الشرع يستجيب لضغوط واشنطن وباريس: "انفتاح" على الأقليات... ومرونة نحو "قسد"
غداة تصريحات الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، الإيجابية تجاه «قسد»، والتي جاءت عقب سريان شائعات حول عملية وشيكة ضد الأخيرة، أكّد فيها أنّ تطبيق اتفاق 10 آذار يحتاج إلى وقت يمتد لأشهر، بدأت حكومته تظهر ميلاً إلى اعتماد خطاب معتدل واتخاذ خطوات تودّد تجاه الأقليات، وهو ما تجسّد في لقاء الشرع ببطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر اليازجي، وتشكيل لجنة للمصالحة في السويداء، في محاولة لفتح قنوات اتصال مع الدروز.
ويبدو أنّ دمشق تلقّت نصائح من كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا، وعرضتها على تركيا في الاجتماع الأخير، بضرورة الانفتاح على بقية المكوّنات الشعب، والإصغاء إليها وفتح باب مشاركتها الفعلية في الحكم ومؤسسات الدولة، خاصة بعد تقرير «اللجنة الدولية» عن أحداث الساحل السوري، وبيان الأمم المتحدة حول المجازر التي وقعت في السويداء.
وأمام هذه الضغوط، يبدو أنّ حكومة الشرع توصّلت إلى قناعة بأنّ إطلاق عملية عسكرية ضد «قسد» غير ممكن في الوقت الحالي، حتى ولو بدعم برّي وجوّي تركي، وأنّ الأفضل هو اللجوء إلى الأساليب الدبلوماسية، والانتظار حتى نهاية العام الجاري، على أمل تغيّر الظروف الإقليمية والدولية. ولذلك، وبعد أن أعلنت دمشق كردّة فعل على «كونفراس مكوّنات شمال شرق سوريا»، عدم مشاركتها في أي جلسة مفاوضات مع «قسد» - في باريس تحديداً -، بسبب استضافة الأخيرة شخصيات «تحرّض على تقسيم البلاد»، عادت عن هذا التوجّه، عبر إبداء الاستعداد لاستئناف جولات التفاوض تلك.
وبرز ذلك في تصريحات مسؤول الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية، قتيبة إدلبي، الذي أكّد أنه «لم يعد هناك ما يسمّى باجتماعات باريس. والعملية في فرنسا انتهت بشكل كامل»، مستدركاً بأنّ «المفاوضات واللقاءات مع قسد مستمرّة وسنواصل لقاءاتنا في دمشق وشمال شرق سوريا»، مشيراً إلى أنّ «العملية انتقلت الآن من المحادثات الدبلوماسية إلى التطبيقات الميدانية».
والظاهر أنّ الجولات التي يقوم بها وفد دبلوماسي من وزارة الخارجية الفرنسية، على مناطق سيطرة «قسد» منذ مطلع الأسبوع، وخاصة في دير الزور والرقة، ولقاءاته مع شخصيات اجتماعية وعشائرية، أفضت إلى صيغة تفاهم لتفعيل مسار المفاوضات في الداخل السوري، لا سيّما وأنّ الجهود الفرنسية التقت مع أخرى أميركية تهدف إلى دفع دمشق نحو التمسّك بخيار المفاوضات، والابتعاد عن أي حلول عسكرية تحاول أنقرة دفعها إليها.
وأشّر على ذلك حديث ممثّلة «الإدارة الذاتية» في واشنطن، سينم محمد، عن أنّ «استقرار سوريا يمثّل أولوية للولايات المتحدة»، وأنّ «واشنطن تترك مسألة الحكم للشعب السوري». وأشارت محمد إلى أنّ «أعضاء في الكونغرس أبدوا قلقهم من الانتهاكات التي قد تطاول مكوّنات سورية كالدروز والمسيحيين والعلويين، ما يجعل رفع العقوبات عن دمشق من دون شروط أمراً غير وارد». وكشفت أنّ «عبدي وجّه رسالة إلى مجلس النواب الأميركي، حظيت بتفاعل إيجابي من نواب أميركيين»، مؤكّدة أنّ «المفاوضات مع دمشق مستمرة رغم تراجع الأخيرة عن حضور اجتماع باريس».
وأكّد القيادي البارز في حزب «الاتحاد الديموقراطي»، صالح مسلم، بدوره، أنّ «الإدارة الذاتية متمسّكة بمسار المفاوضات مع دمشق»، مشيداً بتصريحات الشرع الأخيرة، ولافتاً إلى أنه «لم يصدر أي تهديد من الشرع تجاه الكرد».
وتكشف كلّ هذه التحرّكات عن توجّه دُولي واضح للحفاظ على مسار المفاوضات بين دمشق و«قسد»، مع اعتبار اتفاق 10 آذار اتّفاقاً إطارياً يمكن البناء عليه للتوصل إلى تفاهمات شاملة، تمنع أيّ مواجهة عسكرية.
ويكشف مصدر مطّلع، لـ«الأخبار»، أنّ «هناك توجّهاً في واشنطن وباريس لتكثيف اللقاءات بين ممثّلي الحكومة السورية وقسد عبر عقد جلسات بالتناوب بين القامشلي والعاصمة»، لافتاً إلى أنّ «الأجواء تبدو أكثر إيجابية مع إبداء الطرفين استعداداً لتقديم تنازلات لدفع الاتفاق نحو التطبيق».
ويشير إلى أنّ «دمشق باتت تطرح اللامركزية الإدارية في عموم البلاد، مع إجراء انتخابات ديموقراطية للمجلس المحلّي في كل مدينة أو منطقة أو بلدة، مع الحفاظ على حق دمشق في تعيين المحافظ وقائد قوى الأمن الداخلي، وحصر السلاح بيد الدولة»، مضيفاً أنه «للمرة الأولى تطرح دمشق مثل هكذا طروحات مرنة، تتّسق مع مطالب قسد باللامركزية»، مؤكّداً أنّ «مثل هذه التوجّهات تجعل من الحوار أكثر مرونة، مع ارتفاع نسب نجاح مخرجاته».
ويلفت إلى أنّ «قسد في المقابل ناقشت مستقبل مناطق دير الزور والرقة مع وجهائها بحضور ممثّلين عن واشنطن وباريس، وربما لن تمانع دخول مؤسسات الدولة إليها، مع الحفاظ على خصوصية للحسكة»، متابعاً أنّ «قسد أبدت مرونة تجاه إدارة حقول النفط والغاز من قبل الحكومة، وهو ما يصبّ في الحالة الإيجابية العامة بين الطرفين».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|