عربي ودولي

ما هو موقف واشنطن من إنشاء جيش فيدرالي في سوريا

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كشفت مصادر أمريكية لـ"إرم نيوز" موقف واشنطن من إنشاء جيش فيدرالي في سوريا، مؤكدةً أن ظهور أي تشكيل عسكري جديد في سوريا ليس مطروحاً على أجندة واشنطن أو التحالف الدولي في الفترة الحالية.

وقالت المصادر السياسية الأمريكية إنّ التحالف الدولي في سوريا ما يزال يقيّم مؤشّرات المخاطر في الوضع الميداني، لا سيّما في سياق مكافحة الإرهاب، معتبرةً أنّ القيادة المشتركة لعملية "العزم الصلب" ما زالت تُبقي بوصلتها موجَّهة نحو حرمان تنظيم داعش وبقايا تنظيم القاعدة من حرية الحركة، إضافةً إلى الحفاظ على قدرات الشركاء المحليين.

وأشارت المصادر إلى أنّ واشنطن تضع جميع الاحتمالات في الحسبان عند التعامل مع أي تطوّرات محتملة في سوريا، بما في ذلك تفعيل عمل مجموعة مكافحة الإرهاب ضمن التحالف الدولي، والتي تعتمد على الشركاء المحليين: قوات سوريا الديمقراطية و"جيش سوريا الحرة" العامل في محيط قاعدة التنف.

أجندة التحالف الدولي
وأوضحت المصادر لـ"إرم نيوز" أنّ ظهور أي تشكيل عسكري جديد في سوريا خلال الفترة الحالية ليس مطروحاً على أجندة التحالف الدولي أو واشنطن، معتبرةً أنّ الجهد الدولي سيركّز على تثبيت المسار السياسي والتفاوضي، "حتى وإن كانت واشنطن لا تثق بعملية اندماج الفصائل العسكرية في الجيش السوري الجديد الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الانتقالية خلال الفترة الماضية".

وتابعت المصادر: "واشنطن لا ترى في مسار دمج الفصائل ضمن الجيش السوري الجديد عملية ناضجة أو مضمونة النتائج؛ إذ إنّ الدمج حتى الآن يجري على الورق أكثر ممّا يجري على الأرض، فيما ما تزال البنية القيادية مشتّتة".

رهانات ومعايير الجيش الجديد
وأردفت المصادر أنّ واشنطن تعتبر أنّ أي عملية دمج حقيقية يجب أن تمر بخطوات عملية واضحة، تبدأ بإخضاع جميع الوحدات لفحص أمني وقانوني دقيق يشمل مراجعة سجل الانتهاكات، ثم توحيد القيادة العملياتية وربطها مباشرة بوزارة الدفاع الانتقالية، إضافةً إلى وضع برنامج تدريبي موحّد يعيد تشكيل العقيدة العسكرية على أسس وطنية غير فصائلية أو أيديولوجية.

وفي ما يتعلّق بثقة واشنطن في التشكيلات العسكرية البديلة التي يمكن العمل معها لمنع الانتهاكات في المناطق السورية أو للتعامل مع أي خروقات أمنية، أوضحت المصادر أنّ الخيارات المتاحة أمام واشنطن تبقى متنوّعة، وتخضع لمحددات سياسية وعسكرية وأمنية، يتم رسمها بالتنسيق مع الدول الحليفة إقليمياً، مع استمرار التوجيه والدعم الرئيس للحلفاء المحليين على الأرض.

وأضافت: "أي دعم أمريكي لتشكيل عسكري جديد سيكون مرهوناً بتطورات ميدانية واضحة، تتمثل في انهيار أمني واسع، أو عودة تهديد تنظيم داعش بمستويات عالية، أو حدوث فراغ سلطوي في منطقة حساسة. وحتى إذا وقع ذلك، فلن يأتي الدعم إلا بعد استيفاء شروط محددة، أبرزها القدرة على الاندماج ضمن الجيش الوطني".

وبحسب ما تؤكده المصادر، ما زالت الولايات المتحدة ترى أنّ الاستثمار الأكبر يجب أن يوجَّه إلى المسار السياسي والتفاوضي، لا إلى إعادة تشكيل المشهد العسكري من الصفر. ويقتصر الدعم العسكري القائم على الشركاء الذين أثبتوا التزامهم بمعايير التحالف، وهم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) و"جيش سوريا الحرة". وأردفت المصادر قائلة: "هؤلاء الشركاء يُمثّلون أصولاً موثوقة يمكن الاعتماد عليهم في الحفاظ على الاستقرار الأمني".

في المقابل، زادت أحداث السويداء والساحل من شكوك واشنطن بشأن قدرة السلطة الانتقالية على ضبط القوات الميدانية. وبحسب المصادر، يقوم التقييم الأمريكي لهذه الوقائع على نقطتين أساسيتين: الأولى أنّ الانتهاكات تكشف ضعف منظومة القيادة والسيطرة داخل القوات، وغياب آليات المحاسبة الفورية، والثانية أنّ استمرار هذه التجاوزات يهدد الثقة الدولية ويغذي التوترات الطائفية والمناطقية؛ ما قد يعيد إنتاج بيئة عدم الاستقرار.

حسابات واشنطن 
ووفق حديث الباحث في الشؤون الأمريكية، مايكل كولمان لـ"إرم نيوز"، فإن واشنطن تركز على المدى القريب، في سوريا على إدارة الوضع الميداني بطريقة تمنع أي تصعيد مفاجئ أو اختلال أمني قد تستغله الجماعات المتطرفة.

واعتبر كولمان أن "التحركات الأمريكية في هذه المرحلة لن تكون موجهة نحو بناء ترتيبات استراتيجية بعيدة المدى، بل نحو ضمان استمرار السيطرة على استقرار الأوضاع الميدانية والحفاظ على الشركاء المحليين في حالة جاهزية عالية". 

خطط واشنطن
وأضاف "واشنطن لا تبني استراتيجيتها الحالية على خطط توسع عسكري أو دعم تشكيلات جديدة، بل على تثبيت البنى القائمة وتحسين كفاءتها، مع الاحتفاظ بخيار التدخل الانتقائي إذا فرضت الظروف ذلك. هذا النمط من الإدارة العسكرية-الأمنية يعكس ما يمكن تسميته بـعقيدة الضبط والتحكم عن بعد، التي تهدف إلى مراكمة النفوذ بأقل تكلفة بشرية وسياسية، والحفاظ على مسار مكافحة الإرهاب كغطاء شرعي للوجود العسكري في سوريا".

ويتمثل الهدف الآني ميدانياً للولايات المتحدة وفق كولمان في منع حدوث أي فراغ أمني أو اضطراب واسع يجبر واشنطن على إعادة النظر في أولوياتها، مع إبقاء قرارات مثل تشكيل قوات جديدة أو إعادة هيكلة موسعة مؤجلة إلى حين الحاجة أو تطور الأوضاع الميدانية.

 بناء مؤسسات قوية
في حين ترى الولايات المتحدة أن ضمان الاستقرار في سوريا لا يمكن تحقيقه فقط عبر إعادة توزيع القوة العسكرية، وإنما عبر بناء مؤسسات سياسية قادرة على إدارة الدولة بكفاءة وتوافق داخلي. لذلك، توجه واشنطن الجزء الأكبر من جهودها نحو دعم العملية السياسية، وصياغة ترتيبات دستورية دائمة. هذا النهج بحسب كولمان يهدف إلى معالجة جذور الصراع بدل الاكتفاء بالتعامل مع نتائجه العسكرية. 

وفي الوقت نفسه، يتم الإبقاء على الدعم العسكري في حدوده الدنيا، لضمان استمرار الشركاء الموثوقين في الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار الأمني الضروري لإنجاح المسار السياسي.

في المقابل تدرك واشنطن أن أي تغيير في الموقف العسكري داخل سوريا يجب أن يأخذ في الاعتبار شبكة المصالح والتفاهمات مع الحلفاء الإقليميين. لهذا، تتم صياغة السياسات بالتنسيق الوثيق مع هذه العواصم، سواء في ما يتعلق بتوزيع أدوار الدعم اللوجستي والعسكري، أو في إدارة الضغوط السياسية.

وأضاف كولمان "هذا التنسيق يهدف إلى تجنب أي خطوة قد تخلّ بالتوازنات الإقليمية أو تفتح مجالاً لتدخلات مضادة من قوى منافسة مثل روسيا أو إيران. النتيجة هي أن القرار الأمريكي بشأن دعم أو تشكيل أي قوة جديدة يخضع دائماً لمعادلة إقليمية أوسع، وليس فقط لمتطلبات الميدان السوري المباشر"، وفق قوله.

 

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا