حبس أنفاس في لبنان: ماذا لو قبلت إسرائيل الورقة الأميركية؟
لبنان أمام استحقاقين مهمين: الجواب الإسرائيلي على الورقة الأميركية، والتمديد لقوات الطوارئ العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل).
في الاستحقاق الأول، هدأت موجة التنبؤات حول زيارة الموفد الأميركي توم باراك، بانتظار ما سيحمله الأسبوع المقبل من ردٍّ إسرائيلي على ورقته. في زيارته الأخيرة، بدا متفائلاً أو أقل حدّة في مواقفه وتصريحاته. قبل زيارة لبنان وبعدها، توجه إلى فرنسا للقاء المسؤول الإسرائيلي، رون دريمر.
تفاؤل مشوب بالقلق؛ فبقدر ما بدت مواقفه هادئة وإيجابية، بقدر ما كان الحذر منها واجباً.
عكس باراك ارتياحاً أميركياً لإقرار الحكومة اللبنانية الورقة التي بات يتعامل معها كوثيقة تفاوضية. نال ما كان يصبو إليه. بنود أميركية مصاغة برضى إسرائيلي، خالية من أي التزام إسرائيلي، وبلا جهة ضامنة.
لقاؤه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري كان الأبرز والأهم. إذ عبّر بري عن موقف حزب الله متحدثاً باسمه. ما قاله في عين التينة عزّز الرأي القائل إن من نتائج زيارة باراك أن المهل لم تعد ضاغطة بالشكل الذي كانت عليه. أثنى باراك على إقرار الورقة من قبل الحكومة، ثم توجّه إلى فرنسا للتشاور مع الجانب الإسرائيلي بشأنها. بالتزامن، بدأت الحلحلة في موضوع غزة، حيث تسير الأمور نحو هدنة طويلة، فلا يمنع أن يتم الاتفاق على هدنة مماثلة في لبنان. ما عكسه باراك هو حرص بلاده على منع تدهور الأوضاع في لبنان، في تناقض مع مواقف دول تؤيد خيار التصعيد كسبيل لتحجيم حزب الله، والقضاء عليه سياسياً.
إشارة غريبة صدرت عن باراك في حديثه عن إيران (دورها كشريك)، ويقال إن المطلوب كان أن يكتفي بقوله هذا، من دون أن يفتح باب الأسئلة والأجوبة أمام الصحافيين.
بضع ساعات كانت كفيلة بأن تعكس ارتياحاً أميركياً حيال إقرار الحكومة للورقة. وقد وعد باراك بأن الوقت سيكون لتنفيذ ما ورد فيها بعد موافقة إسرائيل، على أن تكون الخطوة الأولى على سكة التنفيذ إسرائيلية.
الكرة باتت في الملعب الإسرائيلي، إذ لم يقدّم الموفد الأميركي ضمانات بشأن خطوات إسرائيل المستقبلية حول وقف العدوان أو الانسحاب. لكن بات واضحاً أن الجانب الأميركي كان يسعى لانتزاع موافقة لبنانية على ورقته، وهو سيعمل على تنفيذها.
بالتوازي، يعمل الأميركي مع الجانب الفرنسي، حامل القلم في الأمم المتحدة، من أجل إقرار التمديد لليونيفيل في جنوب لبنان لسنة إضافية، والسعي لإقناع إسرائيل بذلك، بشرط تخفيض ميزانية هذه القوات بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة، على أن يكون أول ضحايا التقليص وقف الدوريات البحرية. لبنان الذي ينتظر التصويت في مجلس الأمن على قرار التمديد لليونيفيل يسجل له تقصيره الفاضح في أروقة الأمم المتحدة، حيال التحشيد الدولي لرغبته بالتمديد. حيث يسجل ضعف الديبلوماسية اللبنانية وغيابها تقريباً عن دوائر القرار في الأمم المتحدة، بما يترك المجال واسعا للمندوب الإسرائيلي لإقناع الدول الأعضاء بالطرح الإسرائيلي.
وبانتظار القرار الأميركي- الإسرائيلي حيال مصير عمل اليونيفيل في لبنان، والجواب الإسرائيلي على الورقة الأميركية، يحبس لبنان أنفاسه. فإذا كان الرد الإسرائيلي سلبياً، سيتغير الاتجاه عند الجميع، إلا في حال المكابرة. وهذه ليست واردة في قاموس رئيس الجمهورية جوزاف عون الواقعي، الحريص على تفادي تدهور الوضع الداخلي. أمّا إذا كان الجواب إيجابياً، فسيُستثمر داخلياً وخارجياً للمسارعة إلى تطبيق الجزء العملي من الورقة الأميركية، وسيكون الجيش بيضة القبان. عندها ستُلقى الكرة في ملعب السلطة السياسية، في إطار تقديرها لخطورة الموقف وتداعياته وضعف إمكانيات المؤسسة العسكرية. وقد أبلغ قائد الجيش في اجتماع أمني- سياسي عقد في اليرزة مؤخراً موقفاً مشابهاً، أكد فيه أن الجيش لن يتلقف كرة النار ليجرّ البلد معه إلى صدام داخلي.
هنا أيضاً، ومع غياب الضمانات الأميركية ورفض إسرائيل الانسحاب قبل تسليم سلاح حزب الله، سيكون الخوف كبيراً من تداعيات تنفيذ الورقة الأميركية في الداخل اللبناني، إلا إذا أصرت واشنطن على تهدئة الأوضاع. عندها قد تلجأ إسرائيل إلى جولة جديدة من العدوان على أهداف محددة.
الكرة في الملعب الإسرائيلي مجدداً، ولبنان في دائرة الانتظار. وهو ينقسم بين فريق يستعد لمضاعفة الضغوط ، وفريق آخر عبّر عنه حزب الله على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم بقوله: لا تسليم للسلاح ما دامت إسرائيل تمارس عدوانها وتحتل أراضٍ، وما دام الجانب الأميركي أعجز من أن ينتزع ضمانات للتنفيذ من إسرائيل أو الالتزام.
غادة حلاوي - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|