لا ري ولا كهرباء وحتى السياحة اختفت… ماذا حلّ ببحيرة القرعون؟

بحيرة القرعون، البحيرة الأكبر والأهم في لبنان، والتي كانت تمثل مصدر ري المزروعات وتوليد الكهرباء للقرى المحيطة، ووجهة سياحية، تواجه اليوم أزمة غير مسبوقة.

كل هذه المزايا اختفت تقريبًا، وأصبح المشهد مختلفًا تمامًا، حيث تكشف الأرقام عن واقع مقلق.

وفق أحدث البيانات، تبيّن أن في آب 2025 وصل منسوب المياه في البحيرة إلى 838.25 مترًا فوق سطح البحر، مع مخزون مائي لم يتجاوز 54.3 مليون متر مكعب، من دون أي تصريف لنهر الليطاني أو ضخ لمياه معمل عبد العال، بينما كان الوضع في آب 2024 مختلفًا تمامًا، إذ بلغ المنسوب 849.90 مترًا، مع مخزون يبلغ 136.68 مليون متر مكعب، أي بفارق يزيد عن 82 مليون متر مكعب مقارنة بالعام الجاري.

تنعكس هذه الأزمة بشكل مباشر على إنتاج الطاقة الكهرومائية، وتشير المعطيات إلى أن معمل عبد العال كان عادة يزود الشبكة بما يزيد عن 50 ميغاوات لتغذية قرى

البقاع الغربي، جزين، راشيا، إقليم التفاح، الشوف الأعلى، وإقليم الخروب، لكنه هذا العام توقف عن الإنتاج تمامًا بسبب ندرة المياه.

كما تأثرت الزراعة بشكل كبير، فالموسم الصيفي للري في البقاع مهدد نتيجة نقص المياه الصالحة، ما يعرض المزروعات للخطر.

ولا يمكن تجاهل الأثر السياحي أيضًا، إذ أصبحت المساحات والمجمعات المائية في عنجر وشمسين والبرداوني جافة، ما يقلل من حركة الزوار ويوقف النشاط السياحي في المنطقة.

تعود أسباب هذه الأزمة إلى عدة عوامل، منها التراجع في كميات الأمطار، وسوء إدارة الموارد المائية، والتلوث الناتج عن الصرف الصحي غير المنظم، والتعديات البيئية، والضغط الكبير على الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تأثير التغير المناخي والأنشطة الزراعية المكثفة، وزيادة الطلب بسبب النمو السكاني، ونقص التوعية البيئية.

والحلول المتاحة واضحة وتشمل إدارة الموارد المائية بشكل أفضل، وتطبيق قانون المياه بدقة، وتجهيز منظومة الصرف الصحي، وتفعيل مؤسسات المياه الأربع لضمان استدامة هذه الموارد الحيوية، مع تعزيز برامج التوعية البيئية واستخدام تقنيات ري حديثة لتقليل الهدر.

بحيرة القرعون بحاجة اليوم إلى تحرك عاجل واستراتيجية طويلة المدى، لضمان استمراريتها كمورد اقتصادي وسياحي وبيئي حيوي في لبنان، إذا كان ذلك ممكنًا قبل أن يفوتنا الأوان.