كافية لتسيير أعمالها وتوظيف فريق عمل مُختصّ ومُدرّب، كما يجب سنّ قوانين تُعطي الوكالة الصلاحيات الكاملة لأداء مهامها، وتُؤمّن لها الاستقلالية الكاملة عن أيّ تأثير سياسي.
ووفق نقيب الصيادلة د. جو سلوم، الوكالة الوطنية للدواء تعيد للمواطن والمريض حقه، وتعيد للدواء انتظام طريقة تسجيله من خلال التثبت من أنه يتم إدخال الدواء والمتمم الغذائي الجيّد حصراً.
وشرح سلّوم أنه منذ 4 سنوات، صدرت مراسيم هذه الوكالة المستقلة عن مجلس النواب، وصدرت مؤخراً عن مجلس الوزراء بعدما رفعنا الصوت والمطالبات.
وأعرب عن تمنياته بأن يتمّ تعيين أشخاص ذوو كفاءة عالية في الملف الدوائي، قائلاً: "نطالب بإعادة تسجيل كل دواء دخل إلى لبنان في المرحلة السابقة، وبالتالي سيكون المناط بالوكالة تسجيل الأدوية والمتممات الغذائية، تسعيرها ومراقبتها في الأسواق، وبهذه الطريقة تصبح الوكالة هي المسؤولة عن هذا القطاع وليس وزارة الصحة".
وختاماً، قد يكون إصلاح الملفّ الدوائيّ من أكبر وأصعب التحديات، ولا يقلّ شأناً عن الملفات الأمنية. فالحرب التي شنّها الفاسدون على المواطنين منذ سنوات على جميع الصعد، لا بدّ وأن تصل إلى نهايتها. فهل انطلاق عهد التغيير الفعلي بهدف حماية المواطنين وصحتهم؟
Lebanon 24 - زينة كرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|